-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شهادات حية بذكرى رحيل ايقونة المالوف حمدى بناني

في ذكرى رحيل الملاك الأبيض حمدي بناني.. عاش موسيقارا ورحل كنغمة “شذّت عن اللحن”

طارق معوش
  • 284
  • 0
في ذكرى رحيل الملاك الأبيض حمدي بناني.. عاش موسيقارا ورحل كنغمة “شذّت عن اللحن”
تصوير: عيسى عيساني

نظمت مديرية الثقافة والفنون في عنابة مؤخرا بالتنسيق مع دار الثقافة ومكتب الاتحاد الوطني للفنون الثقافية في الولاية، تذكارية الفنان حمدي بناني، تضمنت شهادات حية، فضلا عن تنظيم معرض للصور وبعض أغراضه الفنية من لباس وتحف فنية خلدت اسمه والتي تحكي عن مساره الخالد وإنجازاته وشهاداته والتقديرات المشرفة في داخل الوطن وخارجه، كما تم تدشين لوحة فنية رائعة من طرف الامين العام حريزي سليم مرفوقا بمدير الثقافة الدكتور تليلاني أحسن ومدراء قطاع الثقافة وإطاراتها ورفقاء درب الفقيد وعائلته الفنية والعائلة الكريمة يتقدمهم نجله الفنان كمال بناني وبحضور جمع كبير من محبيه داخل وخارج الولاية.

غنى “المالوف” كما لم يغنّه أحد من قبله

حمدي بناني والملقب بالملك الابيض والذي قال ذات يوما “وأحبابي فارقوني ونكروا عشرتي”، دون أن يعرف أن عشاقه لم ينكروا جميل موسيقاه التي قدمها في أزيد من نصف قرن، قبل أن يقرر هجر كمانه الأبيض وأن ينزل إلى الأبد عن المسرح ويرحل بصوته.

لم يكن الفنان حمدي بنّاني الذي رحل عن عمر ناهز 77 سنة بمدينة عنابة شرق الجزائر، مجرد مطرب صنع ذاكرة أجيال تلاحقت تردّد أغانيه، بل أحد مدارس موسيقى “المالوف” التي اشتهر بها ، وأحد رواد الفن الذي يغني القصيدة الملتزمة.

“ماكينة التجديد” كما يحب أن يلقبه البعض، إذ لا يرضي النجاح بنّاني، بل الاستمرار فيه وتطويره. غنى “المالوف” كما لم يغنّه أحد من قبله، فهاجمه “المتعصّبون” للتمسك بالموسيقى التراثية، وكان ردّه أن “الموسيقى التي لا تجد من يجددها تموت”.

أدخل حمدي بنّاني على “المالوف” آلات لم تكن تستخدم في عزفه، على غرار “القيتار” و”الدرمز” أو ما يعرف بـ”الباتري” و”جهاز المزج” أو ما يعرف بـ”الأورغ”، وغيرها من الآلات التي استطاعت أن تصنع تفرّد صاحب الكمان الأبيض.

ارتبط اسمه بالكمان الذي صمّم خصيصا على مقاسه وذوقه

لم يكن صاحب رائعة “ياغربتي في بلاد الناس” حريصا فقط على جمال ما يقدّم من فن، بل أحد أيقونات الأناقة في الجزائر، فاشتهر بتركيزه على أدق التفاصيل وإطلالاته التي كان يحبذ فيها الأبيض، وارتبط اسمه بالكمان الذي صمّم خصيصا على مقاسه وذوقه.

قدّم بنّاني مدائح دينية وأنشد للوطن، غنّى للحب والأم وغنّى القصائد والطقطوقات، وظل متمسّكا بفنّه وبالتجديد الذي بدأت رحلته قبل ربع قرن، واختار عصرنة موسيقى المالوف حين اعتلى أحد حفلاته سنة 1974.

غادر حمدي بنّاني تاركا مئات الروائع التي أثرت المكتبة الموسيقية الجزائرية، وظل عالقا بأذهان الجزائريين عدد من العناوين على غرار “بالله يا حمامي”، و”ولو يغيب سنين وعام “، و”عينين لحبارة “، و”عاشق ممحون” إلى جانب أغنية “الطالب ” وغيرها.

حرص عميد أغنية المالوف في الجزائر على أن يعيش لفنه، وأن يهب عمره ترسيخا لرسائل الفن، فعاش موسيقارا ورحل كنغمة “شذّت عن اللحن”، كي تهدأ بعيدا عن المقطع الموسيقي الصاخب.

الفنان كمال بناني لمجلة الشروق العربي

نشأ في بيئة فنية منذ صغره، حيث أحب الفن بفضل مرافقته لوالده الفنان الراحل حمدي بناني وانخراطه في فرقته الموسيقية، إنه الفنان المبدع الشاب كمال بناني الذي يعمل جاهدا للمحافظة على إرث والده الفني.

عن مسيرته الفنية وما اكتسبه من والده فنيا وأمور أخرى تتابعونها في هذا الحوار الذي خص به الفنان كمال بناني الشروق العربي

هذا ما نصحني به والدي الراحل الفنان حمدي بناني..

الشروق : كان ولا يزال، المرحوم حمدي بناني ، الذي غادرنا منذ سنة، عميد أغنية المالوف، وانتقلت الرسالة منه إليك، باعتبارك الابن الوحيد، كيف كانت علاقتك معه ؟

علاقتي به كانت مختلفة عن علاقاتي مع الجميع، فكنت الأقرب إليه بحكم اني الابن الوحيد ضف الى هذا ميولاتي الفنية التي كنت متعلق بها منذ نشاتي ، وكانت له ثقة كبيرة في قدرتي على الحفاظ على هذا الفن، والإبداع فيه، لذلك حملني مسؤولية إكمال المشوار، فكان يقول لي دائما “أنت هو خليفتي ولكن خالف تعرف “. وأحاول أن أكون على قدر المسؤولية التي أسندها إلي، وهدفي هو بقاء هذا الفن، واستمراره لتتناقله الأجيال القادمة، أحاول دائما أن أكون خير خلف لخير سلف، من خلال العمل على مواصلة المشوار الذي سار عليه والدي، لكن على طريقتي، وبأسلوبي، فأي شخص يستمع لأغاني، يمكنه مباشرة التعرف على أسلوب كمال بناني .

الشروق : كان يقول لك – خالف تعرف – كيف ؟

 من غير شك إن لقب “بناني” مرسخ في التاريخ وجمهوره يريد أن يرى حمدي بناني بصورة كمال بناني ، لكن أن أكون حمدي بناني، فهذا مستحيل لأن الكبار حتى أصبحوا كبارا أبدعوا بشخصيتهم المنفردة، وهذا ما كان يشجعني عليه والدي.

نعم عندي خامة صوتية تشبه صوت والدي، لكن أدائي مختلف ولا أستعمل نفس التقنيات لأنه كان يشجعني منذ صغري على عدم تقليد أي كان وحتى عن تقليده هو بالذات.. كان يقول لي غني كما تحس أنت بمشاعرك وإحساسك لأنك لما تؤثر في نفسك وتغني بقلبك تؤثر في الجمهور، واصنع اسمك من موهبتك وإحساسك بالمقولة المعروفة “خالف تعرف”.

فن المالوف اندثر ولم يعد بالشكل الذي تعود عليه أسلافنا

الشروق : ولهذا قدمت نغمة المالوف من نوع آخر يختلف عما تعود الناس عن سماعه .. فما الخلطة السرية التي يعتمد عليها كمال بناني ؟

 أنا أمثل الجيل الجديد لأغنية المالوف وأصارحك اليوم إن قلت إنه لم يعد هناك مالوفا بالشكل الذي تعود عليه أسلافنا، أتحداك إن وجدت رواجا لألبومات مالوف قديم فالفن الذي

تتحدث عنه اندثر في ظل وجود أغاني جديدة وطرق جديدة وفنانين يؤدون العديد من الطبوع الغنائية الخفيفة السهلة، المالوف اليوم هو فن غابر على حد قول العديد من الناس الذين لا يرون فيه فنا يعكس الحياة الجديدة وهو الأقل مبيعا إن لم نقل أنه لا يباع أصلا، أقولها اليوم من منبر مجلة الشروق العربي أنه على آهل الاختصاص أن يدخلوا المالوف إلى المتحف لأن زمانه انتهى وانتهى معه الزمن الجميل إن لم خالفني البعض، أما عن سؤالك فأنا أؤكد مرة أخرى أني لا أمثل المالوف بل الأغنية الاندلسية العصرية التي تلقى رواجا فأنا فنان أعيل عائلتي من الفن الذي أقدمه اليوم بكلمات بسيطة جدا تعكس الحياة البسيطة التي نعيشها وبألحان خفيفة عصرية.

الشروق : برائك ماذا حقق هذا الفن في الجزائر؟ وهل يلقى إقبالا من طرف الجمهور ؟

 الشباب اليوم يميل إلى أنواع موسيقية لا معنى لها، بكل صراحة، لا من حيث الكلمات ولا من حيث الموسيقى، وليس فيها أي إبداع أو اجتهاد، ولهذا يجب على الشباب أن يعوِّدوا آذانهم على فنٍ راقي، ذو مستوى عالي، كما كانت عليه عائلاتنا وأجدادنا من قبل، كالفن الأندلسي والمألوف والشعبي، لأنها أنواع فنية تعبر عن هوية كل جزائري واكيد مع التجديد الدائم لاني اتفق مع الرئ الذي يقول كل جيلو وفنو ، هذا لا يعني أنني ضد الأنواع الموسيقية الأخرى بالعكس استمع لكل الأنواع، لكن شرط أن يكون نوعا راقيا ويطرب الأذن، غير أنني أعتقد بأنّ الأنواع المتواجدة في السوق لا تستدعي كل هذا الإهتمام بها. مكانة الفن والطرب الأصيل تراجعت كثيرا من حيث الإهتمام

الشروق : وما مدى اهتمام المنتجين بالمالوف؟

 للأسف، المنتجون لا يهتمون بتاتا بهذا النوع من الموسيقى، بل يهتمون أكثر بالأنواع التجارية ذات الريتم الخفيف والسريع، لأنها تجتذب شباب اليوم. مكانة الفن والطرب الأصيل تراجعت كثيرا من حيث الإهتمام، بالنسبة لي، أعتمد على نفسي فيما يخص الإنتاج ولا ألجأ إلى أي منتج.

الشروق : اهتمامك بالمالوف، يجعلنا نتشوق لمعرفة حكايتك مع هذا الفن الراقي، منذ بدايتك الأولى إلى يومنا هذا ؟

 وأنا في الثامنة من عمري بدأت أعزف على آلة الغيثار والبيانو ثم التحقت بالمعهد الموسيقي لأدرس السولفاج والغيثار أيضا.. في 2001 غنيت في التلفزيون الجزائري على المباشر وكانت الإنطلاقة ثم كونت فرقتين، الأولى في المالوف الأصيل والأخرى في العصري مع أني بقيت مع والدي في فرقته أيضا كعازف ومغني.. شاركت في عدة مهرجانات وحفلات.. عندي ألبومين في السوق وألبومين قيد التحضير للعام المقبل إن بقينا في هذه الدنيا. واغاني منفردة بين السينغل والكليبات

الشروق : هل من جديد يعد به الفنان كمال بناني جمهوره الواسع ؟

 هناك ألبوما من المالوف الأصيل وفيه أغنية “البوغي” يرفقها كتاب يحكي القصة كاملة فيه 257 صفحة كتبه الدكتور فريحة عبد الغاني كما أحضر لجمعية ثقافية تسمى “الجمعية الثقافية حمدي بناني” من بين أهدافها تعليم وتدريس الموسيقى الأندلسية “المالوف” خصوصا للمحافظة على التراث..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!