الرأي

عَلمُكم ليس أقدس من ديننا

حسين لقرع
  • 1729
  • 4

يحقّ للرئيس الفرنسي فرانسوا هولند أن يثور على حرق علم بلاده في عدة بلدان تظاهر فيها الناسُ لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ووقعوا في تجاوزات غير مقبولة؛ فإضرامُ النار في أعلام الدول، أو حرق الكنائس كما حدث بالنيجر، هي مناكر مرفوضة ومسيئة إلى سمعة المسلمين، وكان بالإمكان عدم الوقوع فيها والاكتفاء بالتنديد بإساءة الجريدة الفرنسية المارقة.

لكن لا يحقّ للرئيس الفرنسي أن يصرّ على إهانة دين مليار ونصف مليار مسلم حينما يصف مظاهرات بعضهم ضد الجريدة المارقة بأنهامعادية للحرية؟ونرفض إصرارَ الغرب على أن ازدراء نبي الإسلام وإهانتهحرية تعبيرينبغي للمسلمين أن يتقبّلوها، فقد تظاهر الملايين منهم في عام 2006  في مختلف أنحاء العالم الإسلامي احتجاجاً على قيام مجموعة من الصحف الأوروبية بإعادة نشر رسوم نشرتها جريدة دنماركية في سبتمبر 2005. وحينما تجدّدت الإهانات بحق الإسلام، تجدّدت الاحتجاجات، ليؤكّد المسلمون للغرب أن ازدراء نبيّهم الكريم ليس لعبة، وأنهم لن يقبلوا الأمرَ أبداً، ولن ينجح الغرب في حملهم على قبول الأمر الواقع بطريقةالتكرار والتقادمالتي يتّجه إلى ممارستها على مقدّسات المسلمين.

ويبدو أن فرنسا مصرّة فعلاً على معاداة مسلمي العالم قاطبة، وإلا ما معنى أن يصرّح هولند قائلاًإذا كان هناك من إشادة نوجّهها لشارلي إيبدو فهي ضرورة الدفاع في كل مكان عن حرية الصحافة وحرية التعبير والعلمانية؟، متى يفهم الفرنسيون أنهم ليسوا أحراراً في ازدراء نبينا واحتقار ديننا وسبّنا، مثلما لسنا أحراراً في حرق علمهم؟ ثمّ ما معنى قول هولند إنّ رسامي شارليأرادوا بكل بساطة أن يتمّ تفهّم جرأتهم كشكل من أشكال التسامح واحترام جميع المعتقدات؟، ما هذا الكلام الغريب والمتناقض: كيف يكون إهانة الرسول صلى الله عليه وسلماحتراماًللإسلام؟

المشكلة أن رسوم الصحيفة المارقة ليست فعلاً معزولاً قام به رسامون لا يكترثون بحرمة الأديان، بل إن الدولة الفرنسية تبنّتها من خلال دعم هذه الصحيفة مالياً ومساعدتها على طبع 5 ملايين نسخة الأربعاء الماضي وتوزيعها في 20 بلداً بـ16 لغة، ثم دعمها بالتصريحات الرسمية؛ فبعد تصريح وزيرة العدل الفرنسية التي قالت إنهمن حق الفرنسيين رسم الأنبياء والسخرية من الأديان؟، جاء الرئيس هولند ليشيد برسوم الصحيفة المارقة ويعتبرهاجرأةوعنوانحرية تعبير ينبغي الدفاع عنها في كل مكان؟

 

فرنسا لن ترعوي ولن تتراجع مادام على رأس البلدان العربية والإسلامية أنظمةٌ حريصة على أن تضمن لها ديمومة مصالحها، وعلى الشعوب أن تأخذ زمام المبادرة بنفسها كما حدث في عام 2006 وتقاطع البضائع الفرنسية مثلما قاطعت البضائع الأسكندنافية؛ فالمساس بجيوب الفرنسيين ومصالحهم المادية هو وحده ما يجبرهم على مراجعة مواقفهم واحترام ديانات الآخرين، وإذا كان عَلمُهم مقدّساً لا يجوز حرقُه ويجب معاقبة من يفعل ذلك، كما قال هولند، فإن ديننا أكثرُ قداسة منه، وعلى المسلمين في مختلف أنحاء العالم أن يعرفوا كيف يدافعون عن دينهم بطرق سلمية أكثر فعالية من المظاهرات والتنديدات.   

مقالات ذات صلة