الرأي

فيزا‮.. ‬توريسك

عمار يزلي
  • 2797
  • 6

كان علي‮ ‬أن أكون وزيرا‭-‬‮ ‬لا قدر الله‭-‬‮ ‬مأمورا بتطوير السياحة في‮ ‬خمس سنوات لكي‮ ‬يصل عدد السياح إلى‮ ‬5‮ ‬ملايين ونتمكن من إدخال‮ ‬5‮ ‬ملايير دولار في‮ ‬5‮ ‬سنوات‮ (‬قابلة للتجديد‮).‬

أوروبا طلبت منا أن نطور السياحة تطويرا‮ “‬ثقافيا‮”‬،‮ ‬أي‮ ‬أن نغير طبائعنا وسلوكاتنا الثقافية ونتحضر قليلا لنكون بلدا سياحيا أكثر‮! ‬فأقدمت على تعليم‮ “‬المتعلمين كثيرا‮”‬،‮ ‬فتعلموا قليلا مما لم أعلمهم لا قليلا ولا كثيرا‮. ‬تعلموا كيف‮ ‬يتعاملون مع السائح الأجنبي‮ ‬بدءا من وصوله إلى المطار‮: “‬مسيو،‮ ‬دوني‮ ‬موا دي‮ ‬أورو‮”! ‬مسيو‮..‬1‮ ‬أورو‮! ‬وكيف نضحك في‮ ‬وجوههم،‮ ‬ونضحك عليهم في‮ ‬قفاهم‮: “‬القاوري‮ ‬بن الكلب‮… ‬ما بغاش‮ ‬يعطيني‮ ‬أورو‮.. ‬والله ريحة الجنة ما‮ ‬يشمها‮! ‬الكافر بالله‮! ‬تفوه‮!”. ‬يبدأ هذا المسلسل من‮ “‬لاباف‮”‬،‮ ‬مرورا‮ “‬بالديوانة‮” ‬والحمالين والطاكسيات،‮ ‬وصولا إلى بواب الفندق إلى عامل الحجوزات إلى‮ “‬لافام دي‮ ‬ميناج‮” ‬إلى عامل المطعم والمقهى‮: ‬نجيبلك كاس وإلا ما عليهش تشرب من القرعة؟‮.. ‬تحتاج فرشيطة وإلا تغمس بيديك؟ تعلم الناس أيضا كيف‮ ‬يبيعون للسائح كل شيء بالأورو وفقط‮!.. ‬وبضعف السعر‮! (‬مليح‮! ‬تصلح ليهم‮! ‬يستاهلوا‮! ‬أنا معهم‮!). ‬النساء صرن‮ ‬يتهافتن على الرجال الشقر الزعر ويرغمنهم على تبديل دياناتهم مقابل‮ “‬الجنسية‮”: ‬الدين لهم والجنسية لنا‮! ‬يصبح‮ “‬نيكولا،‮ ‬كريمو،‮ ‬وفرانسوا،‮ ‬قاديرو‮.. ‬وهذا كله على الورق،‮ ‬ريثما‮ ‬يتم الزواج بسرعة البرق،‮ ‬ثم‮ ‬ينتهي‮ “‬عقد الشراكة‮”. ‬صار السياح‮ ‬يتزوجون بكثرة ويدخلون‮ “‬في‮ ‬الإسلام‮” ‬بوفرة،‮ ‬وصارت النساء‮ ‬يخرجن إلى الخارج في‮ ‬شكل‮ “‬هجرة أغمدة‮”! ‬الشباب،‮ ‬هم الآخرون بدؤوا‮ “‬يتحرشون‮” ‬بعجائز السياح،‮ ‬من أجل ضمان زواج بالأوراق لأجل الأوراق‮. ‬واستفادت السياحة في‮ ‬الجزائر بدخول كل أنواع‮ “‬الطرافيك‮” ‬الدولي‮: ‬تزوير الوثائق،‮ ‬تجارة الأجساد‮. ‬وصارت الفنادق تعج بالسياح الجزائريين بحثا عن السائحين والسائحات،‮ ‬الأحياء،‮ ‬ومن هم على لائحة الأموات‮. ‬حدثت أكثر من فضيحة‮ “‬عريقات‮”‬،‮ ‬مع ليفني‮ ‬سيدة اليهوديات‮ “‬المجاهدات‮”. ‬عوضت الخمور التمور،‮ ‬وبقينا محافظين على‮ “‬الاستوراد‮”‬،‮ ‬عوض التصدير وكثر‮ “‬التكعرير‮” ‬حول من هو أسبق؟‮: ‬التبندير أم التزمير‮..‬؟ وأدخلت السياحة في‮ ‬مجال التصدير،‮ ‬كونها صدرت‮ “‬العمال‮” ‬واستوردت العملة‮! ‬باعت الدين بالجنس‮(‬ية‮)‬،‮ ‬واستبدلت الدينار بالنار،‮ ‬وعطلت فكرة العمل وشجعت فكرة‮ “‬التعامل‮”. ‬أدخلت الإنسان الجزائري‮ ‬في‮ ‬خانة‮ “‬الإيسكرو‮”‬،‮ ‬وانتفض المواطن المسكين‮: “‬يانامار‮.. ‬سي‮ ‬طرو‮”!‬

كانت السنوات الخمس تكاد تقترب،‮ ‬وقد نجحت في‮ ‬الفشل‮! ‬وصار البلد،‮ ‬بلدا‮ “‬سائحا‮”‬،‮ ‬سائبا،‮ ‬ذائبا،‮ ‬رائبا،‮ ‬حامضا،‮ ‬سكران عريان،‮ ‬حفيان رفيان،‮ ‬ولله الحمد‮.‬

عندما أفقت من التهتريف،‮ ‬كانت الساعة العاشرة ونيف‮! ‬

مقالات ذات صلة