رياضة

“قرصنة” المونديال

ياسين معلومي
  • 2672
  • 6

المسؤولون في الجزائر لا يعرفون قيمة الأشياء إلا بعد ضياعها أو فقدانها، ولا يهتمون برغبات الشعب ومتطلباتهم إلا بعد فوات الأوان، ولا يعترفون بأخطائهم مهما طال الزمن، ويتفننون في انتقاد سابقيهم ويدوسون بأقدامهم و”عقولهم” كل من يعترض سبيلهم، ليبقوا في مناصبهم حتى يحالون على التقاعد أو على المقابر.

 

لست بصدد الحديث عن العهدة الرابعة وبقاء بوتفليقة رئيسا للجزائر ولا عن بن فليس ولا حتى عن لويزة حنون أو مرشح آخر، بل عن المسؤولين في التلفزيون الجزائري “سامحهم الله”، الذين يتلاعبون بمشاعر وأحاسيس الجزائريين وخاصة أنصار”الخضر” في ربوع الجزائر، لعدم تمكنهم إلى غاية كتابة هذه الأسطر من شراء حقوق مباريات “الخضر” في مونديال البرازيل القادم، وربما يجبرون المشاهد الجزائري على البحث من الآن على قناة أجنبية لمتابعة رفقاء القائد بوقرة.

لقد أخطأت اليتيمة شهر نوفمبر المنصرم، عندما قامت بقرصنة اللقاء الأخير لـ”الخضر” ببوركينافاسو، وأجبرت على دفع مبلغ مالي معتبر للقناة المالكة للحقوق، رغم أنه كان بإمكانها شراء ذلك أشهر قبل اللقاء الأخير، لأن المكلف بالعملية ربما نسي أو تناسى أن الجمهور الجزائري يتنفس هذه اللعبة ومجبر على مشاهدتها، ولا يغفر للذي يتلاعب بمشاعره.

الدعوى القضائية التي رفعتها الشركة القطرية ضد التلفزيون الجزائري بمحكمة سيدي أمحمد بالعاصمة للحصول على مستحقاتها، تعتبر وصمة عار في جبين من لم تسمح له نفسه بشراء المباراة في وقتها، فكيف سنتمكن من شراء حقوق المونديال ونحن من”سرق” مباراة كروية؟، وهل من شيم المسؤولين الاستعلاء على حقوق الغير ونجبر على دفع غرامة مالية كان بإمكاننا تفاديها.

كنت أنتظر كغيري من الجزائريين أن يُفتح تحقيق حول قرصنة مباراة في كرة القدم، لكن الصمت خيّم على صناع القرار، وتقبلنا الأمر بروح غير رياضية..هذه المعاملات أجبرت الهيئات الكروية الدولية على معاقبة المنتخبات التي “تقرصن” دولها لقاءات كرة القدم يومها ستقع “الفأس على الرأس”، ونصبح أضحوكة في المجتمع الدولي.

أتذكر جيدا كغيري من الجزائريين، أيام الزملاء الصحفيين بن يوسف وعدية وحفيظ دراجي وغيرهم، لما كنا نستمتع أسبوعيا بكل المباريات الدولية، وخاصة الأوروبية منها، ولم نكن نسمع عن حقوق البث، لأن كل شيء كان يحدد في موعده بسنة أو أكثر، أين كان المسؤولون يومها “محترفين” يعرفون رغبات الجمهور الرياضي الجزائري.

لقد أخطأنا مع الشركة المالكة لحقوق البث، وعلينا أن نعترف بالخطأ وندفع لهم ما يدينونه لنا، إن كنا حقا مسؤولين نعترف بالخطأ، لأننا في أمس الحاجة إلى تحسين صورتنا خارجيا، قبل فوات الأوان.

الذي سيحكم الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية سيجبر التلفزيون الجزائري على دفع مبلغ 120 مليار سنتيم لشراء حقوق البث من القناة القطرية المالكة للحقوق، والجمهور الجزائري سيتمكن من متابعة العشر مباريات المقترحة على قناتنا الأرضية، لكن لماذا هذا التماطل؟ أعرف أن صناع القرار في مثل هذه القضايا مهتمون بالانتخابات الرئاسية والأمور السياسية، لكننا نجبرهم على التفكير في جمهورنا الذي سيجلس أمام شاشة التلفاز الوطنية لمتابعة مباريات “الخضر”.

 

مقالات ذات صلة