الرأي

“غيوم” في إمبراطورية “هارون الرشيد”

لسيد مولود حمروش قال إنه لن يترشح للرئاسيات إذا تقدّم النظام بمرشحه، والسيد أحمد بن بيتور استشرف بأن النظام حتى وإن لم يترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فسيبحث عن مرشح آخر لضمان استمراره، وعبد الرزاق مقري قال بأن النظام الحالي هو أكبر خطر على البلاد، والسيد علي بن فليس أصرّ على أنه لم يتقدم للرئاسيات كرجل أو كظل للنظام، والذي يستمع لهؤلاء وللكثير من الذين يتحدثون عن المقاطعة أو يقدمون أنفسهم للناس في صورة معارضة، لا يفهم عن أي نظام يتحدث هؤلاء، خاصة أن النظام الحقيقي، الذي يُسيّر البلاد هو الذي أخرج سيناريو الحكم والمعارضة، وقدّم هؤلاء على مسرح السياسة، فمنحهم البطولة حينا، ودور”الكومبارس” أحيانا أخرى، ثم حوّلهم إلى مقاعد المتفرجين، بل إن بعض الذين يقولون بأنهم لن يتقدموا للترشح ما دام النظام يصرّ على مرشحه، كانوا لبِنة في بناء هذا النظام الذي يحكم الجزائر منذ عقود..

 وإذا كان يقال في السياسة بأن الحكم يضعف كلما ضعفت المعارضة، فإن الحقيقة أيضا تختفي إذا أصرّ الخطّاؤون على أنهم كانوا ومازالوا معصومين من الخطأ، والحوارات التي تتفضل بها الصحف الجزائرية وقناة الشروق تي في بالخصوص مع بعض رجالات السياسة الذين يقدمون أنفسهم كمعارضة وكمتبرئين من النظام، تؤكد أننا مازلنا ندور في حلقة مفرغة، لأن الذي يخفي الظلام الذي ساهم في تخييمه في سنوات سابقة، لا يمكن أن ننتظر منه النور في المستقبل القريب، وبقدر ما كان النظام ديكتاتوريا ومتشبثا بالسلطة كما يقول هؤلاء، بقدر ما كان الذين قدموا أنفسهم كمعارضة، سائرين على نهجه ومغازلين له، ويستوي في ذلك الذين ارتضوا أن يكونوا أرانب سباق تفتح الطريق أمام البطل الحقيقي، والذين يطالبون بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، فيتكلمون أكثر من المترشحين في السباق الأخير، ويطبّلون ويزمّرون لعرس لم ينطلق بعد، ولعريس لم يرتد بدلته ولا ربطة عنقه بعد.

أحد الصحافيين قال إن مُرشحا للرئاسيات، اشترط قبول إجراء حوار معه، إذا لم يخرج عن دائرة يرسمها بنفسه، ووضع خطوطا حمراء على بعض المواضيع التي تحرجه، ورفض أن يصدر حواره إلا بعد أن يقرأه بنفسه ويصحح ما يراه هو خطأ، وعندما نصل إلى هذه الدرجة من الضبابية لدى المعارضة فلا يمكننا أن ننتظر سوى الزمهرير من النظام.

والذين يقولون بأن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون نزيهة وقابلة حتى للمفاجئة بالرغم من وجود الرئيس ضمن المتسابقين، قد يكونوا صادقين، لأن النظام في كل الأحوال سيبقى الحاكم الوحيد، وهو لا يختلف عن حال الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد، الذي نظر مرّة في السماء، فوجد غيوما كثيفة فترجّاها أن تروي أرض بغداد العطشى، وتملأ نهري دجلة والفرات، ولكنها انسحبت بعيدا عن ناظره، وكانت امبراطورية الإسلام قد مدّت جسدها نحو الهند والمغرب وأوربا، فخاطب هارون الرشيد السحب باعتزاز:”أيتها الغيوم إمطري حيث شئت، فإن خراجك عائد إليّ”، الفارق الوحيد أن هؤلاء ليسوا غيوما تمنحنا خراجا، ولا النظام هارون الرشيد؟

مقالات ذات صلة