الجزائر
في ظل انقطاع التواصل بين حكومتي البلدين

فرنسا تبحث عن قنوات بديلة للتواصل مع الجزائر

محمد مسلم
  • 9926
  • 22

تبحث السلطات الفرنسية عن السبل التي من شأنها تهدئة التوتر المتصاعد بين الجزائر وباريس في الآونة الأخيرة والذي وصل مداه، بعد اتهام وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، فرنسا بأنها تقف خلف المؤامرات التي تستهدف الشأن الداخلي للبلاد.

المبادرة الفرنسية أوكلت لرئيس مجلس الشيوخ، جيرار لارشر، الذي اتصل الخميس هاتفيا برئيس مجلس الأمة بالنيابة، صالح قوجيل، الذي يعتبر “الرجل الثاني” في الدولة، وفق بيان صادر عن الغرفة العليا للبرلمان.

مجلس الأمة وفي بيانه، تحدث عن مكالمة هاتفية جرت بين صالح قوجيل وجيرار لارشر، بـمبادرة من هذا الأخير، غير أن البيان لم يشر إلى كلام المسؤول الفرنسي، واكتفى بالتطرق إلى رد المسؤول الجزائري، الذي عبر عن “رفض الجزائر التام لأي تدخل مهما كان نوعه في شؤونها الداخلية”.

رئيس مجلس الأمة استغل الفرصة ووجه “وخزة” لنظيره الفرنسي عندما شدد على “موقف الجزائر المبدئي والثابت من القضية الصحراوية، باعتبارها قضية تصفية استعمار وحق شعب في تقرير مصيره غير القابل للتصرف، إذ يبقى منوطا بالمجموعة الدولية ومجلس الأمن الأممي على وجه الخصوص، إيجاد حل عادل ومنصف لهذه القضية”، علما أن الموقف الفرنسي قريب جدا من طرح “نظام المخزن”.

الكلام الذي وجهه قوجيل لنظيره الفرنسي لم يخرج عن دائرة تحميل فرنسا مسؤولية اللائحة الصادرة عن البرلمان الأوروبي حول وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، والتي اعتبرها “تصرفا منافيا لأخلاقيات العمل البرلماني، وهو لا يخلو من دعم مشبوه غير معلن من طرف جماعات ولوبيات وأحزاب وأطراف وجهات تسعى إلى التشويش على علاقات الجزائر بشركائها، وعلى المسار الديمقراطي في الجزائر، وعرقلة كل مساعي الإصلاح والتغيير التي ينشدها الشعب الجزائري”.

وحتى لا تبدو العلاقات الثنائية في حالة قطيعة، حاول الطرفان البحث عن جسور تلاق، من بينها تنشيط العمل البرلماني المشترك، وذلك عبر “تفعيل آليات التنسيق والتشاور المتضمنة في برتوكول التعاون الثنائي الموقع بين المجلسين في سبتمبر 2015 بالجزائر”.

ويشير هذا البرتوكول إلى “مرافقة التعاون المرجو بين البلدين في شتى المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين والبلدين، ومواءمة مع مساعي ومجهودات وتوجيهات رئيسي البلدين عبد المجيد تبون، ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون”.

المحادثات امتدت إلى ملفات أخرى فيها إشكالات بين البلدين، مثل معادة الإسلام (الإسلاموفوبيا)، وقضية الصحراء الغربية والوضع في كل من مالي وليبيا، ومحاربة الإرهاب وسبل تجفيف منابعه عبر تكريس تجريم دفع الفدية.

وتذكّر المكالمة الهاتفية بين قوجيل ونظيره الفرنسي، باللقاء الذي جمع الرجلين في جوان 2019، وهي الفترة التي كانت فيها العلاقات الجزائرية الفرنسية تمر بأسوأ فتراتها، بسبب الاتهامات التي وجهت لباريس حينها بدعم أطراف داخلية من أجل التأثير على عملية انتقال السلطة حينها من الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة المستقيل إلى عبد القادر بن صالح، وقد وصل الخلاف حينها حد المطالبة بطرد السفير الفرنسي من الجزائر.

التواصل بين رئيسي غرفتي البرلمان العليا في الجزائر وباريس، تسمى في الأعراف بـ”الدبلوماسية البرلمانية”، وهي دبلوماسية موازية للدبلوماسية الرسمية التي عادة ما يقودها الجهاز التنفيذي ممثلا في وزير الخارجية، والهدف منها تخفيف الاحتقان الحاصل بين البلدين، ومحاولة البحث عن قنوات أخرى للتواصل من أجل تفادي المزيد من التأزيم.

غير أن الدبلوماسية البرلمانية أو ما تسمى بـ”الدبلوماسية الشعبية”، لا تمثل بالضرورة الدبلوماسية الرسمية، وهي توجهات معمول بها على وجه الخصوص في البرلمانات الأوروبية، فهناك الكثير من البرلمانيين الأوروبيين بمن فيهم الفرنسيون، يؤيدون الشعب الصحراوي في حق تقرير مصيره، لكن الموقف الفرنسي مثلا، منحاز بشكل فاضح لصالح الطرح المغربي والمتمثل في مشروع الحكم الذاتي، المرفوض صحراويا.

مقالات ذات صلة