الرأي

قبل خروج “مهدي العقب الحديدي” من سردابه

حبيب راشدين
  • 2084
  • 9
ح.م

بعد مرور مائة يوم على ظهور وباء “كوفيد 19″، وفي زحمة الفوضى الإعلامية الموجهة عن بُعد، برز إجماعٌ واحد لا أكثر يقول: “ما بعد كوفيد 19 ليس كما قبله” وكأنه بداية لتاريخ جديد يجبُّ ما قبله من قناعات، ويُسقط مسلمات كانت تدين بها البشرية من العامة والخاصة في فنون السياسية، كما في باقي الفنون البشرية ومداركها، وما سوى ذلك قد أحال العامّة والخاصة على السؤال، الذي على قدر ذكائه وأصالته، تأتي الأجوبة التي قد تطمئن لها قلوب المشككين بالفطرة.

وعندي للقارئ أسئلةٌ كثيرة محيِّرة، لا أريد أن أطرحها لإضافة مزيد من التشويش على الأذهان، بقدر ما أطمع في إجابات قد يهتدي إليها بعضهم ممن هم أقل منا عرضة للضخ الإعلامي اليومي المضلل المخادع، كيفما كان مقدار ما نستعين به من الحيطة والحذر والتحصين الوقائي من العبث.

منذ بداية هيمنة أحداث “كوفيد 19” على ناصية منصات الإعلام المؤسساتي والفضاء الأزرق، طرحت السؤال الملح: “ما هي الدوافع الخفية وراء قرار إغلاق الاقتصاد العالمي بمستوى غير مسبوق حتى زمن الحربين الكونيتين، أو زمن انتشار الأنفلونزا الإسبانية مطلع القرن الماضي، وفي وقتٍ مبكر لم يكن عدد الضحايا قد تجاوز العشرين ألف صحية؟”.

 ومنذ البداية طرحت سؤالا آخر: “أين هي البيانات الإحصائية حول بقية الوفيات، في عالم يفقد كل سنة 57 مليون نسمة بسبب أمراض العصر، والحوادث، والكوارث، والحروب، وبنفاد الأجل؟” سؤال قد يجد بداية الرد المقنع في إحصائيات نشرها المعهد الفرنسي للإحصائيات تقول: “إن نسبة الوفيات بسبب كوفيد 19 في الربع الأول من سنة 2020 في فرنسا تقلّ عن عدد الوفيات بسبب الأنفلونزا الموسمية سنة 2018”.

وقبل ذلك كان قد لفت انتباهي تميّز خارطة انتشار الوباء، المتطابقة مع خارطة مواقع صناعة الثروة بنسبة تفوق 90 %، حتى أني قد أعدت تعميد الوباء تحت اسم “كوفيد جي 20” مع استثناء اليابان من قائمة الأثرياء “المنكوبين” وإيران من قائمة الفقراء “المحظوظين” وإن لم أكن من أنصار “نظرية المؤامرة” وفرضية التصنيع المخبري للوباء، فإني على يقين بالتصنيع المخبري لـ”الجائحة الإعلامية” التي سُخِّرت بكفاءة لتبرير الإغلاق الاستثنائي، ولحالة حجر وتباعد اجتماعي، تفوق ما هو متاحٌ ومتحمل في الظروف الأمنية الاستثنائية، تسمح لنا بطرح سؤال بديهي: من المستفيد من الإغلاق ومن سجن ثلاثة أرباع البشرية في بيوتهم؟

قائم الاندهاش لا تتوقف، حين ترى كبرى الأسواق المالية تنتعش وتزدهر، فيما ثلاثة أرباع الاقتصاد الإنتاجي والخدمي متوقف، ولن تجد خبيرا اقتصاديا، ماليا، أو نفطيا، يفسر لك كيف حصلت هذه المعجزة الخارقة؟ وكيف لم يحرك قرار “أوبيك بلوس”، بخفض الإنتاج بقرابة 10 ملايين برميل، أسعار خامات النفط إلا بدولارات زهيدة؟ أو يشرح لنا بالفقه النقدي والمالي والليبرالي، مبررات الأقطاب الثلاثة “الصين، وأوروبا، والولايات المتحدة” لضخ أموال مطبوعة، تعادل نصف دخلها الخام، دون أن يرتدّ طرفٌ لصندوق النقد الدولي؟

ولك أن تندهش أكثر حين تسمع من رأس الكنيسة الليبرالية ورائدها، وهو يصرِّح: “لا إفلاس بعد اليوم” لا للدولة الفدرالية، ولا للحكومات المحلية، ولا للشركات الكبرى والصغيرة، ولا حتى للملاهي ودور القمار في لاس فيغاس، ثم يرفع، بفرمان رئاسي، إصر الربا عن المرابين والساعين بينهم، وقد لا أندهش كثيرا أن يستعين ترامب بمعمَّم في ندوته الصحفية اليومية، ليرتل على الصحافة الآيات المحكمات من سورة البقرة: 278 و279 و280 من البقرة، مشفوعة بأحكام التداين في الآية 282 منها.

بقي عندي سؤالٌ محير: أين اختفت “داعش” و”القاعدة” وكان يُفترض إن يكون الإغلاق قد أخلى لها الجو لتبيض وتصفر؟ أم أن “كوفيد 19” قد أوجد لها خير خلف لخير سلف من أدوات ترويع الشعوب وإدخالها “خمّ دواجن بديل” قبل الإفراج عن صيغة مبتكرة لاقتصاد بديل، وربما الإفراج عن “مهدي العقب الحديدي” من السرداب ليملأ الدنيا مزيدا من الظلم والجور؟

مقالات ذات صلة