الرأي

قانون المحروقات.. خلفيات واعترافات؟!

قادة بن عمار
  • 2608
  • 6
ح.م

مع تسريب بعض العناوين العريضة من مشروع قانون المحروقات الجديد، تمنينا لو أن مسؤولا داخل الحكومة خرج على الجزائريين وأوضح حقيقة تلك الاتهامات التي تزعم إن المشروع يمثل “خطرا مباشرا على السيادة الوطنية”، لكن وبصدق شديد، ما إن خرج وزير الطاقة محمد عرقاب، وهو المسؤول الأول عن الملف، وظهر مدافعا شرسا عن القانون، مستعرضا جملة من الاعترافات والخلفيات، تمنينا لو سكت أصلا أو لم يخرج بتاتا!

الوزير قال للصحفيين إن القانون جاء بعد “تفاوض مباشر” مع الشركات الخمس الكبرى عالميا، وهو أمر طبيعي جدا ومتوقع، بالنظر لحجم تلك الشركات وتأثيرها على الإنتاج الوطني والعالمي، حيث “يكفي ما خلفته لنا من خسائر ضخمة نتيجة انسحابها من عدة مشاريع، زيادة عن رفضها التوقيع على عقود جديدة قبل أيّ مراجعة للقانون الجبائي وللنظام القانوني لنشاط المحروقات”. إذن، نحن وبلا شك، أمام ابتزاز مباشر تمارسه شركات عالمية ضدّ الجزائر، لكن ماذا فعلنا لمواجهة هذا الابتزاز؟ كيف قاومناه؟ وبأي شكل تفاوضنا؟ الجواب: لا شيء، فمن يستمع إلى كلام وزير الطاقة سيكتشف أن الجزائر وافقت على كل تلك الشروط، بل وقررت تبسيط الضرائب ورفع كثير منها ومراجعة عدة أمور “كانت” تبدو، وإلى غاية وقت قريب، سيادية في القطاع!

يمهّد وزير الطاقة لتلك التنازلات، بالقول “إن الخسائر التي تتكبدها الجزائر بفعل مقاطعة بعض الشركات أكبر مما يتصور البعض، حيث لم نتمكن سوى من الحصول على 19 عرضا فقط، ووقعنا 13 عقدا منها منذ 2005 وحتى الآن”!

الكلام ذاته قاله المدير العام السابق لسوناطراك عبد المومن ولد قدور والذي اتفق مع الأمريكيين قبل رحيله، من أجل إعداد قانون المحروقات الجديد، معترفا في أحد تصريحاته أن مسار القانون “معقد جدا” بالنظر لتدخل عدة أطراف فيه!

لكن من غير المفهوم هذا الضعف الذي يظهره الطرف الجزائري في التفاوض على ثروات البلاد، ضعف سينعكس على مصير أجيال بأكملها وليس على مصير جيل واحد، فالوزير عرقاب يصدمنا باعتراف آخر، حين يقول إن احتفاظ الجزائر بالقاعدة 51/49 لم يكن نتيجة تمسك الحكومة بالسيادة الوطنية “ولا هم يحزنون”، ولكن لأن تلك الشركات العالمية لم تبد أي انزعاج من استمرار القاعدة أو التخلي عنها!

بمعنى آخر، لو أن تلك الشركات “انزعجت من تلك القاعدة” (لا سمح الله) لتخلت الجزائر عنها بشكل عادي جدا!

كلام يثبت أن هذه القاعدة التي طالما تباهت بها سلطة بوتفليقة وحكوماته المتعاقبة لم تكن في يوم ما، مؤشرا على بسط السيادة أو فرضها، خصوصا أن الكثير من العقود لم تحترم تلك القاعدة فعليا ولم يكن لها أي تأثير.

المطلوب الآن، وبالنظر إلى خطورة هذا القانون وتداعياته، إعادة النظر فيه مجددا، أو تركه لرئيس منتخب، ولبرلمان أكثر مصداقية وشعبية وشرعية، فالتعجيل لن يفيد أحدا، ما عدا أولئك الذين يريدون تمريره بأيّ شكل من الأشكال، استغلالا للظرف السياسي الصعب، و…”لحاجة في نفس يعقوب”!

مقالات ذات صلة