-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في تيهرت وسوقر

في تيهرت وسوقر

صدق الإمام محمد البشير الإبراهيمي القائل مخاطبا الجزائر: “إنّ في كل جزيرة قطعةً من الحُسن وفيك الحُسن جميعُه، لذلك كنّ مفرداتٍ وكنت جمعا، فإذا قالوا: “الجزائر الخالدات” رجعنا إلى توحيد الصفة وقلنا: “الجزائر الخالدة”، وليس بمستنكَر أن تُجمع الجزائرُ في واحدة”. (آثار الإبراهيمي 4/183).

وبعضُ هذا الحُسن هو ما استمتعت به عيناي وعيونُ مرافقيّ (د. عبد المالك بوعمرة والأستاذ غازي بوشامة) ونحن ذاهبون إلى مدينة تيهرت في يوم الخميس الماضي (16-12-2021)، وذلك تلبية لدعوة كريمة شرّفتنا بها “جمعية الأمان لرعاية الأيتام وتربيتهم” الناشطة في بلدة سوقر، وجامعة ابن خلدون للمشاركة في فعاليات “اليوم العالمي للغة العربية”، تحت عنوان: “هُوية الأمة وروحُ ثقافتها”.

ولمن لا يعرف سبب تسمية جامعة تيهرت باسم عبد الرحمان ابن خلدون، مؤسِّس علم العمران وأعظم من قذفته رحمٌ وسعت به قدمٌ في رأي مؤرخ الحضارات أرنولد توينبي الإنجليزي، هو أن ابن خلدون أقام حينا من الدهر في منطقة فرندة القريبة من تيهرت، وكتب في تلك المنطقة “مقدّمته”، التي اعتبرها أولو النُّهى وأهل الذكر جواهر العقل البشري عبر التاريخ…

كان سفيهٌ فرنسي يُسمَّى بيير موروا – وما أكثر السفهاء في فرنسا قديما وحديثا – كان هذا السفيه يقول إن الجزائريين عِرقٌ غير قابل للتربية، ووالله ما غير القابل للتربية إلا هو، لأنه يجحد إحدى نعم الله -عز وجل – التي منَّ بها على بني آدم، وهي نعمة العقل، الذي هو “مناط التكليف” كما يقول علماؤُنا..

لذا امتلأت نفسي حُبورا، وكدت أطير فرحا وسرورا وأنا أرى “مدرج الوئام” مكتظا بالطالبات والطلبة وهم يلقون السمع لما يلقيه الأساتذة من حقائق عن هذا اللسان الذي اصطفاه الله – عز وجل – ليُنزل به آخر رسالاته إلى البشير، وهو اللسانُ الذي “وسِع كتابَ الله لفظا وغاية” كما قال حافظ إبراهيم، وجمع “الجمالَ وسرَّه” كما قال أحمد شوقي…

وبعد انتهاء النشاط الفكري في جامعة ابن خلدون أصرّ الإخوة من آل شعلال إلا أن يُكرموا ضيوفهم في بيتهم العامر في مدينة سوقر، فجسَّدوا بذلك حديثَ رسول الله – عليه الصلاة والسلام – “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه”.

ثمّ قمنا بزيارة إلى مقرّ “جمعية الأمان لرعاية الأيتام وتربيتهم” هذه الجمعية القائمة على تبرّعات الصالحين والصالحات، وأجمل ما تقوم به هذه الجمعية أنها لا تقتصر في عملها على الجانب المادي مما يحتاجه هؤلاء الأيتام، بل تهتم إلى جانب ذلك بتربية هؤلاء الأيتام وتثقيفهم.. وقد رأينا من هؤلاء الأيتام – ذُكرانا وإناثا – ما ينبِّئ بخير كثير.. فاللهَ نسأل لهذه الجمعية ولمثيلاتها في الجزائر كل التوفيق، ولهم من الله جزيل الأجر، ومن عباده كثير الشكر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!