الرأي

فسخ ونسخ ومسخ!

جمال لعلامي
  • 2262
  • 8

أعجبني كثيرا المقترح الذي تقدّم به أئمة ونواب وخبراء من أجل فرض “شهادة التأهيل الأسري” على الأزواج الجُدد، وذلك بهدف مواجهة الطلاق، والظاهر أن هذا الاقتراح يستهدف “الذكور” فقط، في وقت من المفيد لو تمّ تعميمه ليشمل أيضا “الجمع المؤنث”، بغية مواجهة تفشي ظاهرة الخلع وسط النساء الجزائريات، مع تكرّس المثل الشعبي القائل: “زواج في الصيف والبوقاطو في الخريف”!

نعم، “شهادة التأهيل الأسري”، أصبحت ضرورية لإعادة الأمور إلى نصابها، فالأسرة انحرفت عن مهامها وتخلت لأسباب معروفة وأخرى مجهولة عن دورها وصلاحياتها، فتحوّل الزواج، وهو أساس البنيان، إلى لعبة للهو والزهو، ونكران العفو، ولعلّ الأرقام المرغبة بشأن الطلاق والخلع، تكشف مدى انهيار القيّم وسقوط العائلة في مستنقع التفكّك!

بوسع “التأهيل الأسري” أن يساهم في القضاء على تخلّي الأزواج عن أدوارهم، لكن هل تنفع هكذا حلول، بعد ما لم تفلح بدائل أخرى في وقت سابق؟ وماذا يعني هذا المقترح: أليس هو دليل على فشل العائلة في تكوين مجتمع خال من العيوب والموبقات؟ أوليس هذا الحلّ بيّنة على من ادّعى ويمينا على من أنكر؟

فعلا، ذهب زمن أمهاتنا وجداتنا، وآبائنا وأجدادنا، فعدنا للأسف بحاجة إلى “تأهيل أسري”، أو ربما وهذا هو الأصحّ “إعادة تأهيل أسري”، حتى تستوي الأمور المعوجّة، ويعود جزء من هذا الاعوجاج إلى الطريق المستقيم، وطبعا بين “جيل الحايك” و”جيل الفيزو” مسافات ضوئية لن تبلغها ولو باستعمال طائرة نفاثة أو صاروخ عابر للقارات!

مثلما يحتاج المجتمع إلى “تأهيل أسري”، فإنه يحتاج أيضا إلى تأهيل نفسي، وتأهيل اجتماعي، وتأهيل سياسي، وتأهيل نقابي، وتأهيل اجتماعي، وتأهيل شخصي، وتأهيل دراسي وتربوي، وكلّ هذه “التأهيلات” يجب أن يُعاد النظر فيها بطريقة موضوعية، وبعيدا عن الاستعراض وعقلية “أنا أو لا أحد”، حتى تـُسوّى الملفات وتـُصحّح الأخطاء!

لكن، رغم كلّ الذي قيل وقد يُقال، فإن التأهيل ليس بالضرورة أن ينجح في كلّ الحالات والأحوال، فقد يصطدم بعراقيل و”تماثيل”، لن تنتهي سوى بعويل و”تمهبيل”، ولنا في مجتمعنا العريض، باقات من النماذج والأمثلة، التي تخرج عن نطاق ذلك المجتمع الجميل الذي كانوا يضربون به الأمثال والعبر، في الداخل والخارج، وإذا به يتعرّض أو يكاد في الكثير من جيوبه وأركانه، إلى المسخ والنسخ والفسخ!

لا أدري بأيّة طريقة سينجح “التأهيل”، ومن هم المعنيون فعلا بهذا التأهيل؟ ولماذا يصل بنا الحال إلى التأهيل؟ وهل يُمكن ان يستوي الظلّ بالتأهيل والعود أعوج؟

مقالات ذات صلة