الرأي

عيد الكبش

عمار يزلي
  • 2737
  • 6

الحديث،‮ ‬كل الحديث هذه الأيام عن‮ ‬غلاء المواشي‮ ‬في‮ “‬المراشي‮”‬،‮ ‬وارتفاع ثمن أضحية العيد‮.. ‬من جديد‮! ‬كل سنة نفس الأغنية ونفس القصة ونفس الحكاية بتفاصيلها المملة‮! ‬وكأنه لا‮ ‬يوجد أغلى من‮ “‬كبش العيد‮”! ‬وكأن الناس لا‮ ‬يشترون النار بالسعير‮! ‬وكأن السيارة،‮ ‬و”البعرة‭-‬‮ ‬بول‮”‬،‮ ‬والتلفاز الرقمي،‮ ‬و”الآيباد‮” ‬و”السمارت فون‮”‬،‮ ‬من لوازم الحياة والشغل،‮ ‬حتى لو‮ ‬غلت‮. ‬لكن عند الأضحية،‮ ‬يصبح الكبش‮ ‬غاليا جدا،‮ ‬و”حرام‮” ‬أن تشتريه بهذا المبلغ‮ (‬مع أنه موجه،‮ ‬مهما كان سعره،‮ ‬إلى الله‮!). ‬ليس هذا لكي‮ ‬أبرر به أسعار المواشي‮ ‬في‮ ‬المراشي‮ ‬ولا راش ولا مرتش،‮ ‬من‮ ‬يقعد حين‮ ‬يجلس،‮ ‬ويجلس حين‮ ‬يمشي‮! ‬وإنما أنتقد سلوكاتنا نحن‮ “‬كمسلمين محترفين‮”!: ‬نشتري‮ ‬بالغلاء التوافه،‮ ‬ونزهد ونتأفف من سعر‮ “‬قربان الله‮”.‬

نمت على هذا الواقع،‮ ‬لأجد نفسي‮ ‬أفعل ما أنتقده‮! ‬فأنا كيفي‮ ‬كيف الناس‮! ‬كلنا‮ “‬كيف‮.. ‬كيف‮” ‬وزطلة وشيرة‮…!‬

نمت لأجد نفسي‮ ‬وقد استهلكت ماهيتي‮ ‬الشهرية،‮ ‬ما تقدم منها وما تأخر‮! ‬حيث لا‮ ‬يزال‮ “‬كريدي‮” ‬السنة الماضية ماضيا في‮ ‬إثمه،‮ ‬ساريا في‮ ‬وقعه،‮ ‬ماشيا في‮ ‬عيبه،‮ ‬بعدما سلفت لكي‮ ‬أقضي‮ ‬نصف شهر في‮ ‬تونس‮! ‬وجاء العيد،‮ ‬وليس بين‮ ‬يدي‮ ‬نقود‮! ‬النقود ذهبت إلى تونس‮.. ‬والعيد سيأتي‮ ‬العام المقبل من جديد‮! ‬واللحم موجود‮! ‬وإذا لم تعيد بكبش،‮ ‬فسيأتيك الناس بكبشين عندما‮ ‬يعلمون أنك لم تعيد‮! ‬حدث هذا معي‮ ‬مرارا،‮ ‬حتى صرت أجمع من اللحم كبشين‮!‬

أبنائي‮ ‬مع ذلك‮ ‬يريدونني‮ ‬أن أذبح،‮ ‬لكني‮ ‬قلت له‮: ‬ذبحت لكم‮ ‬15‮ ‬يوما في‮ ‬تونس‮! ‬العيد نزهد فيه هذا العام،‮ ‬لكي‮ “‬نحوس العام الجاي‮”! “‬الفاكانس فرض عين،‮ ‬والعيد سنة مؤكدة‮”! ‬مع ذلك،‮ ‬ذهبت واستلفت مبلغا من‮ “‬نسيبتي،‮ (‬لا أرده إلا على جثتي‮!) ‬واشتريت خروفا لا تتعدى سنه شهرين متتابعين‮! ‬ثم إني‮ ‬اشتريته‮ “‬أوكازيو‮”.. ‬من‮ “‬الشيفون‮”! ‬كان حجمه حجم قط البيت أو لعله أصغر‮! ‬لما أدخلته حاملا إياه بين كفي،‮ ‬قالت لي‮ ‬زوجتي‮: ‬مزية جبت لي‮ “‬بونجا‮” ‬باش نغسل لمواعين‮.. ‬ارمها هناك في‮ ‬الصابون فوق البوطاجي‮! ‬المرأة لم تعرف أن‮ “‬الإسفنجة‮” ‬هذه إياها،‮ ‬كانت هي‮ ‬كبش العيد،‮ ‬الذي‮ ‬منه نشوي‮ ‬ومنه نقلي‮ ‬ونفور ونطهي‮! ‬بات تلك الليلة نائما في‮ ‬حذائي‮ (‬ألبس‮ ‬52‮!) ‬وأغلقت عليه الباب خوفا من أن‮ ‬يلتهمه القط‮!‬

ما نيش عارف واش‮ ‬يفوت للعيد وإلا لا‮… ‬لكني‮ ‬أعرف أن لحمه‮ ‬يفوت‮ ‬غاية‮.. ‬خاصة وأن سعره لا‮ ‬يرد‮!‬

وأفيق بعدما نطحت برأسي‮ ‬الأصلع باب الماريو‮… ‬حتى قلت بععععع‮!‬

مقالات ذات صلة