الجزائر
المترشح للانتخابات الرئاسية 2014 علي بن فليس في حوار لقناة الشروق:

قانــونا القضــاء والمحــروقات سبب خـلافـاتي مع بوتفليـــقة

الشروق أونلاين
  • 37755
  • 180
جعفر سعادة
السيد علي بن فليس رفقة رئيس تحرير جريدة الشروق

يخرج السيد علي بن فليس، المترشح للرئاسيات القادمة عن صمته بعد أكثر من 10 سنوات من الصمت، وقد اختار بن فليس النزول ضيفا على قناة الشروق في حوار مطول دام أكثر من ساعتين، عرج خلالهما على مساره ومسيرته ومشاريعه. ورغم كونه فضل الحديث اكثر على المستقبل بدل الماضي، إلا انه وتحت ضغط الظرف السياسي الراهن أفرج بن فليس على الكثير من المعلومات التي تتعلق بأساس خلافه مع الرئيس بوتفليقة في 2004.

وهنا يكشف بن فليس حصريا أن سبب خلافه مع بوتفليقة يتعلق أساسا بقانوني القضاء والمحروقات، ولأنه رفض ان يتصرف -كما قال- فيما يعود بالملكية للشعب الجزائري وحده. كما تحدث الرجل الأكثر جدلا في الساحة السياسية عن ملف الخليفة، وقدم حقائق مثيرة تذكر لأول مرة. وأبدى تفاؤله بفوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة، مؤكدا انه لم ولن يكون مرشحا لأحد أجنحة السلطة مثل ما يروج  .

 

أول سؤال يطرحه المواطن الجزائري بعد 10 سنوات من الغياب، لماذا كل هذا الغياب؟

 شكرا جزيلا أخي محمد، وتحيّة للمشاهدين الأفاضل، سؤال وجيه، 10 سنوات من الغياب. يدعوني هذا السؤال للعودة إلى 2004، وتحديدا خلال الانتخابات الرئاسية، كنت مترشحا وخضت معركة الانتخابات آنذاك، وتلاحظون معي أنني كنت حاملا لمسؤوليتين اثنتين، الأولى الأمين العام للحزب العتيد، ثم المسؤولية الثانية المترشح للانتخابات الرئاسية، وقعت الانتخابات الرئاسية بتاريخ 8 أفريل 2004، ووقع فيها ما وقع، وهذا ومعروف عند الخاص والعام لا داعي للعودة، لأن ما يهم الجزائريين هو المستقبل.

 

معذرة سيدي، أنت في بيان الترشح قلت إنك ملزم بقول الحقيقة للشعب الجزائري، سواء في المستقبل أو حتى عن بعض تساؤلات الماضي القريب الذي كنت شاهدا أساسيا فيه.

 سألتني لإعطاء تفسير للشعب الجزائري عن سبب غيابي في الساحة السياسية، وأنا قلت لك علينا العودة إلى 2004، التي كنت حاملا فيها صفة الأمين العام لحزب الأفلان والمترشح للرئاسيات، ولا يخفى عليكم وعلى القرّاء الكرام بأن حمل مسؤوليتين ثقيلتين عبء ثقيل، أنا متشبع بثقافة الدولة. ودرست في مدرسة ثقافة الدولة عندما نشرت نتائج انتخابات 2004، ولاحظ الشعب الجزائري أنه تم إعلان أنني صاحب 600 ألف صوت في الانتخابات الرئاسية، وكان ورائي في ذلك الحزب العتيد بأغلبية ساحقة، وأحزاب عديدة ساندتني وشخصيات عديدة وشريحة واسعة من المجتمع المدني، وأطياف واسعة من الحقل السياسي الجزائري المتمثل في التيار الوطني الواسع والتيار الإسلامي، والتيار الديمقراطي. وكانت مساندات من كل هذه الأطياف، وبعد الإعلان عن النتائج اجتمعت برفقائي وأحبائي وأصدقائي الأقربين العاملين معي في الحقل السياسي، وطرحنا سؤال ما الموقف وما القرار؟ الجزائر لم تخرج بعد من أزمة خطيرة كادت تهزّ كيان دولة وكيان شعب. ما مسؤولية الأمين العام للحزب؟ أنا أعرف ما الذي سيأتي، وأنا الذي ترعرعت في جبهة التحرير وكبرت وتعبت فيها، وأحببتها وما زلت مناضلا في الحزب، فلن أسمح أن يحصل فيها انقسام من أجل البقاء على رأس الحزب، فثقافة الدولة أملت عليّ بعد النتائج أن أطلب اجتماع اللجنة المركزية في أواخر شهر أفريل، وبالضبط في 19 أفريل 2004، وتم الاجتماع بمقر الحزب بالأغلبية الساحقة منه، وقد استخدمت أطراف كل الوسائل حتى لا يكتمل النصاب، لكنهم فشل، فأكثر من ثلثي الأعضاء حضروا الاجتماع وتكلمت إلى إخواني وأخواتي المناضلين على أنني الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، فلن أكون سببا في الانقسام، ولن أستقيل أو أسلم العهدة للجنة المركزية حتى يتبين لها الطريق الذي سوف تسلكه في المستقبل لكيلا ينقسم الحزب.

 هي أول مسؤولية تحملتها حتى لا ينقسم الأفلان، والمسؤولية الأخرى مسؤولية مترشح ملايين من الناس صوتوا علينا، ولو سجلت أرقام المتصلين فستجد أكثر من 3000 اتصال، كلهم اتصلوا بي لمعرفة الأفق، إذن هؤلاء جميعا يحرّضون حتى يفسدوا الجزائر ويحدثوا انقلابا.

 لم أستطع حتى الاتصال بأنصاري، وأطلب منهم كراء قاعة بمدينة وهران لأحضر وأشرح الأسباب، أو أنشط سياسيا. هذا كان من المستحيل. وحتى الآن يصعب على أي مترشح عنده ثقل مكانتي، أو المساندة التي أملكها أن يتواصل مع أنصاره، ولذلك قررت ـ حماية لأنصاري وهم كثر في كل مدن الجزائر وفي كل مداشرها، وحفاظا على برنامجي الذي مازلت أحتفظ به في المستقبل ـ أن أشتغل سياسيا بطريقة أخرى، وهي الإبقاء على اتصال وعدم الظهور الإعلامي، وقد طفت بجميع أماكن البلاد، في وادي الساورة  بالأوراس في الشمال القسنطيني، في بلاد القبائل، في سطيف، فأنا في الجزائر متواصل مع كل أنصاري.

 

قلت إنك انسحبت للحفاظ على أنصارك؟

 حافظت على الجزائر، وحافظت على استقرارها وساعدت على استقرار جبهة التحرير الوطني، وترشحي ليس بالجديد، ففي جوان 1997 كنت أتصدر قوائم جبهة التحرير الوطني، وعندما أعلن عن النتائج بعد رئاسيات 2004، وقع ما وقع في عاصمة الأوراس. آلاف المتظاهرين أمام مقر جبهة التحرير الوطني غير راضين  عن النتائج، مدافعين عن حقهم المصادر، وقائد المعركة الانتخابية مسؤول عن الدفاع عن حقه، وعنده ـ في تصوري ـ ثقافة الدولة تملي عليه الحفاظ على الجزائر، وأن حرق المدينة أو حرق السيارات أو حرق الجزائر هذا لم يكن ضمن برنامجي الانتخابي، فحفاظا على الجزائر، وحفاظا على جبهة التحرير الوطني لم أغب عن الجزائر أو عن الساحة، إن شئتم قولوا غبت إعلاميا ولم أدل بأي تصريحات، لكن لم أغب عن ولايات الجزائر، ولا عن أنصاري، بل حافظت عليهم، وسرت معهم، كما وقفوا إلى جانبي والدليل أنني لـ 10 سنوات لم أصرح بأي تصريح، لكن قضيتها مشتغلا مع أنصاري، والحصاد الذي حصدته اليوم أني نصبت كل مديريات حملتي الانتخابية في كل المدن قبل إعلان ترشحي في 19 جانفي، وأريد بذلك أن أفسّر لكم بأنه لم يكن هناك غياب، بل اشتغلت سياسيا بطريقة أخرى.

 

البعض يقول ربما هي سمة أبناء النظام عندما يخرجون من السلطة يلتزمون الصمت، سواء خرجوا من الباب الصغير أو الباب الكبير، لأن تركيبتهم ـ أنت قلت ـ ”رجل دولة”، فربما يأتي اليوم الذي يعودون فيه إلى مناصبهم ويدخلون من نفس الباب الذي خرجوا منه؟

 هل أعتبر سؤالك هذا مدحا أم ذما؟

 

لا هذا ولا ذاك، هو سؤال جوهري؟

 لا بأس، فأنا ديموقراطي، وأتقبّل  قولك أنني ابن النظام وجالس في منزلي، وأنتظر الاتصالات الهاتفية. أنا حامل مشروع اطني، يعني بناء مجتمع الحريات والديموقراطية والعدالة المستقلة، وبناء دولة تتمتع بفصل السلطات، دولة يكون فيها برلمان حقيقي يستجوب الحكومة، وبإمكانه إسقاطها، وبإمكانه استدعاء الحكومة في أي وقت، عدالة لا تخضع للسلطة التنفيذية إطلاقا. غير مقيّدة، ووسائل الإعلام حرة، ووسائل الإعلام العمومية يقول فيها الحاكم ما يريد أن يقول، وتقول فيها المعارضة المختلفة ما تشاء، هذا هو المجتمع الذي أحلم به.

 هذا هو البرنامج الذي أحمله للشعب الجزائري، وما زلنا نحلم ونؤمن بروحانية التصور، سرت في أصعب الظروف في 2004 وحطمت كل القيود المتعارف عليها حتى أعرّف بنفسي أكثر للشعب الجزائري، وأعرض برنامجي، فمرحبا لمن يريد الالتحاق بالركب الذي أسير فيه.

 

في الدول المتقدمة، مترشح بحجم علي بن فليس يخسر أو ينسحب من الانتخابات ويكتشف أن لديه قاعدة شعبية ”كبيرة أو صغيرة” ـ نختلف في تقييمها ـ يفترض  أن يشكل حزبا في الساحة السياسية ولا يعود إلى بيته.

 شكرا، هل تعرف البيئة التي خرجت منها، هل تعرف مكانتي السياسية، أنا انخرطت في جبهة التحرير الوطني سنة 1971 كمناضل، وقبلها كنت في اتحاد الطلبة وفي 1978 كنت في اتحاد الحقوقيين، وكنت في قاعدة حزب جبهة التحرير الوطني، ووصلت إلى القيادة إلا بعد أحداث 88، ودخلت في اللجنة المركزية في الوقت الذي كان الناس يفرون للعلم، حيث بعد التعددية الحزبية أصبحت أجواء الحزب غير مواتية  وأصبح القوم يفرون ويهربون، وهنا أحببت العمل السياسي والنضال، وما دام عندي الزخم الكبير من المواطنين والمواطنات المؤيدين لي. فأكثر من 70 بالمئة من قواعد جبهة التحرير الوطني، بقيت وفية لي إلى هذا اليوم، ولا أستطيع إعطاءك نسبة المؤيدين في اللجنة المركزية ولا أسماءهم.

 

هل تقصد اللجنة المركزية الحالية؟

 نعم، أقول أعضاء في اللجنة المركزية في جميع الفئات والأطياف وفي القيادة وعدد هائل من المناضلين في كل المحافظات وفي كل القسمات، كيف لي أن أؤسس حزبا بهؤلاء المناضلين وأنسحب من الحزب الذي تربيت فيه ولعبت دورا فيه.

 

لديك عاطفة قوية تجاه حزب جبهة التحرير الوطني لا تريد التخلّي عنها؟

 ليست العاطفة بل الوفاء، لم أدخل الحزب بالعاطفة، الذي أعجبني فيه هو الوفاء، أنا ابن شهيد، ابن الثورة الجزائرية، ودرست حتى في مدرسة النضال لجبهة التحرير الوطني، وبحكم ثقافة الدولة لا أدخل في صراعات، وبقيت وفيا لجبهة التحرير الوطني في كل الاتجاهات والتوجهات الموجودة في جبهة التحرير الوطني.

 

أصبحت ربما داخل التشكيلة الجديدة لجبهة التحرير الوطني عام 2004 غير مرغوب فيك، الحزب وسيلة المهم القاعدة الشعبية متوفرة، لماذا لا ينشط بن فليس بعيدا عن جبهة التحرير؟

أنشط سياسيا بدون استعمال هياكل جبهة التحرير الوطني، وأنا مقتنع ومرتاح أن داخل هذا الحزب فئة كبيرة قاعديا ومركزيا مساندة لي، وسأربح أشخاصا أخرين في المجتمع المدني وفي أحزاب أخرى. أنا حامل مشروع يجمع الشعب الجزائري، إيمانا منّي واقتناعا بأن جبهة التحرير وحدها أو أي حزب وحده لا يمكنه أن يجد الحلول لأزمة متعددة الجوانب، فهي أزمة دستورية ومؤسساتية واقتصادية وسياسية واجتماعية، فهي أزمة أمنية أيضا فاهتديت واقتنعت بأنه على حزب جبهة التحرير الوطني، وأحزاب أخرى أو من التيارات سواء الديموقراطي أو الإسلامي لو يتحدوا سنسير في مشروع حتى نحل الأزمة السياسية التي لا تزال تعيش الجزائر.

 

ربما كانت لديك إمكانات كبيرة في 2004، لتتوقع نتائج الانتخابات، هل نأخذ منك الجواب اليقين اليوم؟

 هناك فئات من كل الأعمار تقرأ لنا، ماذا ينتظرون منّا إذا رجعنا للماضي، هم يهمهم ويتساءلون كيف تكون العدالة غدا في الجزائر، وكيف تكون الدولة والاقتصاد، وكيف تكون الرئاسة في الجزائر، كيف تلقى الأحزاب السياسية حريتها ولا تخترق ولا تحطم ولا تهان عندما ترى الإعلام العمومي، وترى أن عنده من القدرات العلمية والفكرية والمهنية في الجرائد والإذاعة والتلفزيون، كلهم مكمّمو الأفواه، موجهين حتما نحو الأحادية، حضّرت مشروعا للجزائر حتى نجد مخرجا، وليس وحديو بل الجماعات من حولي كلها تعمل حتى نحرر الإعلام العمومي ويصبح في مستوى القنوات الدولية، إعلام عمومي يستقبل الحكم والمعارضة.

 

أحترم رغبتك في الحديث عن المستقبل، لكن الشيء المهم في الموضوع هو أن هناك شبه إجماع على أن الانتخابات الرئاسية القادمة مغلقة على مرشح السلطة، حتى إن أغلب قوى المعارضة ستقاطع الانتخابات، يعني أنك ذاهب نحو انتخابات مغلقة.

 انتخابات مغلقة؟ هل هذا قرار نهائي؟ أنا مناضل من أجل الديمقراطية، ومن أجل توسيع رقعة الحريات ولبناء مجتمع الحريات، مترشح بقاعدة عريضة ورائي من أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني ومن شخصيات، فبالإعلان عن الانتخابات هل أغلق الباب على نفسي وأبقى في المنزل؟ ما هو دور الرجل السياسي في نظر الذين قرروا المقاطعة؟ أنا ديمقراطي لو تسألني ما هو المكان الذي أحب أن يمنح لي، أقول لك قسم تلاميذ، لم أكن يوما مغرورا، ولم أقل يوما إنني أعرف كل شيء، لكن في البناء الديموقراطي أدافع لأن أكون في المقام الأول، وفي المقعد الأول.

 

كيف يمكن أن تساهم في فتح الانتخابات؟

 يفتحها الناس الذين يدخلون المعترك ولا يقبلون الظلم والتعدي على حرمة الشعب وسيادته، نحن نخوض المعركة حتى نحطم الأبواب المغلقة بمشاركة الشعب في الانتخابات، حتى وإن قرر حزب أو حزبان أو ثلاثة أو أربعة مقاطعة الانتخابات، كيف تريد موقفي من هذا؟ أقول إن هذا حق من حقوق الأفراد، ومن حقوق الأحزاب، من يحب المشاركة يختار الصيغة التي يحبها، والذي قرر المقاطعة يختار الصيغة التي يحبها، ألا تتعجب من رد الفعل الرسمي حول المقاطعين؟ فالمقاطعون ليس لهم الحق في الكلام وليس لهم الحق في التجمعات، ولا تمنح لهم الرخص والقاعات، هل هذه الدولة ديمقراطية؟ إذا أردتُ المقاطعة فلا أحد يتدخل في قراري، وإذا أردت التعبير عن مقاطعتي فلا دخل لك، وإذا أردت أن أجمع المناضلين من محبيّ حتى أشرح لهم أسباب المقاطعة فلا دخل لك.

 هذا تجاوز السلطة لحدود المسؤولية المعطاة للسلطة بالدستور، ومساس بالديمقراطية.

 

لكن هذه السياسة الاقصائية ليست وليدة اليوم؟

 أنا رجل متفائل دائما، مقاوم من أجل الحريات والتوجه للمستقبل وأفضّل أن تسألني عن المستقبل.

 

غالبية المعارضين يقولون إنها مغلقة، هل أنت مقتنع أنها مغلقة وأردت المساهمة في فتح المسار الديمقراطي، أم إنك لا تعترف أنها مغلقة، يعني هناك مجال للمنافسة والفوز على مرشح السلطة؟

 لم أحضر هذه الحصة لأصرح بفتوى عن المغلق والمفتوح، جئت هنا لأقول لك أنا داخل للانتخابات وذاهب للمداشر والقرى حتى أطلب منهم أن يستفيقوا، نعيش في القرن الـ21، والذي مازال يحلم بأننا ما زلنا في العصور الغابرة، حيث كانت الشعوب فيها مغلوبة عن أمرها، هذا انتهى، إننا في عصر الأنترنت، نحن في عصر تويتر والفايسبوك، في عصر، الذي يسكن في وادي ميزاب يعلم الذي يقع في ريو دي جانيرو دقيقة بعد حدوث الواقعة والعكس صحيح، وأنا فهمت هذا وأعددت كذلك حول هذا الموضوع الخاص بالاتصال من المساندين لي جيش من الفايسبوكيين والفايسبوكيات حتى يحملوا هذا المشروع، وحتى ننتصر بهذا المشروع ونؤدي هذا المشروع بصفة سلمية.

 

كيف تعلّق على من يقول إن علي بن فليس يدخل المعترك السياسي كمترشح لجناح في السلطة؟

 في الحقيقة أتركهم يقولون ما يريدون، وأحترم آراء الآخرين سواء كانت مؤسسة أو غير مؤسسة، فهل أنا مرشح جناح من السلطة؟ أنا عندي برنامج هو في ملخص البيان الذي أدليت به، وفيه أدعو الجميع، وأطلب منهم مساندتي لبناء الجزائر، فليست السلطة وحدها التي لديها أجنحة؟ هذا غير وارد، وحتى لو لديها أجنحة فمن المستحيل أن تبني الجزائر لوحدها.

 لهذا خرجت من هذا المنطق الذي يبقي على الأوضاع البالية القديمة التي لا تخرجنا من الأزمة؟ أرى أن برنامجي سيكون دستورا جديدا للجزائر، لماذا؟ لقد فكرت 10 سنوات، وفكرت أكثر بأن الجزائر عرفت 4 دساتير في 63، 76، 89، 96، لا أنتقد شخصا بعينه، فقد اجتهد هؤلاء الناس الذين عملوا على هذه الدساتير واجتهدوا وأصابوا واجتهدوا وأخطؤوا، أنت تعرف القاعدة، فمن اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر. المهم، وصلنا للمرحلة التي نقدر فيها تقييم الأمور، ونقول لماذا لم تكتب ديمومة كبرى للدساتير الأربعة في الحياة لسبب واحد أنها لم تكن دساتير أعدت بأسلوب وإجراء توافقي، المنطق الذي أنا فيه لابد من إعداد مشروع دستور توافقي تجتمع فيه السلطة والمعارضة وكل الفاعلين السياسيين، والممثلين الحقيقيين للمجتمع المدني، ونخرج بدستور توافقي لأول مرة في الجزائر، وهذا الدستور التوافقي يخرج الجميع من سلطة ومعارضات ومجتمع مدني إلى الشعب لإجراء حملة انتخابية لهذا المشروع، هذا هو الدستور الذي يمكن أن يكتب له النجاح والديمومة الكبرى، هذا هو الشيء الذي ينتظره الشعب الجزائري، أنا متخلّق وأسير بثقافة الدولة، لم يرجعني  النظام، أنت تعرف أن الحكّام يقسمون الرجال إلى رجال سلطة النظام ورجال دولة، أنا كنت وزير العدل، وكنت قاضيا، وكنت رئيس حكومة، وأمين عام حزب، ورئيس نقابة محامين، فأنا رجل دولة، وقلت في تصريحاتي ”يا شعب، يا ناس، في الجزائر، في المدن والمداشر والقرى، وجاليتنا في الخارج لنتفق على أن نجعل من الحكم في الجزائر حكما راشدا، نخرج من الحكم التسلطي الباروني الفرعوني الذي ليس له رقيب أو حسيب”.

 

لنعد إلى الواقع، إذا لم يكن الصراع صراع أجنحة، فكيف تعلّق على تصريحات الأمين العام للأفلان عمار سعداني، التي هاجم فيها جهاز الاستخبارات واتهمه بالتقصير، وطبعا تقرأ يوميا في الجرائد ما يحدث من ردود فعل مؤيدة أو معارضة لهذا السلوك، وهو دليل قاطع على وجود صراع قوي بين أجنحة النظام؟

 تعرف أنني كنت الأمين العام للحزب من 20 سبتمبر 2001، انتخبتني اللجنة المركزية ثم أعيد انتخابي في إطار المؤتمر الثامن في 2003، وسلمت عهدتي في 19 أفريل 2004، للأسباب التي ذكرتها سابقا.

 صدّقني، عندما أتذكر مسؤولية جبهة التحرير الوطني أشعر بثقل الأمانة، لقد تقلدت مسؤولية القضاء كوكيل جمهورية وسنّي 24 سنة، وبعد 3 سنوات من تقليدي هذه المسؤولية من الراحل العظيم هواري بومدين، عينني نائبا عاما وسنّي أقل من 27 سنة في أكبر مجلس قضائي هو مجلس قضاء قسنطينة، بعدها انتخبت مرتين نقيبا للمحامين، ثم كنت عضوا مؤسسا لرابطة حقوق الإنسان ثم كنت وزير العدل في ثلاث حكومات.

ثم كنت على رأس الحكومة مرتين، هذه المسؤوليات كلها لم تؤثر في نومي حتى نصبت أمين عام حزب جبهة التحرير، عبء أثقل، ليس أنني لست على قدر المسؤولية، بل أحسست بثقلها، وأتذكر الآية الكريمة حول ثقل وحمل المسؤولية ”..أبينَ أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا”،  أحسست أن بن بولعيد يراقبني وبن مهيدي الشهيد، وكريم بلقاسم وأبطال الثورة الجزائرية، كما قال المعري، على ميدان جبهة التحرير الوطني

صاح خفف الوطأة .. قليلا فأديم الأرض ليس إلا من هذه الأجساد

لا تدس على دماء الشهداء، بل علينا تقديرهم، تقصد من يتكلم باسم الأفلان رسميا، ما ثقافة الدولة، المنطق الخاص بي وتفسيري منطلق من ثقافة الدولة، والدور الأساسي لجبهة التحرير الوطني هو الحفاظ على استقرار البلد وإتخاذ القرارات التي تكون فيها الوسطية.

وسطية أول نوفمبر هي عبقرية النوفمبريين ليتمكنوا من الأحزاب التي كانت قائمة وذابت في المجتمع، رجال قاموا بثورة داخل الرسالة النوفمبرية، وفي عمل مسؤولي جبهة التحرير الوطني أن عليهم الحفاظ على استقرار البلد، وأقول لك تذكر أن الجبال أبين أن يحملن المسؤولية وحملها الإنسان، وأقول لك تذكر أن الشهداء ينتظرون من جبهة التحرير الوطني أن تكون شامخة وقوية وجامعة وبانية للديموقراطية والتعددية، محافظة عليها ومساعدة على بناء مجتمع الحريات هذا هو.. ليس عندي تعليق آخر.

 

لماذا لا ننصف الرجل وننظر للمضمون بعيدا عن شخص سعداني؟

 أنت تقول يجب أن ننصف الرجل، من كلامك تعني أنني ظالم للرجل؟

 

لا أقصد ذلك، بل أقصد مضمون تصريحاته حقيقة أم خيال؟

 وسمح لي أن أقول لك أنا قارئ للحديث القدسي أن الله جل وعلا يقول ”يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا”، أنا لست في موقع أن أظلم، لقد طلبت مني تصوري وقلته لك، أما تصورات الأشخاص، فالشعب يقيم، والمؤسسة تقيم، لكن أنا بالنسبة لي لا بد أن نتحكم في المؤسسات.

 

حتى الذين هاجموا المؤسسة العسكرية منتقدين سعيداني، بعضهم يتهم حتى قائد الأركان اتهامات ربما تزعزع أو تربك المؤسسة العسكرية والجنود في الثكنات وغيرها، ولا أحد تكلم عنه، والآن الجميع يهاجم الأمين العام للأفلان؟

 أنا في موقع إنسان متشبع بثقافة الدولة. مهتم كيف يجري تسيير الدولة وتسيير الأحزاب، وسوف أجيبك عن الموضوع. لابد من احترام المؤسسات، هذا ليس حوله نقاش أو جدال.     

 

طيب، الرئيس بوتفليقة أو محيطه يطلب عهدة رابعة.. أنت كيف ترى العهدة الرابعة من ناحية صحة الرجل، ومن ناحية إنجازاته، هل ما أنجز خلال العهد الثلاث، وكنت شريكا في العهدة الأولى، يؤهله أن يستمر في الحكم أكثر من 15 سنة؟

بالنسبة لي، الرئيس بوتفليقة ـ شفاه الله وشفا كل المرضى ـ لم يفصح عن نية الترشح. لسنا في هذه المرحلة للتعليق، لأنه بالنسبة لي لم يعلن عن نية الترشح حتى يسمح لي بالتعليق. لكن سألتني عن ترشح للعهدة الرابعة تكون بالإعلان عن نية الترشح، إذن لكل مقام مقال عندما تحين مناسبتها استطيع ان أتكلم، سوف تتضح الأمور.

 

أنت كنت ضد العهد الثانية وعندما أتكلم عن العهدة الرابعة، أكيد أنك أكثر الناس المعارضين لها؟

 لكل حادث حديث.

 

من ناحية الحصيلة، كيف تقيم ذلك؟

 تقصد 15 سنة من الحكم. أرى أن الثلاث الأولى، التي تقلدت فيها مسؤولية الأمين العام بالرئاسة ومسؤولية مدير الديوان ومسؤولية رئيس حكومة، أتقاسم في هذه المرحلة مسؤولية الذي وقع في ثلاث سنوات. وقد بذلت مجهودا من اجل بناء المسؤوليات التي تقلدتها، لكن طول المدة ظهرت أشياء وانجازات، الناكر والجاحد فقط لا يعترف بها، كيف في 15 سنة تقولون لم يقع شيء، هنا الموضوعية تقتضي حتى أقول إنها وقعت إنجازات، مثلا قال قائل نفذ مشروع القرن، وهو الطريق السيار، يجب التحدث بموضوعية حتى لا أجحد أو أظلم الأرقام الرسمية للقيمة الحقيقية لمشروع الطريق السيار، لا أعرفه، لكن يقولون أنه 7 ملايير كتقييم أولي، ثم تضاعف، لا أملك الأرقام الرسمية، وتلاحظ بأنه لم ننجز طريقا سيارا، كما يوجد في ألمانيا أو في اليابان أو في فرنسا، وقيمة الكيلومتر مضاعفة بشيء كبير بالنسبة لقيمة ما جرى في الخارج والعالم، ولهذا الأمر الإستفادة من الخبرة، حتى شركاتنا الخاصة والوطنية، يعني أن يكون لها تكوين ومساهمة حتى يستفاد منها ولو القليل هذا من جهة، بالنسبة للموضوع الإقتصادي الواحد منصف، ثانيا مناخ الاستثمار في الجزائر في كل الولايات، يأتي المستثمر الجزائري، يعاني الأمرين حتى يحصل على قطعة أرض لإنجاز مؤسسته إلى آخره وعلى الأجنبي فحدث ولا حرج، لأنه لا يستطيع الوصول إلى مركز القرارات وبالتالي الجو العام للاستثمار غير مناسب، بالإضافة إلى قضايا الفساد التي وقع فيها الكثير من الكلام، أنا حقوقي وقانوني، يجب أن أزن كلامي ولا أتكلم من فراغ وأتحدث بالشيء المعلن رسميا، العدالة الإيطالية تحركت، ووسائل الإعلام في قضايا تهم الجزائر في الفساد، العدالة الجزائرية تحركت، والنائب العام بالعاصمة نظم ندوة صحفية حضرها العديد من الصحفيين وتكلم عن ملاحقات قضائية ضد فلان وفلان وفلان بعنوان التهمة الفلانية الأولى والثانية والثالثة إلى آخره، وفيه مذكرات توقيف أصدرت من طرف العدالة الجزائرية، هذه مسائل خطيرة، الإعلان عن الحصيلة، نتكلم عن الطريق السيار ونتكلم عن الفساد ونتكلم عن مجال الحريات وتوسيع الديمقراطية، نفتح قوس لجنة سي بن صالح الخاصة بالحوار الذي أجراه لتجسيد الإصلاحات الإقتصادية في الجزائر لم أقلها يوما وأصرح بها اليوم حتى يسمعها المشاهد الكريم، أنه جزاه الله خيرا لقد بعث لي دعوة ولشخصيات وطنية كثيرة دعاني للمشاركة في الحوار حتى نخرج بحلول للأزمة الجزائرية.

 

يلومك البعض لأن حكومتك لم تتفطن لأساليب الاحتيال التي استعملها الخليفة لسلب أموال الجزائريين في الوقت الذي كان عليك  أن تنبه أو تبلغ أو تفضح هذا الأخطبوط الذي أصبح فضيحة القرن أيضا؟

 شكرا جزيلا على طرح هذا السؤال، هل تتصور أنني لم يسألني الصحافيون والإعلاميون حول هذا الموضوع، فلم أجبهم يوما، لماذا؟ كنت أنتظر هذا اليوم.

 

إذن لديك ما تقوله حول الخليفة؟

 أنا لا أهرب منك ومن الشعب الجزائري وأنا أقابلك، فاعتماد بنك الخليفة وليس الخليفة لوحدها، فاعتماد البنوك على العموم هذه من صلاحيات البنك المركزي سواء كانت بنوكا جزائرية أو أجنبية، وتم اعتماد بنك الخليفة قبل أن أنصب رئيسا للحكومة، وأكثر من ذلك فاعتماده تم قبل رئاسيات 1999 قبل أن يأتي الرئيس بوتفليقة للحكم. من المكلف بالرقابة على تسيير البنوك سواء عمومية أو خاصة، البنك المركزي يتبع تسيير البنك، وإخلال البنوك كلها، ولديه الصلاحية المطلقة في القيام بذلك، في سبتمبر، التواريخ لديها قيمتها في هذا المقام، في سبتمبر 2002 بلغ إلى علمي أن رئيس الحكومة  مخاطبكم المتواضع تقرير يفيد أن هناك إخلالات في تسيير بنك الخليفة وتسيير أمور مشبوهة على مستواه، في نفس اليوم الذي وصلني التقرير جمعت مجلسا وزاريا مشتركا مصغرا فيه بالدرجة الأولى وزير المالية أنذاك ومدير البنك المركزي مازال مديرا إلى يومنا هذا ومحافظ البنك المركزي ومدير الديوان برئاسة الحكومة وإطارات أخرى حسب اختصاصاتهم، في هذا المجلس الوزاري المشترك، ماذا قمنا في هذا المجلس، خرجنا بقرار إجراء تحقيق إداري لنتأكد من صحة المعلومات الواردة إلينا حول الخروقات التي لفتت انتباهنا حولها.

 

هل لك أن تذكر لنا الخروقات التي وردت في التقرير؟

 خروقات تحويل الأموال التي وقعت بطريقة غير قانونية وأمور أخرى، عندما أترك مسؤوليتي لن آخذ أرشيف الحكومة إلى منزلي أهرب به، اذهبوا إلى رئاسة الحكومة تجدونها هناك، مخالفات لا أتذكر الأمور كلها عن ظهر قلب، والذي قام به المجلس الوزاري، أخذت قرارا بإخبار رئيس الجمهورية بكل صغيرة وكبيرة، كنت أراسل رئيس الجمهورية حتى يكون على إطلاع بجميع الأمور، ويتابع القضية بنفسه، وهكذا بعثت له 10 أو 12 رسالة من رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية أخبره عن الخروقات وما قمنا به من إجراءات، فسنويا كل بنك يقدم عددا من الوثائق حتى تراقب وتحاسب بعدها، في مارس 2003 أثبت التحقيق الإداري وجود خروقات جزائية، فأمرت وزير المالية ومحافظ البنك المركزي اللذين كانا أعضاء في المجلس الوزاري المصغر لرفع دعوى قضائية باسم الدولة، ومن هو المخول قانونا، هو الرقيب على البنوك وهو محافظ البنك المركزي بأمر مني وبمتابعة وزير المالية، وتم رفع الدعوى وأودعت لدى النيابة العامة وكيل الجمهورية بالشراڤة بسبب أن المقر الإجتماعي للبنك كان في الشراڤة، فهناك أمرين إثنين حتى ألخص للمستمعين، سبتمبر 2002 أخبرت بشيء من الوقائع، تحقيق إداري وفتح تحقيق قضائي، في مارس 2003 وبداية ماي 2003 لم أكن رئيسا للحكومة، وما جرى فيما بعد لا أعلم به.

 

القضية رفعت في العدالة ضد بنك الخليفة؟

 أؤكد ذلك ستجد في الأرشيف أن محافظ البنك المركزي في مارس 2003 رفع شكوى قضائية إلى وكيل الجمهورية، وتجد تقرير رئاسة الحكومة لرئاسة الجمهورية، وتجد المراسلات التي بعثتها للرئيس، وتجد محاضر المجالس المشتركة التي قمنا بها، هذه دولة وليس لعبا ولا تسمح لي ثقافة الدولة أن آخذ معي حقيبة مليئة بتلك الوثائق، لأنها أرشيف دولة تجدونها في الدولة.

 

يعني أنك تعتقد أنه بعد 2003 وخروجك من الحكومة جرى تكتم على القضية؟

 حياتي كلها أنا قاض ومحام، القضية ليست بهذه البساطة، فليس خبرا عاديا أقوم بنشره في الجريدة أو التقط لك صورة وأبثها في التلفزيون. هذه إثارة. فحياتي كلها قضيتها قاضيا ومحاميا، فكل شيء بدليل، فالملف القضائي كيف تريد أن أعرف مجرياته وأنا لست مسؤولا، لست محاميا ولا قاضيا في الملف ولا متفرجا في الجلسة حتى أسمع ما يدور فيها، أنا أخبرتك ما عشته كمسؤول، أنا بالنسبة لي هناك أجهزة أخبرتني بوقوع أشياء، تحركت في الحين إداريا كمسؤول في البلد وسياسي وكرئيس حكومة، وبعد ثبوت خروقات جزائية رفعت دعوى قضائية، الآن القضاء من يبين، كل واحد يأخذ حقه، والمتهم في القضية له الحق في الدفاع عن نفسه، والضحية في القضية له الحق للدفاع عن نفسه، والدولة لها الحق في الدفاع عن نفسها بالنيابة الممثلة في وكيل الجمهورية الموجودة في جلسة المحاكمة.

 

ألا يمكن أن تصارح الجزائريين أن هذا المحتال كان يحظى بحماية مسؤولين في الدولة؟

 أنت غيور على الجزائر وغيور على المال العام الذي هو أمانة في يد المسؤولين وغيور على اكتشاف الحقيقة، وأنا يسعدني هذا، خاصة عندما ألتقي مع شخص أتقاسم معه نفس الانشغالات، أتركني أوصل رسالة عن طريقك، لا تريدوا عدالة المحاباة وعدالة الهاتف وعدالة الليل، ولا تريدون أن يكون القاضي مذلولا، لا تريدون عدالة التي تنص قانونا جديدا للمحامي، ويقولون تأديب المحامي يكون عن طريق القاضي وليس مجلس تأديب المحاماة، ولا تريدون عدالة فيها كاتب ضبط أو كاتبا بسيطا يكون شاهدا على الجلسة، تريدون عدالة مستقلة وقوية، عدالة تتابع الحيتان الصغار والكبار معا، عدالة لا يمكن توقيفها لا من رئيس جمهورية ولا رئيس حكومة ولا وزير العدل ولا الشارع ولا أصحاب المال، إذن عودوا إلى الأمر الذي كنت أقوله أن سبب الخلاف بيني وبين الرئيس إثنين، قانونيا قمت بنصهما كرئيس حكومة، واحد يخص المجلس الأعلى للقضاء، والآخر بالقانون الأساسي للقضاء، ماذا قلت فيهما؟ أن القانون الأساسي للقضاء يجعل من القاضي حرا مستقلا لا يخضع إلا لضميره والقانون، ولا يخضع للسلطة التنفيذية والهيئة التي تراقبه وتتابع مشاكله ومساره الوظيفي وتوظفه وتعاقبه إذا ما ارتكب خروقات أو أخطاء ويبقى حرا حتى يتقاعد، وهذه الهيئة يكون فيها أغلبية قضاة منتخبون ليس السلطة التنفيذية مسيطرة داخل مشعل القضاء، أين يصبح القاضي مغلوبا على أمره لا حول ولا قوة لها يخضع لسلطان الحاكم، والحاكم قد يكون في الحكومة أو في غير الحكومة.

 

متى حدث هذا؟

 حدث هذا في الأشهر الأخيرة من عهدتي كرئيس حكومة، وتوقفت هذه المشاريع بعد تجديد مجلس الوزراء، وانسحبت من مجلس الوزراء، وأكتفي بهذا حتى أبقي أسرار الدولة، هذه واحدة، ثانيا قانون المحروقات الذي صودق عليه. ثم وقع العدول والتراجع عنه. هذا القانون رفضته. لم يتم جدولته في عهدتي لا في رئاسة الحكومة ولا في أمانة الحكومة ولم يصل للوجود.

 

لماذا رفضت قانون المحروقات؟

 نعم، لقد رفضته وأخبرت رئيس الجمهورية، قلت له أن هذا القانون لا أستطيع المصادقة عليه، وأنا رئيس حكومة، لماذا؟ هناك فرد واحد له الحق في التصرف في ملكية الجزائريين، لا يستطيع شخص أن يسير ملكية الشعب، والقرار هو قرار الشعب، ولم أوافق عليه، لأن ملكية باطن الأرض يجب أن تكون ملكا للجزائر والجزائريين، أما أن  تأتي لمشاركتي في الانتاج والعمل فتفضل، أنا صاحب الدار، المفتاح يكون في يدي وإلا فنقول لبن بولعيد وبن مهيدي أنكم كنتم مخطئين عندما طالبتهم بالاستقلال، هم منحوا لنا البلاد ونحن نبيعها. عندما أتذكر هذا الموضوع أفقد وعيي، وحدث هذا في الأشهر الأخيرة مع الرئيس بوتفليقة، ليس لدي خلاف شخصي معه، اختلفنا على مسائل مبدئية، اختلفنا على الجزائر، اختلفنا على تصورات… 

 …يتبع

مقالات ذات صلة