الرأي

فقه سياسي جديد!

رشيد ولد بوسيافة
  • 3851
  • 7

بعد أن أبدعت الطبقة السياسية في الجزائر وزودت القاموس بمصطلحات جديدة لا وجود لها في العالم أجمع، على غرار حركات التصحيح، والتقويم، وتقويم التصحيح، وإصلاح التقويم، وغيرها من البدع التي انتهجت لتكسير الأحزاب وتتفيهها وضمان ولائها للإدارة.. بعد كل ذلك ها نحن نشهد نوعا جديدا من الأحزاب الذي يقترب من نادي المنشقين منه إلى حزب سياسي له أفكارهومبادئه وتوجهاته.

تخيّلوا حزبا جديدا أعضاؤه كلهم من المنشقين والمتمردين والهاربين من أحزابهم، هذا الحزب يولد كبيرا بكتلة برلمانية يصل تعدادها إلى أربعين نائبا.. هل يمكن أن يقدم هؤلاء خيرا للجزائر، وهل يمكن أن يكونوا أمل الجزائر فعلا بعد أن تمردوا على أحزابهم وعلى الهيئة الانتخابية التي اختارتهم وهم تحت غطاء سياسي معين ليقلبواالفيستةمباشرة بعد تثبيت عضويتهم في البرلمان.

لقد آن الأوان لمناقشة موضوع العهدة البرلمانية، هل هي ملك للشخص أم ملك للتشكيلة السياسية التي أوصلت هذا الشخص للبرلمان؟ لأن المعمول به حاليا أفسد الممارسة السياسية وزادها سوءا على سوئها وحولها إلى مادة للتندر والسخرية في الشارع الجزائري الذي ينظر إلى الطبقة السياسية برمتها بازدراء واحتقار.

إذا كانت الأحزاب لا تملك آليات التحكم في هياكلها الداخلية، وليست لها سلطة على الأشخاص الذين ترشحهم للمجالس المنتخبة، وإذا بقيت هذه الأحزاب عرضة لكل الضغوط والمناورات من قبل السلطة، التي تقحم نفسها بشكل مباشر في التنظيم الداخلي لهذه الأحزاب عبر حركات التقويم والتصحيح، وعندما تنشطر الأحزاب تكون هي الحكم في منح الشرعية لمن ينفذ مطالبها ويكون السبّاق في دخول بيت الطاعة.. إذا بقي الحال هكذا فإن الطبقة السياسية برمتها ستظل تافهة في نظر المواطن، وهو على حق في ذلك.

المشكلة الكبرى لدى “سياسيي آخر زمن” أنهم لا يملكون حرية التصرف في أنفسهم، وأنهم يقودون أحزابا بلا سيادة تسعى إلى إرضاء الإدارة قبل إرضاء القاعدة الانتخابية، خوفا من أن تطالهم حركات التصحيح والتقويم. أما الطامة الكبرى التي أتت على ما تبقى من أمل لدى المواطن في هذا المشهد الموبوء، هي ما يحدث مع عمليات التفريخ التي تنتج في كل مرة عددا من الأحزاب، بل الكائنات الحزبية الدقيقة إن لم نقل تعاونيات سياسية يسعى أصحابها إلى افتكاك مقاعد في المجالس المنتخبة لا أكثر ولا أقل، وتلك كارثة أخرى لا مجال للتوسّع فيها..

مقالات ذات صلة