فارق المستوى بين الزوجين .. هل يكون مقبرة للزواج؟
تغير واقع الزواج، فالباحث عن الارتباط أيامنا هذه تطول لديه قائمة الشروط والمواصفات التي يحددها لتتوفر في الشريك الذي يسير معه رحلة العمر، وعادة ما تكون الأخلاق والمال والجمال مبحثه، بل إن شبابنا راح يبحث عن من يجاريه في مستواه العلمي والثقافي، وكأن وعيا بمخلفات هذا الفارق راح ينتشر بشكل رهيب، انطلاقا من التجارب الواقعية والدراسات الاجتماعية، التي تأكد على أن التوافق الفكري هو أهم سبيل يؤدي بالزوجين نحو الانسجام والتفاهم والتصدي لعقبات الحياة، باستثناء بعض التجارب النادرة التي تتجاوز هذه النقطة، فيتمكن فيها الطرفان من تحقيق التوافق والعيش بهدوء بتسيير الحياة الأسرية المشتركة بناء على الوعي الاجتماعي، والسعي المتواصل لغلق كل الفجوات العاطفية، إلى جانب احترام توجهات وإمكانيات الطرف الآخر.
عندما يصبح الحوار مستحيلا
لا تخلو علاقة زوجية من الخلافات، أين يجمع الأخصائيون وأصحاب التجارب على أن الحوار هو الأسلوب الأمثل للتخلص من سوء الفهم، وهو السبيل الأقصر لتجاوز الأزمات، وهنا تظهر أهميته البالغة لاستمرار هذه العلاقة، وليبلغ الحوار غايته، عليه أن يستوفي شروطه في أن يتبادل الزوجان وجهات النظر بهدوء وثبات، وأن تتوفر البيئة المناسبة للفهم والاحتواء، وهذا الأمر لا يتحقق في كثير من الأحيان إلا إذا كانت التوجهات واحدة وإمكانية التقبل واردة، لهذا يحدث أن تتفاقم المشاكل والنزاعات بين بعض الأزواج الذين لا يحسنون تفهم آرائهم المتبادلة، علي تاجر أثاث 44 سنة، أوقف دراسته أيام الابتدائية لأسباب مادية، ثم توجه لتعلم نجارة الخشب، ومع الوقت إلى تجارة الأثاث المستورد، يتحسر على طلاقه طبيبة أمراض الرأس: “لا أنكر أنني كنت أعنفها أحيانا ولكن هذا لم يكن أبدا بسبب غيرتي من منصبها ولا بسبب مركب نقص كما يعتقد المقربون، وإنما كرد فعل لتجاوزاتها، كانت تشتمني باستمرار وتدعي علمها بكل صغيرة وكبيرة تتهمني بجهلها، حياتنا لم تكن تطاق، لأنها تسير بمقودها كونها الطبيبة وأنا التاجر البسيط..”.
تنشئة الأطفال إختبار تطبيقي لمدى وعي الزوجين
تتسم العلاقة الزوجية عاد بالحساسية والتعقيد نتيجة الاحتكاك الدائم والتفاعل المستمر بين الطرفين، بحكم العيش معا، ما يعزز من إمكانية وقوع مشكلات ومواقف اجتماعية بشكل دوري، خاصة في حال وجود أطفال في طور التنشئة، تحتاج رعايتهم إلى استعراض التوجيهات والمبادئ التي تعكس نمط تفكير الزوجين وأسلوب تعاملهما مع الأحداث، حسان متحصل على ماجستير في الاتصال، عمل كمدير للموارد البشرية بمؤسسة للخدمات الهاتفية، أين تعرف على أم أبنائه راقنة بمستوى المتوسط: “كنت سعيدا جدا في بداية زواجي بها، الأنثى التي كانت تشارف الثلاثين، في أوج أناقتها، لكن الحياة سرعان ما بدأت تتحول إلى جحيم ممل بعد الإنجاب، لم تكن تعرف كيف تعتني بي وبصحة صغيرها ولا حتى بنفسها، كانت صدمتي تزداد عمقا كلما اصطحبنا الصغار إلى الطبيب فأضطر أنا لحفظ أدق التفاصيل، لأنها لا تفقه توجيهاته، وأدرس ابنتي، لأن والدتها لا تفهم في البرنامج الجديد، وأزداد غصة حين أهملها دون قصد فتقابلني بالمثل..”.
هكذا تعوضين نقص كفاءتك العلمية لإنجاح زواجك
يعتقد البعض أن المرأة لا تقاس بالعلم، وأن شهادتها في الحياة هي التجارب، والخبرات التي تمكنها من رعاية بيتها وأطفالها والحفاظ على زواجها، وان الفرق بين الزوجين ليس دائما سلبيا، كما تؤكد الأخصائية النفسية بوديلمي سعاد انطلاقا من قواعد الاتصال في العلاج الأسري، أن هناك نوعين من العلاقات الزوجية، الأولى متكاملة وتخضع للالتزام العلائقي، أي قد يعرف طرف أمرا يجهله الآخر فيعلمه ويكمله لإحلال التوازن، أما الثانية فتكون علاقة مضادة يسعى فيها الطرفان للصعود والتميز وتكون دائمة الصراع، قد تفضي إلى الطلاق، ما يجبر الطرف الأقل مستوى وعادة ما يكون الزوجة إلى تبني أساليب لتجاوز عقدة الفارق، بالبحث عن نقاط قوة أخرى تتكفل بإحداث التوازن الضروري في علاقتها بالزوج المتفوق عليها علميا، كاحتوائه عاطفيا، والاجتهاد لتوفير حياة هانئة، والإنصات والتحلي بالتفهم لتتعلم منه بدل الدفاع العقيم عن أفكارها الخاطئة.