الرأي

عيد 11 سبتمبر الحقيقي

الأرشيف
الرئيس الأمريكي باراك أوباما

تصرّ الولايات المتحدة الأمريكية، على أن تذكّرنا، مع حلول الحادي عشر من سبتمبر من كل عام، بالدموع التي ذرفتها، ذات هجوم، على أبراجها المتعالية في بنيانها، منذ خمس عشرة سنة، من دون أن تقرن الحادثة، بما غيّرته هي تاريخيا وجغرافيا في العالم الإسلامي، بعد أن محت دولا من الوجود، في صورة فلسطين وأفغانستان والعراق، وما هي ناوية فعله في بقية الدول من ليبيا إلى سوريا من دمار وتخريب، وتصرّ على أن تُلصق تهمة ألمها بالمسلمين، رغم أن الأمريكان قبل غيرهم، صاروا يعترفون صراحة بأن القاعدة وبعدها “داعش” من صناعة أمريكية خالصة made in usa.

يحدث هذا في الوقت الذي يتزامن الحادي عشر من سبتمبر الحالي، مع أكبر تجمع للمسلمين في مشعر عرفات، الذي يجمع قرابة ثلاثة ملايين حاج، من قرابة مائتي دولة بألوانهم وألسنتهم ومذاهبهم المختلفة، بلباس وهدف ونحر واتجاه واحد، وخلفهم ما يزيد عن مليار موحّد أو صائم، يعلنونها في الحادي عشر من سبتمبر 2016، تلبية للمنادي الأول، لأهمّ وحدة في تاريخ البشرية، التي عرفت في العقود الأخيرة، عمليات تشويه غير مسبوقة للدين الإسلامي، شاركت فيها كل الأمم، بما فيها المنتمية للدين الإسلامي، فصارت مِعولا في يد الولايات المتحدة الأمريكية تهدم به حينا ذاكرة الأمة في حضارتها العباسية، وأخرى ذاكرتها في حضارتها الأموية، وتتمكن في لمح الحدث، من زرع فتنة، صارت تقسم الأمة إلى شيع وقبائل، لا تتوقف عند حافة الاختلاف والتنابز والتكفير، بل وصلت إلى سفك الدماء، وتحقق لأمريكا ما كانت تطمح إليه، وهو مسح الآخر بالآخر، بعد أن سمّاهم محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين، وجمعهم في ملتقى كبير وفي يوم عظيم لشعيرة جامعة، فارتضوا لأنفسهم سبيلا آخر، وافتخروا بأسماء أطلقوها على أنفسهم بين شيعة لعلي وأهل البيت، وسلفيين ومدخليين تابعين لـ”الصالحين”، وهم في حقيقتهم يعملون لخدمة هذه الدولة، التي تحتفل بخلافاتهم وقتلهم بعضهم لبعض، وليس بألمها، في كل حادي عشر من سبتمبر.

أما آن لهذه الأمة، التي فرض عليها الله، أن تكون خير ما أخرِج للناس، أن تقدم نفسها للعالم، كما في أيام الحج، واقفة كرجل واحد، بلباس ولسان واحد، أما آن لها أن تنحر بسكين واحد، وترمي بحجر واحد، وتطوف وتسعى في كل العلوم والمعارف كرجل واحد.. أما آن لها أن تحوّل هذا المشهد الباهر، إلى أسلوب حياة، يجعل هذا الذي يحتفل بالحادي عشر من سبتمبر، وهو يرميها زورا بالضلال والتخلف، يستحي من نفسه.

ستبقى أمريكا، وهي الباحثة عن تاريخ وأمجاد قديمة، تحتفل بذكرى الحادي عشر من سبتمبر، بهدم ما تمتلكه بقية الأمم من تاريخ وأمجاد، إلى أن تحوله إلى عيد جديد فيه من الوقفات والسعي والنحر، وستبقى الأمة الإسلامية ضائعة تفقد بين الحين والآخر، دولة، إلى أن تتآكل، ما لم يعرف العالم، ما حدث فعلا في الحادي عشر من سبتمبر 2001 في أمريكا، وما حدث فعلا في الحادي عشر من سبتمبر 2016 في البقاع المقدسة.

مقالات ذات صلة