-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فتاوى وتهديداتٌ

حسين لقرع
  • 1035
  • 0
فتاوى وتهديداتٌ

مع اقتراب انتخابات 17 أفريل، تتزايد المؤشرات الدالة على أن الانتخابات ستكون مغلقة ولن تختلف نتائجُها عن نتائج المواعيد الانتخابية السابقة.

وزير الشؤون الدينية غلام الله يصدر “فتوى” تحرّم مقاطعة الانتخابات وتعتبر المقاطعين “غشاشين وآثمين؟” لكن الوزير لم يبيّن لـ38 مليون جزائري ما هو الحكم الشرعي في “إدمان” النظام القائم تزوير الانتخابات وسرقة أصوات الشعب منذ 16 نوفمبر 1995 إلى الآن؟ هذا إذا تغاضينا عن فترة الأحادية.. هل تزويرُ نتائج الانتخابات بغية الخلود في الحكم حلالٌ أم حرام؟ وهل الحكم الحالي ديمقراطيٌ صالح أم يشبه المُلك العَضوض؟

أمّا الأدهى من فتوى البلاط، فهو تصريح والي العاصمة زوخ الذي هدّد فيه سكانَ الأكواخ القصديرية في العاصمة بالحرمان من حقهم الدستوري في الحصول على سكنات لائقة، إذا رفضوا الانتخاب الخميس المقبل.

المعروف قانوناً أن الانتخاب حق، والمواطن حرّ في ممارسة هذا الحق أو الامتناع عنه دون أن تترتب على ذلك أيُّ عقوبة، ولكن السلطة الشمولية لا تتورع عن ممارسة وسائل غير قانونية لإكراه المواطنين على الانتخاب حتى ولو كانوا يؤمنون بعبثية هذه الانتخابات وعدم جدواها كآلية للتغيير بعد أن جرّبوها مراراً طيلة عقدين من الزمن دون أن يُفضي ذلك إلى حدوث أي تغيير يُفضي إلى تداولِ الحكم.

كنا نعتقد أنّ هذا الممارسات التعسّفية التي برزت بقوة قبل رئاسيات نوفمبر 1995 من خلال الضغط على المواطنين لاستصدار بطاقات الناخب بهدف تكسير نداءات المقاطعة التي رفعتها مجموعة “العقد الوطني” آنذاك، قد ذهبت إلى غير رجعة، ولكن والي العاصمة أحياها من جديد، وبعث ضمنياً رسالة إلى سكّان القصدير في كل أرجاء الوطن بأنهم سيقبعون في أكواخهم البائسة طيلة حياتهم إذا مارسوا حقهم في مقاطعة الانتخابات.

والواضح أن السلطة مرعوبة من إمكانية حدوث مقاطعة شعبية استثنائية للرئاسيات القادمة، وبشكل يصبح معه تضخيمُ نتيجة المشاركة مفضوحاً للجميع، ما يجعل شرعية فوز بوتفليقة بعهدة رابعة محلّ شكوك وطعون قوية في الداخل والخارج؛ فالانتخابات التي قد تستقطب نحو 5 إلى 6 ملايين ناخب فقط من مجموع 22.8 مليون ناخب، ويفوز فيها بوتفليقة بنحو 3.5 إلى 4 ملايين صوت مثلاً، ستبدو للعيان بأنها انتخاباتٌ فاشلة، وسيظهر دعاة المعارضة بأنهم حققوا فوزا كاسحا على السلطة، حتى وإن نجح مرشحُها في افتكاك عهدة رابعة، ولذلك أصبحت السلطة تحثُّ الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع وتغريهم تارة بسكنات “عدل” والخدمة الوطنية وصندوق المطلّقات وغيرها من الخدمات والوعود، وتهدِّدهم تارة أخرى، بغية تحقيق نسبة مشاركة شعبية تتعدى 50 بالمائة على الأقل حتى تفتكّ العهدة الرابعة في أجواء مريحة.

ومن سوء حظ السلطة أنها لم تستطع تجنيد الكثير من الأنصار كما حدث في حملتيْ رئاسيات 2004 و2009، بل إن منشطي حملتها تعرّضوا إلى الكثير من العنف والمضايقات والصدود في مختلف مناطق الوطن والمهجر، وهذا مؤشرٌ لرفض السلطة ولإمكانية حدوث مقاطعة شعبية واسعة لانتخابات الخميس المقبل، قد تدفعها إلى مراجعةٍ عميقة لأساليبها وممارساتها الشمولية، وتقرّر، بالتوافق مع المعارضة، الذهابَ إلى مرحلة انتقالية يتمّ فيها وضعُ أسس انتقال ديمقراطي حقيقي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!