الرأي

فعلة ماكرون

الأرشيف

الجزائريون الأصليون هم أعرف الناس بنفسية الفرنسيين المتعالية بغير حق، وروحها العنصرية، وقد أوجز الإمام محمّد البشير الإبراهيمي هذه النفسية الفرنسية وهذه الروح بقوله عن فرنسا “إنها عارية من الفضائل”. (آثار الإبراهيمي: ج 5 ص 244).

وأعترف أن هؤلاء الجزائريين الأصيلين لم يستطيعوا – أو تهاونوا – أن ينقلوا صورة فرنسا “العارية من الفضائل” إلى شعوب العالم المخدوعة بثلاثية “الثورة الفرنسية”، المتمثلة في “الحرية، والأخوة، والمساواة”.. وهي الثلاثية التي لم نقرأها إلا على بنايات الاستعمار الفرنسي.

إن فرنسا التي نعرفها حتى عندما تعمل عملا حسنا، فإنها تسبغ عليه شايبة تفسد مذاقه، وشائنة تشوّه جماله، وتخدش بهاءه.

وها هي فرنسا تعمل عملا “حسنا”، حيث توجّه رئيسها الشاب إلى شقة أرملة في أرذل العمر، ليعترف أمامها بجريمة الدولة الفرنسية في حق موريس أودان، الذي مات تحت تعذيب “رجال” الدولة الفرنسية، – مدنيين وعسكريين -، وليقدم – الرئيس الفرنسي – لتلك الأرملة العجوز اعتذار فرنسا الرسمي، لأنه ليس مطلوبا منه كشخص أن يعتذر عن فعل لم يفعله..

وهنا أقول إن ماكرون سفّه “هدرة” رئيسه الأسبق، المرتشي ساركوزي الذي “نهق” بما معناه: إن الأبناء لا يزرون وزر آبائهم – رغم أنه طلب – هو شخصيا- من الأتراك الحاليين أن يعتذروا للأرمن الحاليين على “جرائم” الأتراك في حق الأرمن منذ قرن من الزمان.

تأكد في زيارة رئيس فرنسا إلى أرملة موريس أودان ثلاث جرائم، هي أن فرنسا اعترفت بقتل أودان تحت التعذيب، وأنها ألصقت الجريمة بالجزائريين، حيث صرح الجنرال السفاح أوسارس بقتل أودان بخنجر لإيهام الرأي العام الفرنسي أن القاتل جزائري..

وأما الجريمة الثالثة فهي “الروح العنصرية” النّتنة التي فاحت من تصرف ماكرون، الذي أثبت أنه كأكثر الفرنسيين مجرّد من “النزعة الإنسانية” التي تسمو على “العرق” و”الجنس” و”اللون” و”الدين”.

إن أسر الشهداء ابن مهيدي، والعربي التبسي، وعلي بومنجل، وآلاف مثلهم من الجزائريين لديها نفس المشاعر والأحاسيس التي تحسها وتشعر بها أرملة أودان.. فلماذا يا رئيس فرنسا تميّز – عنصريا- بين هذه وأولئك؟

اسمح لي – يا سيادة الرئيس أن أسوق لك مثالا من سيرة رسول الإنسانية – عليه الصلاة والسلام- عندما مرت به جنازة فوقف احتراما لها: فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: “أليست نفسا؟”.

واسمح لي – يا سيادة الرئيس- أن أقول لك ما قلته لمن سبقك من رؤساء فرنسا: “إنما يعتذر البشر” فإن لم تفعلوا، وقد لا تفعلون، فكونوا ما شئتم إلا أن تكونوا “إنسانيين”، وستكونون “المثل الأسفل” للإنسانية.

مقالات ذات صلة