فعل ذميم من زنيم
في مثل هذه الأيام منذ ثمانين سنة (أوت 1934) أوحى شيطان من الجن إلى أحد أوليائه من شياطين الإنس أن يأتي شيئا إدّا.فأما الشيطان الجني فقد قضى الله – عز وجل- أن يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم؛ وأما الشيطان الإنسي فهو شرطي يهودي لئيم يسمى “الياهو خليفي”، وأما فعله الذميم فهو توجهه إلى الجامع الأخضر في قسنطينة بعد صلاة العشاء، من يوم 3 أوت 1934، وأخرج من فمه كلاما أنتن رائحة مما يخرج من بطنه، حيث قال لمن كان حاضرا من الجزائريين: “نعل دينكم، وصلاتكم، وجامعكم، والكبرا انتاعكم” (مجلة الشهاب سبتمبر 1934 ص 439)
لقد نشبت عقب ذلك التصرف الذميم من ذلك اليهودي الزنيم فتنة دامت بضعة أيام بين الجزائريين وبين اليهود، الذين لا أيمان لهم ولا عهود، حيث انضم لذلك السفيه أمثاله من بني ملته.. وقد أسفرت تلك الفتنة على قتل نيف وعشرين يهوديا واثنين من الجزائريين، وقد أشار الإمام ابن باديس إلى قدرته ووجهاء الجزائريين على “أن نمسك بغضب المسلمين إلا إذا أهينوا في دينهم، فإن الأمر حينئذ يصعب علينا”، والدليل على صبر الجزائريين على أذى اليهود الناكرين للجميل هو سكوته على الاعتداء اليهودي عليه وعلى مدير مجلة الشهاب أحمد بوشمال، ومسامحتهما للمعتدي اليهودي..
قال الإمام محمد البشير الإبراهيمي وهو يقارن بين أخلاق العرب وأخلاق اليهود “سبحان من خص اليهود بالسامري، وخص العرب بالعامري” فالسامري هو ذلك اليهودي الذي ضل واتخذ لقومه عجلا جسدا له خوار، والعامري هو ذلك العاشق العذري.. ومن هذا الفرق أن أسفه سفيه في المسلمين لا يتجرأ على شتم نبي أو رسول، بينما نجد كثيرا من كبراء اليهود والنصارى يشتمون رسول الله عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام.
ومن هذا الفرق أيضا سعي الإمام ابن باديس، ومفتي قسنطينة ووجهائها السياسيين في إخماد الفتنة بينما لم يسع من اليهود في ذلك إلا التائب لولوش وكان مؤججا للفتنة لا ساعيا في إخمادها، مما يدل كما قال ابن باديس “عن أمراض قلبية، وعلى قلة أدب، وإفلاس سياسة”.
ومن الفرق في الأخلاق بين الفريقين هو الجزائريين حطموا محلات اليهود ولكن أيديهم لم تمتد لأموال اليهود رغم فقرهم الشديد، “وربما كانت السلطات الاستعمارية مغتاظة أكبر اغتياظها من أن أحدا من هؤلاء الفقراء المسلمين لم يدنس يديه بالسرقة في ذلك اليوم”. (مالك ابن نبي مذكرات أن تشاهد للقرن ص. 319. ط. 1984).
لقد تحيز الفرنسيون (النصارى)، إلى اليهود، أليسوا – كما زعموا جميعا – “أبناء الله وأحباؤه”.
ومن أجمل ما في هذه الفتنة أن إخوتنا في فلسطين “جمعوا التبرعات لأهل قسنطينة المنكوبين في هذه الفتنة، وقام بإرسالها الأستاذ محمد أمين الحسيني”. (عبد العزيز فيلالي: اعتداء اليهود على أهل قسنطينة ص 69).
وممن علق على هذه الفتنة الشاعر اللبناني المسيحي إيليا أبو ماضي، حيث قال: “إن ثورة المسلمين على اليهود في قسنطينة هي ثورة المقهور المجروح في كرامته”. (الشهاب…)
وإن أكبر لعنة تطارد اليهود في خيانتهم للجزائر والجزائريين عند الاحتلال الفرنسي، ومنهم الآن من يبحث عن عذرية لن يجدها حتى عند بعض المسلمين.