-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فى كناريا.. قوة ثالثة أم طابور خامس أو صدى الصوت المزدوج؟

أمحمد البخارى
  • 1789
  • 0
فى كناريا.. قوة ثالثة أم طابور خامس أو صدى الصوت المزدوج؟
أرشيف
مظاهرات للمدافعين عن القضية الصحراوية بكناريا

تعلمنا من التاريخ السياسى العالمي، القديم والحديث، أن الإستعمار يحتاج دائما إلى ارتكاز محلي لضمان استمراريته أو للحفاظ على جزء من مصالحه بعد الرحيل.

فتصرف اسبانيا الاستعمارية فى مواجهتها للكفاح الوطني التحريرى, الذي خاضه الشعب الصحراوي، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب، منذ إطلاق الشرارة الأولى للبندقية الصحراوية, بالخنگة, يوم 20 مايو 1973، ليس استثناء عن هذه القاعدة العامة.

لقد شكل قيام الإدارة العسكرية الاستعمارية الاسبانية بتفريخ لقيط من أحشائها، تحت إسم صحراوي, و إسراعها في البحث له عن شرعية داخلية و خارجية، لمواجهة ثورة ال20 مايو، المثال الملموس على صحة القاعدة المذكورة آنفا.

عندما وقعت القوة الاستعمارية الاسبانية على خيانتها للشعب الصحراوي، و فشلت في تجسيد التزاماتها تجاهه، و فى تحمل مسؤولياتها أمام المجتمع الدولي، باعت مستعمرتها، شعبا و أرضا، و من ضمن ما قايضته مع شركائها فى عدوان 14 نوفمبر 1975,  كان بيعها للدكان السياسي الذي فتحته, و الذي اصبح بدون رصيد بعد رحيلها النهائي يوم 28 فبراير 1976.

تجدر الإشارة هنا كذلك إلى أن المحتلين الجدد سارعوا إلى إنشاء كيانات أخرى بأسماء محلية على غرار ما تقوم به كل القوى الاستعمارية في جميع أرجاء المعمورة, و عبر كل مراحل التاريخ.

فقارتنا الإفريقية، التي تقاسمتها القوى الاستعمارية خلال مؤتمر برلين سنة 1884، كانت و ما زالت تعانى من مخططات تلك القوى التى اعتمدت في البداية على اعوان اداراتها من الشعوب المستعمرة و وزعت عليهم الألقاب و الرتب و الإمتيازات و خصصت لهم مقاعد في برلماناتها و حكوماتها الوطنية, في محاولة للابقاء على تبعية ما كانت تسميه آنذاك بأقاليم ما وراء البحار.

ولعل اقرب أمثلة في هذا المضمار، هو ما اقدمت عليه فرنسا مع مطلع القرن الماضي و حتي الخمسينيات عند إنشائها لما اسمته ” منظمة افريقيا الغربية الفرنسية” لتأمين مصالحها وتعزيز هيمنتها وراء اقنعة إفريقية.

كان احتياج فرنسا لتجميع قوتها العسكرية و تركيز مجهوداتها لمواجهة الثورة الجزائرية هو الذى جعلها تدخل تعديلات على مخططها السالف الذكر, يسمح باستقلال و لو شكلي، مضمونه ليس سوى استعمار جديد، ما زالت العديد من الدول الإفريقية تعانى من تبعاته الكارثية إلى حد اليوم.

وما دمنا قد اعطينا مثالا بما قامت به فرنسا، فغير بعيد عنا خطتها فى الجزائر تحت إسم ” مخطط قسطنطينة”  الرامي إلي سحب البساط من تحت اقدام ثورة أول نوفمبر التي ما فتئت تسجل الملاحم البطولية المتتالية و التي هزت اركان الدولة الفرنسية.

“مخطط قسنطينة ” هو المشروع الإستعمارى الفرنسي الذى كان يهدف إلي ربط المستعمرة نهائيا بفرنسا عبر خطة تعتمد على تخصيص جزء من عائدات مبيعات الثروات الطبيعية الجزائرية لتمويل إستيطان الكولون ( المستوطنون) و إعطاء وجه محلى للإدارة الاستعمارية من خلال تعيين العملاء  و اتباع المستعمر في مهام إدارية كانت مخصصة حصريا للموظفين الفرنسيين.

فالإستعمار اينما حل و ارتحل يحتاج، هكذا، إلى ابواق و مكبرات صوت محلية توحي بأنه مرحب به من طرف الشعب المستعمر. و يحتاج بالتالى، خاصة عندما يواجه الصعوبات، إلى التحدث دائما بصوتين هما في الواقع وجهان لنفس العملة، لأن احدهما ليس سوى صدى للأول.

ففى كل ما تقوم به قوى الإستعمار و الإحتلال لا بد لها، اذا، أن تعتمد على اتباعها و عملائها لتكوين مجموعة او مجموعات محلية كواجهة لتبيض و تلميع صورة الإحتلال البغيضة و جعله مقبولا على الصعيدين المحلى و الدولى.

وما دامت الجمهورية الصحراوية تقاوم  الإحتلال الاجنبي لأجزاء من من ترابها الوطني، و المجتمع الدولي ما زال يحاول تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية، فإن المحتل المغربى يحتاج الى صوت محلي، يردد اطروحته التوسعية بعبارات جديدة لكن بمضامين مطابقة للأصل، يقوم بتسويق الإحتلال و الضم بالقوة العسكرية و الإلحاق اللاشرعي على أنه هو الخيار الممكن و الواقعي و المقبول والتوافقى.  و لهذا الغرض لا بد له من الزي الصحراوي ( الدراعة و الملحفة) لتلميع بضاعته فأختار جزر كناريا لمسرحيته السيئة التصميم و الاخراج.

نحن هنا في الحقيقة، أمام عملية مخابراتية مشتركة من تخطيط و تنفيذ الاجهزة المغربية بمعية ادوات  و وسائط سياسية إسبانية تعمل الآن في العلن على شكل لوبى، بعدما كانت تشتغل في الخفاء منذ فترة غير قصيرة، مقابل رشاوى و هدايا القصر،  على منع استقلال الشعب الصحراوي و تمتع دولته بالسيادة الكاملة.

الخيانة الإسبانية المتجددة تذكرنا بالطابور الخامس الذى ما زال، منذ الحرب الاهلية سنة 1936، متمركزا فى مواقعه بمدريد ينتظر الإشارة، هذه المرة من الرباط، لتحريك الدمى المتساقطة في الرذيلة و النجاسة.

وبذلك يكون التنسيق السياسي و المخابراتي المغربي-الاسبانى للقضاء على الشعب الصحراوي     و مصادرته حقوقه دخل مرحلة علنية، يدفع فيها بكل اوراقه، لأنه اضحى اليوم يواجه واقعا وطنيا صحراويا ممثلا و مجسدا فى الدولة الصحراوية التى لا يمكن القفز عليها او تجاوزها.

وهكذا، سيتم، حسب بعض المعلومات، تجميع الخونة و العملاء و المتساقطين في جزر كناريا في كرنفال مؤطر و ممول من طرف لادجيد ( DGED ) و برعاية و زعامة اللوبى السياسي في اسبانيا الذى يقتات من عمالته للمحتل المغربي و خيانته، فى نفس الوقت، للشعب الصحراوى و للمصالح الاستراتيجية للدولة الاسبانية.

بعد إنتهاء المسرحية الفكاهية-الدرامية, التى يميزها أن اللاعبين الكبار من الجنسية الإسبانية،  و الذين يقفون وراء الستار او الذين سيصعدون على الخشبة مباشرة إلى جانب الدمى المتساقطة، انهم كلهم، بعد قضاء ليلتهم الأولى، سيتأكدون انهم بالفعل خونة و ليست لهم خلفية غير الإرتزاق.

إن المشروع الإستعمارى الإلحاقي المغربى-الاسبانى المسترك ولد ميتا ولن يكتب له النجاح ابدا.

زهاء خمسة عقود تثبت أن الشعب الصحراوي لن يقبل بديلا عن الإستقلال الوطني وأن الجمهورية الصحراوية ستتبوأ مقعدها بين اعضاء الأمم المتحدة، مهما كانت العراقيل، وأن المجتمع الدولي، منظمات ومحاكم لن يعترف للمغرب بالسيادة علي الصحراء الغربية مهما طال الزمن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!