الجزائر
انسداد البالوعات أسباب واهية و40 ولاية معنية بالخطر

فوضى العمران وتنصل المسؤولين وغياب المراقبة.. وراء الفيضانات

كريمة خلاص
  • 2096
  • 10
ح.م

أعادت الأمطار الطوفانية التي تعيشها الجزائر في الأيام الأخيرة الحديث عن الأسباب الكامنة وراء مثل هذه الكوارث، بالنظر إلى المدة الزمنية القصيرة لتساقط الأمطار، وجدّد معها المختصون والخبراء دق ناقوس الخطر لاستخلاص الدروس والعبر من التجارب السابقة، خاصة مع تكرار سيناريو الفيضانات والأمطار الغزيرة مع بداية موسم الخريف من كل سنة.

بوداود: 80 بالمائة من العمران يحتاج إلى مراجعة

وأوضح رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين عبد الحميد بوداود في تصريح للشروق اليومي حالة العمران في بلادنا كارثية ولا تخضع لأي ضوابط تقنية أو قانونية رغم وجود وثراء القوانين إلا أنه للأسف لا نمتلك الرجال لتطبيق تلك القوانين، واستدل المتحدث بإلزامية حزام القانون وكيف انصاع الجزائريون لهذا القانون الذي يغرمهم قائلا “القانون الوحيد الذي يعد ساري المفعول في الجزائر هو قانون حزام الأمن”.
وأرجع المختص أسباب ما نعيشه في كل مرة مع تساقط قطيرات من الأمطار إلى سوء المخططات والإهمال واللامبالاة في المتابعة والمراقبة.

واستعرض بوداود جملة من القوانين التي تفرض على رؤساء البلديات وأصحاب المشاريع متابعة هذه الأخيرة ومراقبتها إلا أن ذلك حسبه لا يتم بالطرق اللازمة.

وركّز المختص في ذلك على أهمية توفير المخططات العمرانية بعد الحصول على رخصة البناء إلا أننا لا نجد أثرا لذلك في الميدان.

وحمل المهندس بوداود مكاتب دراسات مسؤولية الإهمال واللامبالاة في متابعة ورشات عديدة واصفا إياها بأنها تسعى لتحقيق المال وكسبه على حساب نوعية الخدمات المقدمة، متسائلا عن دفتر الورشات، وحتى بعض أشباه المهندسين الذين لا يستحقون هذا اللقب أو الشهادة ممن أساؤوا للمهنة وجعلوها “أداة قاتلة” في أيدي عديمي الضمير، وذلك مقابل تهميش كثير من الكفاءات.

وانتقد المختص بوداود المحاباة والمحسوبية في منح رخص بناء على مواقع غير صالحة وبعضها بالقرب من أودية ما أدى إلى تنامي البنايات كالطفيليات وبالتالي تعرضها إلى خطر الانهيار والانزلاق في أي لحظة ومنها حتى منشآت عمومية وتربوية وتعاونيات عقارية.

ودعا المختص إلى ضرورة مراجعة العمران في الجزائر، مؤكدا أن 80 بالمائة منه يحتاج إلى إعادة نظر، كما دعا إلى أهمية خلق التوازن بين الريف والمدينة لتجنب ما نعيشه حاليا من عشوائية في البناء في كل مكان وبكل طريقة، فالعمران الذي كان في وقت الاستعمار وفق أطر قانونية وخطط تقنية بات اليوم خبط عشواء بيد كل من هب ودبّ.

شلغوم: 40 ولاية مهددة بخطر الفيضانات والجزائر تفتقد إلى استراتيجية وقاية

أكد رئيس نادي المخاطر الكبرى عبد الكريم شلغوم، أن سبب ما تعرفه الجزائر اليوم، من أمطار طوفانية وفيضانات أغرقت الجميع معها هو افتقادها إلى استراتيجية وقاية ترتكز على مشاريع لخلق حواجز وحماية المشاريع والمنشآت الكبرى.

وأكّد شلغوم أنّ الطامة الكبرى هي إنجاز مشاريع تنموية وسكنية في مناطق مهددة بالفيضانات فالخطأ يكمن بالأساس في اختيار المواقع التي لم يكن مطابقة للمقاييس العالمية التي تستوجب مراعاة المناخ والأخطار الكبرى.

واستشهد شلغوم بما لحق بعض المشاريع الكبرى في بلادنا من تضرر على غرار الميترو والمطار والجامع الأعظم وغيرها وهو ما يعني أساسا وجود مشكل حقيقي ولا علاقة أبدا للبالوعات أو الانسداد بهذا المشكل الذي يبقى أكبر بكثير من بالوعة مياه سدّتها النفايات، فهذا مجرد ذر للرماد في العيون وتبقى أسباب غير مقنعة لمن يعرف جوهر الأمور.

وكشف شلغوم لـ”الشروق”، أنّ 40 ولاية في الوطن من أصل 48 ولاية مهددة بخطر الفيضانات الكبرى، داعيا وزارة الداخلية إلى إطلاع المختصين والمعنيين على خريطة المخاطر والفيضانات علما أن النادي يتوفر على خريطة للمخاطر لكن تبقى الخريطة الرسمية أكثر أهمية ومصداقية.

فيضانات باب الوادي “أكاديمية” لم تتعلم الحكومات منها شيئا

رغم الكارثة الكبرى التي عرفتها الجزائر في 2001 جراء فيضانات باب الوادي، إلا أن المسؤولين في بلادنا لم يستخلصوا الدروس والعبر بما يجنبهم الأمر مستقبلا، حسب ما أكده العديد من الخبراء والمتابعين للملف.
ووصف الخبير العمراني بوداود باب الوادي بأنها أكاديمية لم تتعلم الجزائر منها شيئا وأضاف “للأسف في الجزائر تلاميذ يذهبون إلى المدارس لا يأخذون معهم محافظهم ولا أقلامهم ولا يحفظون دروسهم”.

واستطرد بوداود، عقب الفيضانات جميع المسؤولين خرجوا على الشعب بوعود وعهود والتزامات واستراتيجيات لم تتحقق ولم نر لها أثرا على أرض الواقع للأسف لا أحد يحفظ الدروس”.

أما رئيس نادي المخاطر الكبرى عبد الكريم شلغوم، فقال إن الجزائر لم تستفد شيئا من مختلف دروس الفيضانات التي مرت عليها سواء في شمال البلاد أو جنوبها وإن السلطات لا تتحرك إلا في إطار سياسة البريكولاج الذي لم يخرجنا إلى النور، مضيفا: “فيضانات باب الوادي عبرة لكل من أراد أن يعتبر، لكن لا حياة لمن تنادي”.

مقالات ذات صلة