-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فلسطين تحتلّ الأقصى!

حسين لقرع
  • 1565
  • 0
فلسطين تحتلّ الأقصى!
ح.م
المسجد الأقصى يستغيث

خلال استجوابٍ قصير أجرته إحدى الفضائيات المصرية، وسألت خلاله مجموعة من تلاميذ الابتدائي يبدون بين العاشرة والثانية عشرة من أعمارهم، عما يعرفونه عن المسجد الأقصى، كانت إجاباتُهم صادمة، فقد قال أحدُهم إنه يقع في مصر القديمة، و”صحّح” له آخر بأنه “يقع في غزة”، وذكر ثالثٌ أن المسلمين يحجّون إليه، في حين كانت إجابة تلميذ رابع صادمة أكثر، حينما قال بعفوية إن “فلسطين تحتلّ الأقصى”!

طبعا لا يمكن أن نلوم هؤلاء الصغار الأبرياء؛ ولا حتى الشبان الأكبر سنا منهم، فهم ضحيّة نظام مبارك ثم السيسي الذي ينزع، وبشكل سافر، إلى معاداة القضية الفلسطينية وقيم الأمة، ولا يبالي بضياع فلسطين، وتدنيس الأقصى، أو حتى هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، والعدوّ بالنسبة إلى النظام الانقلابي الآن هو حماس والإخوان وليس الاحتلال الصهيوني، وقد قام بتجريد المقررات المدرسية المصرية من سِيَر عقبة بن نافع، وفاتح القدس صلاح الدين الأيوبي، وغزوة بني قريضة، فهذه السِّيَر متهمة بـالإرهابوالعياذ بالله، ولابدّ من حذفها من المقرّرات الدراسية، حفاظا على مشاعرالحلفاءالصهاينة، وحتى تنشأ أجيالٌ جديدة لا تكاد تعرف عنها شيئا.

أما الإعلام المصري، فحدّث ولا حرج، فقد نفض يديه بدوره من فلسطين والأقصى منذ كامب ديفيد، وأصبح شغلُه الشاغل في السنوات الأخيرة هو شنّ حملات مكثفة لشيْطَنة فلسطينيي غزة والتحريض ضدهم بشكل مقيت، وبلغ الأمرُ إلى درجة التعاطف مع الصهاينة منذ بدء انتفاضة السكاكين التي هاجمها عددٌ من الأبواق الإعلامية واستنكروا طعن المستوطنين وجنود الاحتلال، وقالت إحدى فضائياتهم إنالإرهاب الفلسطيني يجتاح إسرائيلفي حين ذهبت فضائية أخرى إلى حدّ وصف قتيلين من المستوطنين بـالشهيدين“!

هؤلاء الأطفال الذين لا يعرفون شيئا عن الأقصى وهم يقتربون من سنّ النضج، هم إذن ضحية منظومة تربويةمنزوعة القِيم، هَمُّ أصحابها هو تجهيل الأجيال القادمة في تاريخ الأمة وأبطالها وقضاياها المصيرية، وكتابة تاريخٍ جديد لهم على مقاس أمريكا ومشروعها الشرق أوسطي الجديد، وهم أيضا ضحية إعلام مضلِّل فتّان، يزيِّن الاستبداد للناس، ويحاول إقناعهم بأن العدو التاريخي قد أصبح صديقا، والشقيق أضحى عدوا.

ولكن للموضوعية، نقول إن ما كشفته هذه الفضائية المصرية التي تشكِّل الاستثناء في إعلام التضليل والفتنة، ينطبق أيضا على باقي الدول العربية والإسلامية ولو بدرجاتٍ أقلّ، فلو أُجريت أيضا استجواباتٌ لأطفالنا من المحيط إلى المحيط حول ما يعرفونه عن الأقصى، فربما جاءت النتائج مشابهة لما ردّده أطفالُ مصر، لأن المقررات الدراسية العربية قد استغنت بدورها عن فلسطين والأقصى، أما إعلامُها فيكفي القيامُ بجولةٍ بين الفضائيات العربية للتأكّد بسهولة من أن وظيفته الوحيدة هي تخدير الشعوب وإلهاؤُها عن قضاياها المصيرية.

 

لذلك كله لا يعرف أطفالُنا شيئا ذا بال عن فلسطين والأقصى، ولا يكترث شبابُنا بما يقع فيهما من أحداث، ولا يهتمّ بها عامّة الناس، ويكفي أن تتابعوا عدد القراءات لموضوعٍ خاص بالأقصى في أيِّ موقع إلكتروني عربي، ومقارنتها بالقراءات الخاصة بمواضيع منوّعة، لتروا أن الأقصى أصبح آخر اهتمامات المواطن العربي.       

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • قادة عبدالقادر

    من ليس له غيرةعن دينه فلاتهمه مقدساته وفيمتهاتعرف من الذين يلتزمون بدينهم ويعرفون تعاليمه التي تحثهم على الاعتزاز بمقدساتهم التي هي معالم وجودهم كالحرمين الشريفين وثالث الحرمين الاقصى الشريف في فلسطين المغتصبةمسرى سيدنا"صلعم" ومهدسيدنا عيسى"عس"كما كان يردد الشهيد عرفات رحمه الله.العيب ليس في الاطفال في الوطن العربي وخاصةفي مصرلان اوليائهم اغلبهم اميين ولايفكرون الافي كيفيةالحصول على لقمةالعيش بسبب تجويع الانظمةالفسادةلهم وابعاد اغتصاب القدس عن البرامج التربيةوالتعليم لارضاءبني صهيون وخدمهم الغرب

  • عادل تواتي

    شكرا جزيلا لاهتمامك أستاذ ..دليل على حبك لتلك الأرض المباركة. ...

  • صالح/الجزائر

    لا أظن أن " نظام مبارك ثم السيسي " كان أو مازال يمنع الفلسطينيين من توحيد صفوفهم ومقاومة " الاحتلال الصهيوني " .
    لا أظن أن " نظام مبارك ثم السيسي " هو الذي أطلق تعبير " الصواريخ العبثية " ؟ .
    لا أظن أن " نظام مبارك ثم السيسي " هو الذي تواطأ مع " الاحتلال الصهيوني " في اغتيال رئيس " السلطة الفلسطينية !؟ " ياسر عرفات رحمه الله ؟ .
    لا أظن أن " نظام مبارك ثم السيسي " هو الذي أجبر رئيس " السلطة الفلسطينية " على إخفاء " تقرير غولدستون " ؟ .
    المثل الشعبي يقول " اضرب بيدك تاكل لمسقي .

  • ahmed

    لا أوافقك الرأي هذه المرّة يا أخ حسين
    فأطفالنا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة ، رغم ما حدث في مناهجنا تقريبا من توجّه مشابه خلال سنوات خلت بحجّة تخفيفها ( انظر تخفيفات سنة 2008 وتخفيفات سنة 2009 ) خاصّة في مجال العقيدة إلاّ أنّ هذا البيت الشّعري سيبقى خالدا في ذاكرة كلّ طفل جزائريّ
    بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان
    عاشت فلسطين حرّة أبية ، إن شاء الله ستحقّق أمنية الشهيد أبو عمّار رحمة الله عليه .