في أجواء جنائزية مهيبة.. معسكر تودع الفنان بلاحة بن زيان
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر ليلة الأحد عندما أذيع خبر وفاة الفنان بلاحة بن زيان ابن مدينة سيق في ولاية معسكر.. الجميع لم يصدق الخبر وهم الذين كانوا يتابعون صولاته وجولاته قبل ساعة في حلقة جديدة من دوره النوري. لحظات بعد ذلك مواقع التواصل الاجتماعي تلتهب، معلنة الخبر الحزين، حيث اكتسى الموقع الأزرق حلة سوداء حزنا على رحيل محبوب الجماهير أياما بعد عملية جراحية أجراها على قلبه.
في صباح الاثنين لبست مدينة معسكر ثياب الحزن وتحولت إلى قبلة لجموع المعزين القادمين من مختلف ولايات الوطن.. فنانون ومثقفون وسياسيون ورياضيون ومواطنون بسطاء غصت بهم طرقات المدينة والوجهة طريق شادلي بمدينة سيق، حيث يقع المسكن الجديد لفقيد الجزائر بلاحة وهو البيت الذي لم يمر بعد على سكنه سوى أشهر بعد ما كان يقطن سابقا بسكن آخر يقع بحي آييس.
بلاحة بن زيان أب لولدين سخرهما لخدمة بلده فكلاهما مجند بالجيش الوطني الشعبي وقد سمى أحدهما يوم مولده علولة تأثرا وافتخارا واقتداء بالفنان عبد القادر علولة، دليل آخر على أن بلاحة كان يتنفس الفن، كما كان وفيا لرفاقه وزملائه الذين وافتهم المنية قبل سنوات.
ظهرت علامة الحزن على محيا كل من تحدثنا إليهم، وقد أجمع جيران وأقارب بلاحة بن زيان على أن الفقيد كان محل احترام الجميع لا يفرق في تعاملاته بين أفراد مجتمعه كان محبوبا الكبار والصغار وحتى الأطفال. يقول جيرانه لم يسمعوا منه كلاما قبيحا ولا صوتا غليظا ولم يروا منه منظرا غير لائق، كان الرجل الخلوق الطيب، خفيف الظل، المساعد على الخير وفعله. وعدّد أقارب المرحوم خصاله بالقول كان أول من يصل رحمه ويستفسر عن احوال أقاربه.
قالوا عن الفقيد
نادية فريالي: فقدت أخا لن يعوضه الزمن
قالت الفنانة نادية فريالي وهي إحدى الممثلات التي اشتغلن معه أنها لم يغمض لها جفن منذ سماعها خبر وفاة الفنان بلاحة.. وقالت “اشتغلت معه كثيرا وتقاسمنا معا الحلو والم .. فعلا فقدت أخا لن يعوضه الزمن”.
المخرج محمد حويذق: فقدت ابني
وقال المخرج التلفزيوني حويدق باكيا “فقدت ابنا خلوقا متفانيا في خدمته، محبا للفن… فقد اكتشفناه فنيا في سبعينيات القرن الماضي واستطاع أن يندمج بسرعة فائقة في مجال الفن. بلاحة أراد أن يقاسمني ماله، لأنني ساعدته على ولوج الفن ورفضت.. وتلك خصال لن يفعلها إلا بلاحة.
الفنان حمزة فغولي: الفن فقد أحد أركانه في الجزائر
بوفاة الفنان بلاحة بن زيان يكون الفن في الجزائر قد فقد أحد رموزه. فبلاحة واحد من صناع البهجة والفرحة في محيا الجزائريين، كيف لا وهو الذي كان يقول لا تعطوني إلا الأدوار التي تضحك الجزائريين. ويضيف فغولي… “آلمني فراق أخ عزيز وفنان كبير في حجم بلاحة بن زيان. رحمة الله عليه”.
الفنان عليلو
عرفت الفنان وأنا صغير في الجهة الغربية للوطن.. كان إلى جانب روعته في الفن وامتهانه له بقوة واقتدار.. كان رجلا طيبا خلوقا لا تعرف عنه إلا طيبة الاخلاق وحسن السلوك. لا يوجد من لا يحب بلاحة في سيق أو وهران أو الوطن كله.. فقدنا الكثير الكثير بوفاته.. الله يرحمه.
الرياضي ناصر بن شيخة
قال الرياضي ناصر بن شيخة القادم من وهران.. إنه يعرف الفنان عن قرب، وأردف “لعظم أخلاقه ونبل شيمه، لا أجد تعبيرا يفي الفقيد حقه.. الرجل كما تعرفونه في مسلسلاته هو كذلك في حياته.. لم يكن يوما متصنعا في أدوراه.. ما ترونه في مسلسلاته هي طريقة عيشه.. بسيط متواضع محب للجميع ويحبه الجميع. الدليل على ذلك أن الجزائر اليوم تبكيه حتى الأطفال قدموا لتشييع جنازته.
كمال بوعكاز: فقدنا فنانا من طينة الكبار
الفن الجزائري فقد فنانا من طيبة الكبار.. لا تفي الكلمات الغرض ولا تفي الرجل حقه، فكله خصال حميدة وأخلاق وتواضع وبساطة.
عاش بسيطا ورحل بسيطا
الممثل بلاحة بن زيان.. يرحل مرتين في نفس اليوم
للتذكير انتقل إلى رحمة الله الفنان بلاحة بن زيان الأحد، عن عمر ناهز 68 عاماً بعد معاناته مع المرض الذي استوجب إجراء عملية جراحية مستعجلة منذ ايام بالمستشفى العسكري بولاية وهران اياما بعد الانتهاء من تصوير مشاهده في الموسم الثالث من سلسلة عاشور العاشر التي يبثها التلفزيون الجزائري.
و تزامن رحيل الفنان بلاحة بن زيان مع عرض مشهد وفاته في سلسلة عاشور العاشر، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي آخر مشهد له في دور “النوري” بالمسلسل، اين سقط مغشياً عليه، ليتزامن ذلك بوفاته الحقيقية في ذات اليوم الذي بث فيه المشهد.
يعتبر الفنان بلاحة بن زيان واحدا من أشهر الممثلين في الجزائر، حيث ترك مشوارا حافلا بمختلف الأعمال التي أبدع في أداء أدوارها في المسرح والسينما والتلفزيون، صانعا لنفسه قاعدة جماهيرية توجته نجما فكاهيا دون منازع.
ولد الراحل بلاحة بن زيان بولاية وهران عام 1953، وبدأ مشواره الفني في عالم المسرح والتلفزيون سنة 1972 بعد ما تخرج من معهد التمثيل بوهران، حيث انطلق في مسيرته الفنية منذ 1974، اين أبدع في أداء عدة أعمال مسرحية وتلفزيونية التي تميزت بطابعها الفكاهي، بالإضافة إلى عدة أعمال تلفزيونية على غرار: “حويدق”، “كيفاش وعلاش”، “كلتوم”، “وردة مسمومة”، “جيلالي كلانشة”، “بوضو”، كما ظهر الراحل بشخصيته المميزة في مختلف اعمال المخرج جعفر قاسم كسلسلة “جمعي فاميلي”، “ناس ملاح سيتي”، “دار البهجة” ومؤخرا في مختلف اجزاء سلسلة “عاشور العاشر” التي أدى فيها الراحل شخصية “النوري” والتي اعتبرها من أفضل وأهم الأدوار التي أداها في مشواره الفني، خاصة من خلال تعامله المستمر مع المخرج جعفر قاسم الذي أعاد له الاعتبار مما تجلى في أدائه الملفت في السلسلة التي اتقن فيها دور الوزير الذي يعمل تحت سلطة “السلطان عاشور العاشر”، فرسخت لدى الجمهور صورة الفنان صاحب الدم الخفيف وفنانا محبوبا لا يستغنى عنه في العمل الذي شارك فيه بلمسته المميزة التي ظهرت جليا في حواره، خاصة وأنه كان باحثا في الشعر الملحون ومتمكنا من تغيير كلمات في الحوار دون الخروج عن المحتوى، كما برز الراحل في العديد من الأعمال المسرحية على غرار “التفاح” للمخرج الراحل عبد القادر علولة الذي اغتالته أيادي الغدر سنة 1994.
للإشارة، فإن الراحل بلاحة بن زيان قد شارك في تصوير الموسم الثالث من سلسلة “عاشور العاشر” وهو مريض، حيث صرح لوسائل اعلامية بأن “الله مده بالقوة ومكّنه من التغلب على المرض أثناء التصوير”، ليقوم بعدها بإجراء عملية جراحية، حيث ظهر بعدها في عدة فيديوهات، طالبا من جمهوره الدعاء له بالشفاء.
ورغم مشواره الحافل طيلة مساره الفني، إلا أن الراحل عانى من التهميش والحالة الاجتماعية الحرجة التي حرمته من امتلاك منزل يليق بمقام الفنان الذي أفنى روحه في رسم الابتسامة على وجوه جمهوره لسنوات، حتى انه عبر في العديد من المناسبات عن تذمره من الحالة التي آلت إليها ظروف الفنان في الجزائر والذي لم يشفع له عطاؤه المستمر لسنوات للظفر بالعيش الكريم.
