الرأي

قالوا 2030..  !

محمد سليم قلالة
  • 1436
  • 5
ح.م

كثيرا ما تَرِدُ سنة 2030 في أحاديثنا السياسية أو برامجنا الاقتصادية أو التربوية.. شيء جميل أن نضع أنفسنا باستمرار ضمن المستقبل، وأن نحاول التفكير لما بعد اليوم والغد البعيد.. ولكن هل نملك فعلا تصورا عما سيكون عليه العالم بعد أكثر من 10 سنوات من الآن في ظل التسارع الكبير الذي يحدث اليوم؟ هل لدينا هيئات متخصصة لرصد خصائص العالم لسنة 2030 وما بعد؟ هل خصَّصنا اعتمادات مالية لمراكز بحث عالية المستوى لأجل الاهتمام بالمستقبل؟ هل تقوم مديريات الاستشراف بوزاراتنا المختلفة بالدور الذي ينبغي أن تقوم به؟ وهل لديها الإمكانات والخبرة العلمية اللازمة للقيام بذلك لكي يتحدث بعض من لا علاقة لهم بالمستقبل عن سنة 2030؟

وفي جانبٍ آخر، هل لدى أيِّ مسؤول في بلادنا القدرة على الإجابة عن السؤال الكبير الذي يقول: إذا كان العام سيتغير بهذا الشكل بعد 20 سنة من الآن، هل بإمكاننا التكيف مع ذلك وتمكين أبنائنا من العيش فيه بسلام؟

يبدو لي أننا بقدر ما نُسارع للحديث عن المستقبل، ومحاولة إبراز أننا نسعى إلى إيجاد موقع لنا ضمنه، لم نوفر لأنفسنا ما يلزم من المعلومات والتحاليل القادرة على تبصيرنا بما ينبغي علينا فعله من الآن.

هل لدينا إجاباتٌ كافية مثلا عن نوع الأمن الذي ينبغي أن نوفره للأجيال القادمة في ظل تبعيتها المطلقة للتكنولوجيات الجديدة؟ هل لدينا إجاباتٌ كافية لنوعية الاقتصاد الذي ينبغي أن يكون لدينا في ظل الأنماط الاقتصادية التي ستسود العالم في العقود القادمة؟ وقس على ذلك ما تعلق بالثقافة والدين والتعليم واللغة والسياسة والأخلاق والأسرة…

إننا بحق أمام تهديداتٍ لا حصر لها في هذه الجوانب، ككل الدول التابعة في هذا العالم.. وبكل المقاييس لا تكفي الجهود الحالية المبذولة للتكفل بالتكيف مع المستقبل، بالنظر إلى انشغالنا الكبير بالحاضر الضاغط وباليوميات التي نعيشها ولا نكاد نتمكن من تجاوزها. وعليه ليس أمامنا سوى أن نُلزم أنفسنا بتفعيل ما هو موجود من هيئات إدارية لها علاقة بالاستشراف، وتزويدها بالمعارف اللازمة للقيام بعملها على أحسن وجه من خلال تكوين ملائم، وفي مقام آخر إنشاء هيئة مركزية مستقلة علميا وماليا، مهمتها فقط رصد التحولات العالمية القادمة، وتقديم ما يلائم من أفكار واقتراحات للهيئات والوزارات المختلفة لتكييف برامجها مع ما هو قادم من تحولات، وإلزامها بذلك.

دون هذا يبقى الحديث عن سنة 2030 أو ما بعدها مجرَّد وهم بأننا نسعى إلى حماية أنفسنا من مستقبل ضاغط بلا شك، ومجرد كلام  يطلقه هذا المسؤول أو ذاك للهروب من مشكلات يومية ضاغطة يعيشها بعيدا عن أي تفكير استشرافي شامل يهم مستقبل هذا الوطن ومستقبل أبنائه، أخلاقيا وعلميا واقتصاديا، ليس فقط كشباب سيعيش للمستقبل القريب إنما حتى كأطفال لم يولدوا بعد، وينبغي الاستثمار فيهم من الآن.

مقالات ذات صلة