منوعات
تشتركان في التضحية والوفاء وقهر الصعاب

قصة جوليانا تعيد حكاية الزهرة الألمانية إلى الواجهة

صالح سعودي
  • 9512
  • 6
ح.م
المجاهدة فاندنابل ليونتين جورجات جراردة المعروفة باسم الزهرة الألمانية

صنعت حكاية الشاب مرشد، الحراق الجزائري، والفتاة جوليانا الألمانية الحدث في الجزائر وألمانيا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعلها تتحول إلى قضية قائمة بذاتها، وبذلك تعيد هذه الحكاية قصة أخرى مماثلة خلال الثورة التحريرية، كان بطلها ابن عين الناقة ببسكرة محمد ضحوة والزهرة الألمانية، وقاسمها المشترك هو التضحية والوفاء وتحدي الصعاب.

أحدثت قصة ابن البليدة مرشد دريدي وجوليانا الألمانية ضجة كبيرة في الجزائر وألمانيا، وهذا بعد ما لجأ مرشد إلى خيار الحرقة، والهجرة إلى ألمانيا، حيث تعلق بالفتاة الألمانية جوليانا التي اعتنقت الإسلام، وتعلقت به هي الأخرى رغم كل المتاعب التي مر بها هذا الأخير، وفي مقدمة ذلك طرده من طرف الأمن الألماني بسبب عدم حيازته على وثائق الإقامة، ما جعل جوليانا الألمانية تصر على البحث عنه، بدليل تنقلها إلى المغرب، حيث خلف غياب جوليانا حالة استنفار، ما جعل الأمن الألماني يخوض رحلة البحث عنها.

وتبدو هذه القصة مماثلة للمجاهدة فاندنابل ليونتين جورجات جراردة (بلجيكية الأصل)، والمعروفة باسم الزهرة الألمانية، القاطنة حاليا في منطقة تكوت بباتنة، والتي كانت “الشروق” أول وسيلة إعلامية تتطرق إليها منذ عامين، حيث أعطت الزهرة الألمانية أمثلة حية في الوفاء والتضحية، وعلاوة على انضمامها إلى الثورة الجزائرية من بوابة فرنسا، فقد كانت وفية لزوجها المجاهد محمد ضحوة، حين امتطت الطائرة بمفردها متوجهة إلى الجزائر قادمة من فرنسا، للبحث عن زوجها بعد أن علمت بخبر القبض عليه وزجه في السجن، وبعد أن سمعت بهروبه من السجن والتحاقه بالمجاهدين فضلت اللحاق به بجبال الأوراس، بعد ما تحملت مشقة السفر من فرنسا نحو بسكرة وتحولها إلى مرتفعات جبال كيمل مكان مقر الولاية التاريخية الأولى.

 وتعود قصة العلاقة بين محمد ضحوة والزهرة الألمانية، حين خاف محمد ضحوة من المتابعات الأمنية بنواحي بلجيكا أثناء عملية جمع السلاح لفائدة الثورة التحريرية، فدخل صدفة بيت عائلة الزهرة الألمانية، حيث قوبل بالعناية والاهتمام، ومن حينها بدأت قصة الحب والوفاء، وصولا إلى رحلة الجمع الثنائي للسلاح، ثم التحاق الزهرة الألمانية بالجزائر بحثا عن زوجها، لتصعد إلى جبال الأوراس نهاية الخمسينيات إلى غاية إعلان وقف إطلاق النار، حيث فضل الثنائي المذكور الاستقرار بتكوت (باتنة)، وقد أعلنت الزهرة الألمانية إسلامها بعد الاستقلال مباشرة على يد الشيخ الصادق رحماني، كما خدمت سكان المنطقة في مجال الصحة لمدة تزيد عن 35 سنة.

وإذا كان ابن البليدة مرشد دريدي يدعو السلطات الجزائرية والألمانية إلى إيجاد الحل المناسب الذي يضمن له العيش مع زوجته جوليانا، سواء بتحويله إلى ألمانيا أو المجيء بها إلى الجزائر، فإن محمد ضحوة وزوجته الزهرة الألمانية فضلا الاستقرار في منطقة تكوت بباتنة، وأعطيا صورا جميلة في الحب والوفاء، ما جعل سكان الأوراس يشيدون بهما من حيث الاحترام والبساطة والتضحية، مثلما يصنع ابن البليدة مرشد الحدث رفقة جوليانا الألمانية التي أصرت على أن تكون إلى جانبه حتى ولو تطلب ذلك الهجرة إلى الجزائر.

مقالات ذات صلة