-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قراءة في كتاب فخاخ الحداثة وسطوة الشاشات

د / نورة بوحناش، أستاذة فلسفة الأخلاق بجامعة قسنطينة
  • 437
  • 0
قراءة في كتاب فخاخ الحداثة وسطوة الشاشات

تقتضي قراءة كتاب “فخاخ الحداثة وسطوة الشاشات –من نسق العقلانية والمعرفة إلى الهيمنة والمابعديات” للباحث عبد العالي زواغي، فتحا للمنظور الفكري على جوانب الحداثة، ووعيا لتشكلها البراديغمي، الذي غدى الأنموذج الأسنى للحياة جملة؛ ثم اختبارا لمنجزاتها على الصعيدين الإنساني والطبيعي، وكذا فحصا لمقاصدها المحققة على ضوء فكرة التقدم؛ التي بدت تعويضا إنسانويا لفكرة الخلاص بصيغتها الدينية.
بهذا يعدّ الكتاب، قراءة في صيرورة الزمن الحداثي في تقلباته وتجلياته المسرفة في العنف المادي والعنوي، فقد بيّن صاحب الكتاب القول الحداثي، إذ تبدو مقاصده مناقضة للأيديولوجيا الإنسانوية التي راجت شعارا مخلّصا للإنسان منذ النهضة الأوروبية، فكيف شكّل الكتاب لحظة توقف تتريث ناظرة في طبيعة الحداثة بمخرجاتها التي انتهت إلى تأزيم العالم؟
تقتضي قراءة المنجز الحداثي عدم الركون إلى المتفائلين أو المتشائمين؛ فيما يخص المسار البراديغمي للحداثة، ومن ثم الانفتاح على أركيولوجيا وجينيالوجيا العقل الحديث؛ تفكُّرا في نشوئه التاريخي وبنيته النسقية، التي خرجت من غبار الصراع بين الإقطاعية والبرجوازية، ذلك ما سعى إلى بيانه الكاتب، في نزعه للهالة المقدسة والسحرية للحداثة، لتكون مجرد إيديولوجيا تمهد السبيل للهيمنة والسلطان.
تلك إذن هي المرامي التي يحملها الكاتب في ذاته، خاصة أنه كان لتبعات الحداثة الغربية، وقع الموت على أمة ينتمي إليها، تتميز بالضعف والخذلان، فما مصيرها تحت ضربات أهل الحداثة؟ أتكون قد ماتت وانتهى صيتها؟ هي حيرة النخبة العضوية في تفكرها، يحملها مؤلف الكتاب، سؤال يدرك قصور الوعي وينبه إلى ضرورة بنائه وبيانه.
تجلي النظرة الفاحصة للمنجز الحداثي، الزاوية الأضخم لمسافة الرؤية، لتنكشف زواياها المستورة والمعتمة، فهل تعدّ الحداثة، كما احتفى بها المبشرون بالتقدم، تجليا لأنوار واعدة بنهاية الشر في العالم، تبينت آفاقها في “مبدإ الأمل” لـ”أرنست بلوخ” باعتبارها بوابة الجنان؟ أم أن السحر قد انقلب على الساحر؟ فتحولت الوعود الطوباوية إلى دستيوبيا مفزعة، كان منها فساد أهلك الحرث والنسل، فماذا بعد المحارق التي أشعلتها في بقاع العالم منذ قرون؟ ما مصير الإنسان وقد غدى عبدا لشاشات تكبده العبودية الطوعية؟ ما مصير الإنسان وقد بدا أن التقنية تجاوزته، من خلال تحكمها في الوعي والمصير عبر آخر منجزاتها، ونعني به الذكاء الاصطناعي، في مرحلة تحمل إكمال مهمة السيطرة على الإنسان؟

نقد المركزية الغربية :
تلوح وعود التقدم بالنهايات القريبة للقصور المشيدة في عالم من الأسطرة الإنسانية، تبشّر بسلطة التقنية في حدها الأقصى، فمنجز الذكاء الاصطناعي شاهدٌ على التباشير التي تظهر خلف الأفق الإنساني بنهاية الإنسان وعموم سلطة الآلة، والنشوء الأداتي لحكومة الروبوتات التي لن تفكر سوى بمنطق العقلانية المفرطة، فلا عاطفة ولا أخلاق ولا معنى؛ حينئذ نفكر في مصير الضعفاء الذين يسكنون الهوامش؛ أولئك الذين يشترون المنجز التقني بنسخه المتلاحقة، فيسعون ويسعون خلف نسخه المتتالية؛ بينما يُحرم عليهم اكتساب القواعد العلمية والتقنية،لأنها بكل بساطة وسيلة لرخاء الغربي، فهل هي عملية الاستعباد للرأسمالية التي تمعن في تمكنها النسقي وقوتها المفرطة؟ ما السبيل إلى التحرر وفك العبودية الطوعية؟ هل تعد الشاشات والخوارزميات جنودا للحكومة الإلكترونية التي تؤسس ذاتها عبر العرف العولمي؟ أسئلة تختفي بين ثنايا كتاب فخاخ الحداثة ووسما معبرا ومضمونا مثقلا بتحليل، كان للفكرة الفلسفية السبق في بيان خلاصاته.

منجز الذكاء الاصطناعي شاهدٌ على التباشير التي تظهر خلف الأفق الإنساني بنهاية الإنسان وعموم سلطة الآلة، والنشوء الأداتي لحكومة الروبوتات التي لن تفكر سوى بمنطق العقلانية المفرطة، فلا عاطفة ولا أخلاق ولا معنى؛ حينئذ نفكر في مصير الضعفاء الذين يسكنون الهوامش؛ أولئك الذين يشترون المنجز التقني بنسخه المتلاحقة، فيسعون ويسعون خلف نسخه المتتالية؛ بينما يُحرم عليهم اكتساب القواعد العلمية والتقنية،لأنها بكل بساطة وسيلة لرخاء الغربي.

هي إذن أسئلة يثيرها كتاب فخاخ الحداثة، للباحث عبد العالي زواغي، إذ أشرف بتحليلاته على الوجه الآخر للحداثة؛ ذلك الوجه الذي أفرز عفنا، بدا في نتائج أخلاقية وخيمة على الإنسانية، لقد عرى الكاتب الوجهة الثقافية لأهل الحداثة ونخبها التي لم يعد لديها خيار سوى الفصل بين القول والفعل، أسماء يصرف المثقف العربي سنوات عمره تبحُّرا في أفكارها مروِّجا لها، عازما على إنقاذ أهله بأدواته، فكانت الخواتيم فشلا ذريعا؛ فهذا ميشال فوكو صاحب المنجز الإبستمولوجي، تحمل حياته مخزونا من الخزي الأخلاقي يندى له جبين النخب الغربية، إذا ما استعادت البوصلة المعيارية، فبالإضافة إلى كونه شاذا جنسيا يمارس البيدوفيليا والمثلية عاشقا للرجال، و من الأوائل الذين ماتوا بمرض الإيدز.
كان ميشال فوكو عنصريا، يفكر طبقا للمركزية الغربية، لا يخرج من بستانها المتعالي، يتحدث عنه إدوارد سعيد في كتاباته ويذكر تعاليه في لقاء حدث بينهما، فقد أظهر فيلسوف الأركيولوجيا عنصرية واضحة اتجاه المفكِّر الفلسطيني، لم يُعره انتباها لسبب يبدو وجيها في عرف المركزية الغربية، إنه قادمٌ من هامش تزدريه مركزية متسلطة، فهل بقي من قيمة لفلسفته، بعدما تبين المنحى الأخلاقي لها؟
إذن كان لابد، من حرص النخب العربية على إدراك هذه المقاربة؛ هي فكرة محورية تتراءى خلف الخطاب الفكري لكتاب فخاخ الحداثة، إذ يرمي به صاحب الكتاب، إلى التفكر في أزمة التبعية التي لازمت المثقف العربي والنخب المتكررة التي دجَّنها الغرب، في مسار ثقافي عمل على إنتاج نخب الولاء للمركزية الغربية، ومن ثم تطبيع الظاهرة الاستعمارية.
في سياق المساءلة عن النجاعة المعرفية للنخب، وفي بيان لموقع الثقافة العربية، تكون أسئلة الثقافة ملحّة وضرورية، فكيف يروج المثقف العربي لفلسفة تكسر السياق الأخلاقي للإنسانية؟ ماذا عن فلسفة عنصرية ترتكز على العرق الأبيض؟ أسئلة تنكشف من التحليل الجريء والكاشف، الذي برع فيه صاحب “فخاخ الحداثة” وتناوله بجرأة نقدية، وتمكن من الدلالة الفلسفية التي تحين الفكرة وتعليها استدلالا لصالح المركزية الغربية.
هكذا يبرهن التحليل الذي استخدمه الكاتب، في متن “فخاخ الحداثة”، على أن الثقافة لا تتجزأ، وأن الكاتب عليه أن يحيط بالدلالة الفلسفية حتما فهي الكاشفة، والوعاء الذي يحتوي حضارة ما ويجلي نتائجها؛ تعبيرا عن فكر أهلها وتفسيرا للقول والفعل، فأين هو فكر الأمة التي ينتمي إليها الكاتب؟ أمة يرعاها الاستبداد محيطا بها من كل الجوانب، لتغوص في المتخيل لقرون امتدت وطال أمدها بعد صدمة الحداثة التي أصابتها بالذهول؛ ثم عبر عالم افتراضي يزيد في ضياعها وموتها، بدا أنه حملة استعمارية تستخدم التقنية تنويما مغناطيسيا، يزيد في أمد عبوديتها، ويجري في لحظة للسيطرة النيوليبرالية التي بددت كل أشكال العبودية، وجعلت الوعي مساحة كبرى للتسوق والاستهلاك المفرط.
ولندرك المسارات التي انتهت إليها الحداثة، فما فتئ أن انكسر مبدأ الأمل الذي روجت له الماركسية، في نشوة الوعد بالخلاص، على أعتاب الخوف والتوجس من تحرر “بروميثيوس” من القيد، خوف أعرب عنه “هانس يوناس” في قراءة متشائمة تنبِّئ البشرية بالسقطة الكبرى والعدمية المقبلة، إذا ما واصلت التكنولوجيا تغوّلها المفرط، ليغدو الإنسان في يدها لعبة إستراتيجية تبشر اليوم بموت الإنسان بعد موت الإله، والحق أن التريُّث أمام هذه النهاية يدعو الذات في سياقاتها العربية الإسلامية إلى التريث والنظر أيضا، فالوسيلة إلى ذلك كامنة في البراديغم الإسلامي بثقله النقدي الاستدلالي، فالشهادة التي تبدو موروثا يتكرر في أعراف المقدس هي لحظة التحرر الكبرى، همٌّ يحمله عبد العالي زواغي في مدار تحليلاته النسقية للحداثة، وما تزرعه من فخاخ على درب الإنسانية، فكيف الوسيلة إلى تحرير الذات من عبودية الحداثة؟

الرقمنة والتغول الرأسمالي:
يبدو أن التقنية تسير في وجهة خطيرة، وهي اليوم تلاعب الإنسان، ولكنها ستنتهي إلى ابتلاعه بعدما تتحكم في السلطة؛ وترتقي في كينونتها إلى الفوقية المطلقة، إنه إذن فخٌّ من الفخاخ الكثيرة للحداثة أماط عنها اللثام صاحب “فخاخ الحداثة”، ففي نشوة التلذذ العارمة، ظن الإنسان أنه تغلَّب على الطبيعة، لكنه ارتكس وعاد على عقبيه، فلا سلطة ولا سيادة لديه بما أنه غدا ظاهرة يدرسها العلم، ويتنبأ المتنبئون من العلماء والفلاسفة بقرب نهايتها بحلول “السوبرمان” الموعود، في فلسفات وسمت القرن التاسع عشر، بالتكبُّر الإنساني والداروينية والنتشوية، إن هذا لعمري، دليلٌ قوي على أن المقصد الإنساني من التقنية هو الخلود في الأرض، وأمنية لـ”الإنسان الأبتر” بتعبير “طه عبد الرحمن”، إذ سيخلد إليها متصورا أنه إله من دو الله، فهل مات كل من الإله والإنسان بتوجيه المنظور الحداثي المنفصل؟
يثير التقدُّم الرهيب للتقنية التوجُّس والخوف، خاصة وأن ستار التخفي الذي طالما روّجته أعراف الحداثة، قد سقطت عنه أوراق التوت المنتشرة؛ إذ تبيَّنت العلاقة المباشرة للرأسمالية بالنمو المطرد لأبعاد السيطرة على الإنسان وتحويله إلى ترس يدور في آلة الاقتصاد الليبرالي، تبدو هذه العلاقة مثيرة للخوف عندما غدا الوجود في وضع مراقبة موصول بالعوالم الافتراضية، فهو يشبه دمية يحركها مجهول متخفي وراء ستار أسود مجهول الهوية، يسجن الوعي ويدجّنه وفقا للغايات التي سطرتها الشركات الرأسمالية عبر أنموذجها الفردي، منها الشركات الكبرى التي تخلق العالم الافتراضي وتتولى من خلاله التنصيب السلطوي للخوارزميات، فما هو مصير الإنسانية، تحت توجيه المعادلات الرياضية وتكنولوجيا النانو؟.
لا ندري كيف حملنا التسارع، ليكون الإنسان في زمن التقنية الإعلامية عبدا طوعيا للآلة، تتصرف فيه الخوارزميات، ويلعب به الذباب الإلكتروني، ليكون عرضة لتناقضات ومعارضات، تعلو حياته وتكيّفها حسب الإرادة التي تحرك هذه الجيوش من الذباب، إنه يزعج الرؤية ويشتّت العقل ويحرك غرائز الانتقام في الذوات البشرية، فتكثر النقرات وعلامات التعجب والكره والرفض والحب، في عالم تقوده الفردانية المفرطة بوصفها علامة على ركون الإنسان إلى جاهلية قد تعتريه في لحظات الغفلة. والحق أن هذه الخلاصات، ليست غريبة عن عالم الحداثة المضني، فهي نتيجة للضغينة التي يحملها الكوجيتو في غياهب بواطنه، إذ يكون الزمن مقطوعا، والأنا صامتا، ويكون الحكم بدون توجّه من صراط مستقيم ينير الطريق ويكشف الحياة بأبعادها السردية، ويضع قبالة الذات مقاصد أخلاقية.
وعموما تبدو الهجمة الفوقية التي يؤديها السيد الكامل على الذوات التي تعاقد معها في الزمن الحديث؛ صعبة ومؤلمة، فهي تنغرز في الذات وتسير معها أينما حلت في الخلوة التعبدية للآلة، في أوقات راحتها ونموها وتطلعاتها، فهل تغدو الشبكة العنكبوتية وسيلة للمراقبة الرقمية، أي لمواطن تقيده البيروقرطية الرقمية؟ ماذا عن مواطني الهامش التابع للمركز؟ ذلك هو ما يضمره كاتب “فخاخ الحداثة”، تعبيرا عن القيمة التي يجب أن تكون عليها النخبة المثقفة حرصا على الأمة وأفقها المغلق، فما مصير أمة إقرأ التي لا تقرأ في عالم العبودية القسرية للآلة؟ أمة لا تدرك أن قائدها الحقيقي قابع في وادي السيلكون حيث أرباب المال وأسياد الدنيا يمكنون لنظامهم العولمي، إدامة للعبد المستهلِك الذي يحيا في حالة ذهول وانقياد في فضاءات التسوق، سواء كانت واقعية أو افتراضية.

لا ندري كيف حملنا التسارع، ليكون الإنسان في زمن التقنية الإعلامية عبدا طوعيا للآلة، تتصرف فيه الخوارزميات، ويلعب به الذباب الإلكتروني، ليكون عرضة لتناقضات ومعارضات، تعلو حياته وتكيّفها حسب الإرادة التي تحرك هذه الجيوش من الذباب، إنه يزعج الرؤية ويشتّت العقل ويحرك غرائز الانتقام في الذوات البشرية، فتكثر النقرات وعلامات التعجب والكره والرفض والحب، في عالم تقوده الفردانية المفرطة بوصفها علامة على ركون الإنسان إلى جاهلية قد تعتريه في لحظات الغفلة.

إنها المراقبة الفوقية تفرضها المركزية الرأسمالية، فوادي السيلكون يخطط لعالم يخدم المال الغربي وأسياده المتحكّمين، هي شركات عملاقة ترى في الذوات البشرية قيمة استعمالية، ولعبة تنافسية في مقام الشيء، ربح مادي ومراقبة تتكفل باستدامة الطاعة، فما تعني BIG DATA) ) سوى إيقاع الإنسان في مصائد النظام الرأسمالي.
في إطار هذه المقاربة المفتوحة على الفكرة الفلسفية، تمكَّن الكاتب من فتح أفق التحليل الذي انتهى إلى بيان كيف تحوّلت الذات البشرية إلى عابدة للشاشات كبيرها وصغيرها، ليس فقط عبادة اللعب والاتهاء ثم الاشتهاء، ولكنها وقعت في فخ المخطط البرجوازي الإمبريالي الذي صاغته فئات خرجت منتصرة من غبار الحرب الكبرى التي دارت بين السادة الأرستقراطيين والطبقة الوسطى المتطلعة إلي السيطرة، فالإعلام ذراع ضاغطة تسيّر المشهد نحو المصالح الكبرى لهذه الفئات، ولكنها في عصر الرقمنة والإبحار في الفضاء الرقمي غدت سلطة تتسلل إلى الرغبة، تقنعها فيتبدل السلوك وينتهي إلى الكفر حتى بالقيم التي تعالج أمراض الإنسان استقامة وطاعة.

فخاخ الحداثة والكتابة المُنْشِئَةِ Essayiste:
يندرج كتاب” فخاخ الحداثة وسطوة الشاشات” في اتجاه ينظر إلى الحداثة الغربية، نظرة نقد وتوجس، لما خططت من غايات راهنت عليها منذ عصر النهضة، ونعني بها تحرير الإنسان، والتمكين له في الأرض والسماء، بما أمدت به الفلسفة الطبيعية من فكر، نما وازدهر اتجاه تثبيت أفق الرؤية إلى الطبيعة الوثن وتشكلها الصنمي؛ فهي مكتفية بذاته ومحل عبادة إليها يعود الأمر كله، ولعل هذه البداية تبرر النهاية، من فناء الأخلاق و ضباية المعايير، فلا عجب إذن من السؤال عن مستقبل الإنسانية التي تعبد الطبيعة ولا تترقب المدبّر الذي خلقها.
الحاصل أن الكتاب يتسرب إلى عمق البراديغم الغربي، المحكوم بمركزية السلطة، في صلتها النمطية بالاقتصاد والسياسة، والحق أن الباحث عبد العالي زواغي، قد فتح بين ثنايا الفكرة الفلسفية في إطار الإعلام بأنموذجه المهيمن، تلك العلاقة بين السلطة والتقنية، هي فكرة راجت تحليلا فلسفيا عند الفلاسفة الغربيين، وتنمو بنمو انفتاح “برومثيوس”؛ على أفق التمكين للمجهول، فهل يكون مقيدا أم ضارا للإنسان؟ سؤال يضمر إشكالية الكتاب، فإلى أي مدى تمثل البرمجة اللوغاريتيمة للخوارزميات، توسعة في حرية الإنسان الذي وصفه الكاتب بأسلوبه المتميز وجزالة تصوره، وقراءاته الفلسفية المحيطة، بأنه “غارق في الزمن الافتراضي”، وأضيف كلامي إلى كلام الكاتب، فلقد تحوَّل الإنسان الحديث، عبدا لعالم افتراضي يخنقه ويغلق عليه تطلعاته الإنسانية، فهل من مردٍّ يُحيي الإنسان الذي أماتته الحداثة باعتلائها سلم المادية؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!