-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في قلب باريس

في قلب باريس

الذي يتابع سباق الرئاسة الفرنسية، في الأيام الأخيرة، سواء في صورة الرئيس الحالي إمانويل ماكرون أو منافسيه، يلاحظ بأن الأقدام متسابقة، في باريس، والقلوب حول الجزائر بتاريخها وجغرافيتها، فالرجل الأول في قصر الإليزي، دخل في صراع بين قلبه وعقله حتى صار متناقضا، وإلا كيف نفسّر عودته إلى حادثة إطلاق نار في الجزائر جرت في مارس 1962، من دون أن يطلب منه أي كان أن يخوض في التاريخ أو يعطي رأيه في الحادثة لأجل أن يمد يده لـ”الحركى” مع مزيد من التناقض السياسي الذي لم يسبق لأي رئيس فرنسي أن وقع فيه، بما في ذلك الرؤساء الذين قادوا فرنسا في زمن استعمارها للجزائر، وآخرهم شارل ديغول؟!

الجميل هذه المرة هو أن الجزائر، نفضت أيديها من الوجع الفرنسي، فما عادت تستهويها بعض الورود البلاستيكية التي تُرمى هنا، وما عاد يستفزها بعض الخرجات التي تقام هناك، خاصة من الرئيس ماكرون، بل لم تعُد حتى تتفرج على هذه السقطات وتستمع إليها، وهو ما جعل الشأن الفرنسي هذه المرة فرنسيا بالكامل، حتى ولو أراد وأصرّ ماكرون أن يمكُر بكل ما أوتي من قوة.

لفت نظرنا يوم الأربعاء الماضي، إطلاق بعض القنوات الفرنسية الإخبارية لـ”عواجل” باللون الأحمر، تتحدّث عن حادثة عمرها ستين سنة، تشير إلى أن الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون يعتبر حادثة إطلاق النار في شارع إيسلي بالجزائر العاصمة، أمرا لا يغتفر بالنسبة للجمهورية، لأنه شمل بعض مؤيدي التواجد الفرنسي في أرض الجزائر، وجاء هذا التصريح الغريب، من دون أدنى مناسبة تاريخية، وكأنّ الرجل تحدّث عن أمر عابر وفريد قامت به فرنسا في دقيقة واحدة من خطإ من أحد أفرادها منذ ستين عاما. وإذا كان الرئيس الفرنسي قد تعوّد على خرجاته، خاصة على مشارف انتخابات الرئاسة، وهو مثل غريق السياسة الذي يحاول أن يجمع المتناقضات في اليد نفسها، فإن تحويل هذه التصريحات إلى “عواجل” على تلفزيونات فرنسا في زمن بلغت فيه أرقام كورونا أكثر من نصف مليون حالة يوميا في فرنسا وعصف الاقتصاد والثلج والسياسة بقوة، ومع ذلك تُنسى كل هذه العواجل الحمراء، وتتحدث عن رأي رئيس في حادثة وقعت سنة 1962، وتلوَّن فيها كلمة “عاجل” باللون الأحمر القاني.

يدرك الجزائريون بأن تشخيص حادثة في حرب ظالمة أو استخراجها وحدها من آلاف الجرائم هو نسفٌ لبقية الأحداث، لأن الجيش الفرنسي الذي ارتكب جريمة لا تُغتفر في الجزائر، كما قال ماكرون، كانت له جرائم أبشع في كل المدن والقرى الجزائرية وليس في سنة 1962 فقط، وإنما على مدار قرن وثُلث قرن من الاحتلال.

يقول المثل الفرنسي، إن الذي لا خيرَ فيه مع صديقه، على عدوّه أن ينساه للأبد، وهو حالنا الآن مع فرنسا التي اعترفت بأنها أطلقت النار بوحشية على أصدقائها في زمن الاستعمار، فما الذي فعلته مع أعدائها؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ديدوش مراد

    فرنسا الاستعمارية الماكرة الخبيثة الارهابية النازية انتهي دورها بالجزائر والي الابد . الجزائر الجديدة تطهرت ونظفت نفسها من نجاسة فرنسا واختارت التعامل والتشارك مع دول ارفع وارقي اخلاقا واخلاصا ووفاءا للالتزاماتها وذات جودة عالية كالصين والمانيا وبريطانيا وروسيا وامريكا والهند وكندا واليابان وكوريا الجنوبىة واستراليا وسويسرا وغيرها ...... الجزائر تحررت اخيرا من ابتزاز وخيانة وغدر ومراوغات فرنسا الفاشية . الشاه مات يا ميستر ماكرون