-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قدماء في الجزائر الجديدة! 

قدماء في الجزائر الجديدة! 

تأكّد رسميا بأن الحزب الجزائري المسمى بالعتيد، سيغيب عن قيادة كبريات البلديات في الوطن، بعد الاستحقاق الانتخابي المحلي المزمع تنظيمه في أواخر شهر نوفمبر القادم، ليس بسبب إذعان “مناضلي” الحزب لمطالب بعض الجزائريين بوضع حزبهم في المتحف وعودة من يُسمون بـ”المناضلين” إلى بيوتهم واعتزال السياسة، وإنما بسبب فضيحة “القِدم” التي تورطوا فيها، وأبانت بأن بعضهم لم يستعمل “الفلاش ديسك” في حياته ولا علاقة له إطلاقا بعالم الأنترنت، والبعض الآخر لا يعرف ملء استمارة ورقية بخط يده.

ولو طالت هذه “الفضيحة” بلدية أو اثنتين لاعتبرنا ما حدث بالأمر الشاذ الذي لا يُقاس عليه، لكن أن تمسّ عدوى القِدم أو الأمية، حوالي مائتي بلدية، فالأمر يعني فضيحة فعلية بروائحها الكريهة المنتشرة من وهران إلى عنابة.

مائتا بلدية بقسماتها التي تستنزف الكهرباء والماء وحتى الغاز والهاتف، عجزت عن ملء الاستمارات بالطرق القانونية الصحيحة، بين من كتب اسمه في خانة العنوان، ومن جهل توقيت دفع الاستمارات أو طريقة حملها عبر قرص مضغوط… وواضحٌ بأن أهل الحزب تعوّدوا في العهود السابقة على المجاملات والهدايا من السلطة بحجة “العتيد والداعم للدولة ولحكوماتها” حتى ولو سارت بالبلاد إلى الهاوية.

عندما يعجز من يسمون بـ”مناضلي” جبهة التحرير الوطني عن تقديم أوراق الترشح في بلديات بحجم وهران وقسنطينة وعنابة وتيزي وزو، وهي التي قدمت جبهويين كثيرين قادوا البلاد عقودا من الزمن، فمعنى ذلك أننا نعيش في أزمة معقدة قد لا تحقق سعينا لبلوغ جزائر جديدة حقيقية، ليس بسبب عجز السلطة عن التجديد، وإنما بسبب إفلاس غالبية الأحزاب، التي مازالت جاهلة لمعنى الممارسة السياسية أو المعارضة أو مساندة السلطة، من خلال تقديم الأفكار التي يجب أن تكون جديدة حتى تساعد على الانقلاب على السلوكيات القديمة التي جعلتنا نتأخر في كل شيء، وأكيدٌ أن الذي يعجز عن ملء استمارة ترشحه لقيادة البلاد، هو كمن يكتب طلب عمل كأستاذ في الجامعة بأخطاء لا يرتكبها تلميذٌ في الابتدائي، أو كمن يريد امتهان إسعاف غرقى البحار وهو لا يعرف فنّ العوم.

إلى غاية محليات 2021، مازالت غالبية الأحزاب السياسية في الجزائر، تتعامل مع الحدث السياسي والمصيري في حياة الأمة، بنفس أساليب سبعينيات القرن الماضي، فغالبيتها تتعامل بـ”الفاكس” أو بالهاتف الثابت مع مناضليها ومع وسائل الإعلام والسلطات المحلية، وبعضها لا تمتلك حتى صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتخزن “مناضليها” في مقرات إسمنتية، ليتحدثوا فيما بينهم عن غنائم الانتصار المحتمل في الانتخابات، قبل أن يخوضوا المعركة، ولا نقول طبعا إعداد ما استطاعوا من قوة، وما هو يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، في غياب تشكيلات سياسية جديدة تتماشى مع الجزائر التي يحلم بها الناس، لترفع التحدي الذي صار مصيرا حتميا، وليس اختيارا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!