-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرصةٌ استراتيجية للعالم الإسلامي!

فرصةٌ استراتيجية للعالم الإسلامي!

تأخذ قمّة “قازان” الثالثة عشرة بين روسيا الاتحادية والدول الإسلامية (19ـ 20 ماي الجاري) بمشاركة 63 دولة، طابعا خاصا هذه السنة بالنظر إلى التحوُّلات الجيوسياسية التي عرفها وسيعرفها العالم بعد العمليات العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. إنها تُعقد في ظرف خاص لم يسبق لها أن عرفته من قبل، تسعى فيه كل من الصين وروسيا إلى تصحيح قواعد النظام العالمي الغربي الظالم الذي هيمن على العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

لذلك بات لزاما على هذه المجموعة إعادة التفكير في أساليب عملها بجدية، بالنظر إلى كونها تجمع عناصرَ موضوعية عدة من شأنها تجسيد  تبدُّل استراتيجي على الصعيد العالمي. إن نشاطها في القمم الـ12 السابقة منذ 2009، لم يكن يتمّ ضمن وضع استراتيجي ملائم لإحداث تغيير في العالم. كانت كل من روسيا والصين في وضع دفاعي تجاه الغرب. لم تبرز بعد مؤشراتٌ على إمكانية مواجهته علنا وعدم الخوف من رد فعله القاسي كما جرت العادة. أما اليوم فقد بات واضحا أن المنظومة الغربية الليبرالية في تراجع واضطراب وتذبذب جراء تقدُّم الصين الاقتصادي والضربات الروسية العسكرية المتتالية في أوكرانيا وعجزها عن الرد الملائم عليهما، إذا استثنينا العقوبات الاقتصادية على روسيا ذات التأثير البطيء والمثيرة للخلافات أثناء التطبيق. وهنا بات واضحا أن الفرصة للعالم الإسلامي غير تلك التي كانت قبل حرب أوكرانيا. أصبح بإمكان مجموع دوله إعادة ربط التحالفات، والتطلع إلى التموقع بصفة أفضل في عالم ما بعد هذه الحرب.

ولعل هذا ما أصبح يُمثّل ضرورة لأيِّ تفكيرٍ استراتيجي سليم.

إنّ التحوّلات التاريخية الكبرى تحدث على شكل طفرات. لقد انتشر الإسلام في الأقاليم الروسية على يد التتار في القرن العاشر للميلاد بعد بعثة الخليفة المقتدر بالله العباسي (حَكم ما بين 908م 295 هـ ـ 932م ـ 320 هـ)، التي أرسل فيها أحمد بن فضلان إلى مملكة البلغار  (الصقالبة) في جمهورية تترستان الروسية حاليا فكانت الطفرة الأولى. وجرى حصارٌ للمدِّ الإسلامي في هذه المنطقة على يد قياصرة القرن السادس عشر للميلاد منذ سنة 1552 (الطفرة الثانية)، ثم جرى حصارٌ آخر في الحقبة الشيوعية في بداية القرن العشرين (الطفرة الثالثة)… إلا أن التحولات التي عرفها الاتحاد السوفياتي بعد سنة 1991 ونشأة روسيا الاتحادية مَكَّنَت المسلمين من استعادة دورهم ومكانتهم. وباتت قازان اليوم مركزا إسلاميا بامتياز، وأصبحت توفر الظروف الملائمة لعقد مثل هذه القمة الواعدة في مجال إعادة إحياء الدور الاستراتيجي للمسلمين في إعادة بناء العالم، وربما في مجال إحداث طفرة رابعة يتحوَّل معها العالم الإسلامي نحو بداية استعادة مكانته الاستراتيجية ودوره في تغيير العالم.

بلا شك أن الاختلافات والخلافات البينية التي تعرفها البلدان الإسلامية جراء التدخلات الأجنبية أساسا، ستسعى إلى تعطيل هذا التوجه، ولكنه في كل الحالات سيبقى تعطيلا مؤقتا، ذلك أنَّ مسار التحول العالمي الجديد قد بدأ، وما على الدول الإسلامية سوى اغتنام الشروط الموضوعية المتوفرة اليوم في رمزية قمّة “قازان”، لإحداث الانطلاقة الكبرى التي طال انتظارها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!