جواهر
سجال بين الجمعيات النسوية والأئمة يحذرون

“قانون الأسرة” يعيد الجدل بين المطالبين بالإلغاء والمكتفين بالتعديل

كريمة خلاص
  • 11152
  • 32
ح.م

عاد، في الفترة الأخيرة، النقاش والجدل في أوساط بعض التيارات النسوية حول قانون الأسرة بين من يطالب بالإلغاء التام للقانون وبين من يطالب بالاكتفاء بتعديله، وصاحب هذا النقاش رؤى متعددة تنظر إلى بعض الجزئيات والثوابت من زاوية حقوقية أو شرعية أو حتى مجتمعية.

ويحمل القانون نقائص يراها المطالبون التعديل واجبة المراجعة لإنصاف المرأة في المجتمع على رأسها المادة 66 منه المتعلق بحضانة المرأة المطلقة لأبنائها في حال أعادت الزواج، مؤكدين وجود إجحاف كبير يسقط عنها هذا الحق ويمنحه للأب الذي توكل له الحضانة وإن كان متزوجا، ويربط المطالبون بإلغاء القانون الأمر بانعدام المساواة بين الجنسين ما انجر عنه ظلم كبير برأيهم للمرأة.

غول: الإلغاء خطر ولا بأس بتعديل جزئيات لا تتعارض مع الشريعة

وأفاد غول جمال إمام ورئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة، أنّ غالبية الجزائريين على قناعة راسخة بأنه لا يصلح للأسرة الجزائرية إلا ما شرعه الله تعالى وذلك بالتجربة الفعلية، وقارن المتحدث بين التماسك الأسري والاجتماعي في عهد أجدادنا والآن أين بتنا نعيش الشتات بين أفراد الأسرة الواحدة.

وقال غول أن قانون الأسرة الحالي هو من حسنات الشيخ أحمد حماني رحمه الله الذي كانت له قيمة وصيت بين علماء ومشايخ الأمة حتى في المشرق والخليج.

وردّ غول على التيار القائل بأن تحديات ورهانات الأسرة تغيرت واختلفت بأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، أمّا من يطالب بالتعديل في جزئيات وصياغة قانونية لا تتعارض مع الشريعة فلا بأس في الأمر، معتبرا الإلغاء التام والاحتكام إلى قوانين خارج الشريعة خطرا كبيرا على استقرار المجتمع وتهديدا للأسر أكثر مما هي عليه الآن.

وأردف غول أن جوانب حياتية عديدة فصّل فيها الإسلام وفصل بشكل دقيق ونهائي بعيدا عن العواطف وخير دليل على ذلك مسألة الميراث التي تعد المورد الحقيقي لأي قانون وضعي.

وانتقد المتحدث المادة 66 من قانون الأسرة التي تنتزع الحضانة من الأم موضحا بن الشريعة الإسلامية تمنح الحضانة بعد زواج المرأة المطلقة للجدة والدة الأم وبعدها للخالة.

أما بخصوص تعسف الولي في تزويج من يتولى أمرها فقال غول بان الشريعة تبطل التعسف وقدمت البدائل في رفع الأمر للقاضي الذي يعتبر ولي من لا ولي له، مشيرا إلى الولي هو إكرام وصون للمرأة ورفع من شأنها وقيمتها، كما أن هذا المبدأ راسخ في المجتمع وقليلا ما نسجل حالات تعسف من قبل بعض الآباء أو الأهل رغبة منهم في استغلال راتب البنت والاستفادة منها أكثر فأكثر وهذه ممارسات الإسلام بريء منها، أمّا أن يكون الرفض والمنع مؤسسا لأسباب مقنعة وواضحة فهذا حماية للمرأة وليس تعسفا بحقها.

شائعة: مراجعة المادة 66 مطلب استعجالي ولا نقبل استيراد القوانين

بدورها أعربت شائعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة عن اصطفافها مع التيار المطالب بتعديل قانون الأسرة وليس الإلغاء لأنه تضمن إيجابيات كثيرة، رغم النقائص التي دعت إلى مراجعتها وتعديلها بما يخدم المرأة والأسرة والمجتمع على حد سواء.

وقالت شائعة لا أوافق الإلغاء واستيراد القوانين الأجنبية والأوروبية بالأخص لتطبيقها على نساء الجزائر اللواتي يختلفن تمام الاختلاف عن غيرهن فالجزائرية لها خصوصيتها ولها هويتها.

ومن بين أكثر المواد التي يعمل المرصد على المطالبة بتعديلها هي المادة 66 من قانون الأسرة التي تنتزع الحضانة من الأم في حال إعادة زواجها وتمنحها للأب رغم تكراره الزواج.

وترى شائعة أن الأطفال أكثر أمنا وحماية إلى جانب أمّهم وإن أعادت الزواج فهي التي تسهر على رعايتهم وتربيتهم.

ولفتت المتحدثة إلى وقوع العديد من المشاكل الاجتماعية بسبب تطبيق هذه المادة التي ضيّعت حياة كثير من الفتيات وأوقعت بهن في عالم الزواج العرفي أو زواج الفاتحة دون ضمان حقوقهن مع ما يلاقينه من مشاكل في ذلك، ومن الفتيات من ضيعن أجمل سنوات عمرهن حبيسات لأجل الاحتفاظ بطفل واحد أنجبنه من الزواج الأول خوفا من انتقال الحضانة للأب الذي عاش حياته كما يحلو له.

لحرش: التعديل ضروري لكن الظروف غير مناسبة الآن

من جهتها أبدت نفيسة لحرش رئيسة جمعية “المرأة في اتصال” تأييدها للتعديل وليس للإلغاء غير أنّها ترى بأن الوقت غير مناسب حاليا لإثارة مثل هذه الملفات فكما قالت “نحن في وضعية خطيرة سياسيا وصحيا”.

وأضافت لحرش “حتى القانون الحالي للأسرة غير مطبق بالشكل الكامل، كما أنّ الإلغاء مستحيل في ظل التيار الديني القوي في المجتمع، لذا فإنه يتم الاكتفاء بتعديل بعض القوانين لصالح المرأة.”

وأردفت لحرش “أنا أتفهم طرح الإلغاء لكن التعديل يجمع بين الطرفين الإسلاميين المتشددين الذين لا يعجبهم القانون بالأساس والتيار النسوي المطالب بالإلغاء لذا نسعى لان نكون تيارا وسطا من خلال ضمان حقوق المرأة”.

وأشارت رئيسة جمعية المرأة في اتصال إلى أنّ كثيرا من التقاليد في المجتمع تكرس بعض الممارسات الظالمة وغير العادلة بحق المرأة التي تكون مآلاتها خطيرة جدا ومدمّرة، لذا على القوانين التحرك لإنصاف هؤلاء.

وأضافت نفيسة لحرش أن طرح التعديل جاء من وجهة نظر اجتماعية ميدانية.

سمية صالحي: القانون كرّس ديمومة اضطهاد المرأة وهو مناف لمبادئ الدستور

أعربت المناضلة النسوية سمية صالحي عن تأييدها لإلغاء قانون الأسرة الحالي الذي اعتبرته مكرسا لدونية وديمومة اضطهاد المرأة، كما أنه يتنافى مع مبادئ الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين

وأوضحت صالحي أنّ منبع العنف عندما تكون العلاقة مبنية على الهيمنة الذكورية وأن تعطي القوانين والإجراءات السلاح للذكور للسيطرة أكثر.

ودافعت صالحي عن خيار العمل بقوانين مدنية مثلما كان الحال عليه قبل وضع القانون الخاص بالأسرة مع تحيين وسنّ بعض الإجراءات الجديدة التي تنصف المرأة وتحمي الأسرة وتضمن لها كرامتها من قبل أخصائيين.

وانتقدت المناضلة صالحي الذهنيات البالية والممارسات المجحفة من قبل كثيرين في المجتمع تهين وتسيء للمرأة وتعاملها على أنها مجرد “شيء”.

واستطردت المتحدثة أنها تثمّن الأشياء الجيدة والجهود الايجابية المبذولة لصالح المرأة ومنها قانون تجريم العنف ضد المرأة الذي اعتبرته إضافة لمكاسب المرأة في البلاد غير انه لم يخلو هو الآخر من نقائص أثّرت على تطبيقه الفعال في المجتمع معلنة رفضها لبند الصفح بالنظر إلى الضغوطات المجتمعية والأسرية التي تقع المرأة وتعيق تطبيقه.

وترى صالحي بان الأمور جميعا مرتبطة ببعض الذهنيات التي لا يجب أن تغذيها وسائل الإعلام والأجيال الصاعدة.

وتحدّثت صالحي عن قضايا المساواة وحضانة المرأة المطلقة وما إليهما من تبعات، وهي قضايا في غالبها مطروحة من رحم المجتمع وما يعانيه النساء في ظل علاقات غير عادلة.

مقالات ذات صلة