الرأي

غول..!

جمال لعلامي
  • 5679
  • 20

“يا جماعة، غول راهو غول تاع الصحّ في الخدمة”.. هكذا قالها وبالفمّ المليان، أبو جرة سلطاني، عندما كان وزير الأشغال العمومية السابق وزيرا ومناضلا وإطارا في حركة مجتمع السلم، لكن اليوم يبدو أن غول تحوّل إلى “غول” يُرعب قياديين في حركة الراحل محفوظ نحناح، خاصة بعدما بدأ التحضير الفعلي لميلاد “تاج” كحزب جديد!

الذي يجري داخل حركة مجتمع السلم، لا هو بالظاهرة الصحية، ولا بالمرضية، وإنـّما هو نتاج خلافات وصراعات انتهت بالهوشة حول المشاركة في الحكومة من عدمها، ولم يكن خافيا الصراع بين سلطاني وغول بعد تشريعيات العاشر ماي، بهذا الشأن الذي قصم ظهر حمس وجعلها بلا حسّ وهي الآن تواجه النحس وتعسّ وتنعس وبسّ!

نعم، مثلما نجح تيار يقوده سلطاني و”حاشيته” داخل حمس في فرملة التحالف الرئاسي، وفي تعطيل تشكيل الحكومة، فإن غول وجماعته نجحوا في تفجير حمس التي فقدت عصاها الضاربة وأضحت كمن يضرب الريح بالعصا!

لقد نجح غول في أن “يشلخ العُرف” بسلطاني، وخاصة تلك الوجوه القيادية التي كانت تعبّد الطريق وتخطط لاستخلاف أبو جرة، الذي كسرت التشريعيات الجرّة فوق رأسه، نتيجة تطليقه للتحالف الرئاسي وارتمائه في أحضان تكتل أخضر أخرج حمس من المولد بلا حمّص!

قديما قالوا: “ألـّي باعك بالفول بيعو بقشورو”، والآن غول يبيع سلطاني بقشور الفول، بعدما باعه أبو جرة بالفول ومنعه من المشاركة في الحكومة، وجعله مجرّد نائب، بعدما أحرز عددا من المقاعد في العاصمة أكثر ممّا جمعه تقريبا التكتل في كلّ الولايات خلال التشريعيات!

تبيّن الآن أن سلطاني “لعب بالنار”، عندما قرّر الخروج من التحالف ودخول “خضراء” سوّدت عليه أيامه، ولم تكسبه حتى تعاطف القياديين وتضامن المناضلين بالرغم من الهالة و”الغبّارة” التي أثارتها قبيل البرلمانيات، خاصة بعدما صرّح خلال الحملة أن التكتل شرع في تشكيل الحكومة الجديدة!

لقد ضيّعت حمس التحالف والبرلمان والحكومة، وضيّعت غول ومعه مجموعة كبيرة من قيادات هيئة الأركان، بعدما خسرت إرث الراحل نحناح رحمة الله عليه، وضيّعت ثقة عائلته وأرملته التي اتهمت قيادة حمس بـ”تجويعها” من خلال توقيف أجرها ونكران الملح والخير!

لم تتوقف الهزات الارتدادية للزلازل التي هزّت حمس، حتى اندلع تسونامي يكاد يُغرق رصيدها وأسهمها، فما تواجهه اليوم، هو أخطر بكثير ممّا واجهته عندما تمرّد وزير الصناعة السابق، عبد المجيد مناصرة، الذي أسّس حزبا من ضلع حمس، لكنه باء بالفشل المبين في الانتخابات الأخيرة!

قد يتوقع بعض العرّافين لغول نهاية مستنسخة لنهاية مناصرة، لكن كلّ المؤشرات والمعلومات تؤكد أن لجوء غول إلى شقّ عصا الطاعة، ليس سوى الشجرة التي تغطي الغابة، وما هو إلاّ الذائب من جبل الجليد!

من بين السيناريوهات المستترة والمبنية للمجهول، أن “تاج” غول سيكون بديلا لعرش حمس داخل الحكومة والبرلمان وضمن التحالف المقبل، وفي إطار لعبة التوازنات المتعلقة برئاسيات 2014، بعدما ثبت أن الذي يجري داخل حمس، هو عقاب لها على عصيانها غير المبرّر، وتأديب لشيخها الذي حاول تحويل مسار رياح “الربيع العربي” وليّ عنقها بما يخدمه وينصبه زعيما للإسلاميين في الجزائر!

الآن قد تـُفتح ملفات الفساد التي هدّد وتوعّد وغرّد أبو جرة، بكشفها في حال رماه خصومه بمثلها خلال الحملة، والآن قد تـُرفع السرّية وواجب التحفظ عن “الديوان الأسود”، والآن فقط يتضح جليا أن سلطاني ليس “مادام صولاي” بعدما تحوّل حلم “الغول” إلى كابوس!

مقالات ذات صلة