-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خبايا أشهر قصيدة شعبي

قصة عويشة المختطفة والحراز والعاشق

فاروق كداش
  • 9383
  • 0
قصة عويشة المختطفة والحراز والعاشق
ح.م

كل متذوق لفن الشعبي يعرف القصة ويحفظ القصيدة، حكاية من زمن منسي تختفي بين أبيات غزل ورثاء، تختصر لوعة الفراق وتعصف بالأحاسيس.. الشروق العربي، تروي لأول مرة القصة قبل القصيدة عن عويشة والحراز القادم من الحجاز.

عويشة والحراز، من أكثر القصائد الشعبية في الجزائر، صدحت بها أكثر من حنجرة جزائرية، مثل الزاهي وقروابي والشيخ نوني، وهي قصيدة للشاعر المغربي المكي بن القرشي الأزموري، الذي أبدع العديد من القصائد، مثل “اليوسفية” و”العاشقة مولات التاج” و”خصام الباهيات”…

 قصيدة الحراز، جوهرة في كتابة الملحون، تجمع العديد من المقاصد، وإن كتبت على ديباجة غرامية، إلا أنها تعالج قضايا كثيرة، مثل السحر والطمع والأخلاق، والعلاقة المتناقضة بين الخير والشر، وغيرها.

 دخل رجل غريب إلى قرية أزمور، في عهد الدولة المرابطية، وهي قرية صغيرة على ضفاف نهر أم الربيع، ممتطيا جوادا أسود جامحا، قيل إنه قدم من الحجاز.. هو ساحر أو جني لا يعرف كنهه أحد… أتى يبحث عن الحب والجمال في بلاد المغرب، ويقتني الجواري الحسان في كل مكان يحط فيه… فعثر على ضالته في عيون عويشة، الفتاة العذراء التي لم تكمل العشرين. تصفه الأبيات الأولى من القصيدة:

“حراز حكيم من الحجاز.. وطلع للغرب على البراز… قاري جردابية ديال رومان الزرق يا فهيم… وميسر كذا من حكيم… قاري علم التنجيم.. كيحقه وسجيع وفرصة… ومعلم في حرب النساء… ومبلي بالطاسة

وسالباه الجلسة بين البنات… جايل عنهم طول الحياة.. جال مدن وقريات خاصاه غزالة عنها يدور… فتش المداين والدشور.. يوم وصل الأزمور”.

ويصف الشاعر عويشة بقوله: “صاب بنت ظريفة… عذراء وباهية ولطيفة… في العود كتخبل وتصيح معاه بالحجازي وشغول الشام”

الثلاثية المحرمة

القصيدة هي ثلاثية بين العاشق والحزار وعويشة… الحراز الذي يخطف عويشة بمعية بعض الحاسدين ويسجنها في قصره الحصين… في صباح اليوم الموالي، تختفي عويشة فيبدأ العاشق رحلة البحث عنها… وتختصر القصيدة هذا المشهد:

“حتى إن جاء الحراز مطّور في البلاد… باعوها له حساد.. كيحسدوني في هلال الاعياد… عمل عنها الارصاد في القصر… وسكن بين الواد والبحر..

وتملّك بها وملكاته الغزالة العذرية… حكم عنه مير زينها وظفر بالحراز… وعمل الأرصاد على المجاز”.

ويتصور العاشق سيناريوهات كثيرة ليتمكن من اقتحام القصر وتحرير عويشة، فيتنكر في زي قاضي البلاد «أنا قاضي البلاد، جئت أستبرك منك يا حكيم، تجي عندي لدار الضيافة…» غير أن الحراز يصده ثم يعيد الكرة بلا استسلام هذه المرة، في هيئة متصوف زاهد، فلا يستقبله صاحب القصر ويأمر بضربه بالعصي… وفي غمرة حزنه، تشير عليه بعض النسوة الكائدات بأن يتنكر في زي امرأة ليدخل القصر، وهن لالة مليكة وأختها فطومة وريم حدة والغزالة زهرة وعبوش وراضية ومنانة وزهية ورحيمة وخديجة ولالة حبيبة، وقررن أن يطلقن اسم يامنة على العاشق المتنكر، “قامت ليا البتول لبّستني كسوة من الذهب والحرير وأنا باقي شباب وصغير… لا لحية لا شارب كأني عذرة بلغت وقت الصيام وأفناها الهوى والغرام”.

إن كيد عويشة لعظيم

لكن الحراز كان أكثر دهاء فزجر النسوة ومعهن العاشق الولهان‫… وبعد محاولات متكررة، يتمكن العاشق من ملاقاة عويشة، بعد أن تنكر في زي شاعر شامي، يعزف على الڤنبري، فتتعرف عليه هذه الأخيرة، وتقنع الحراز بإدخاله القصر وتستعمل عويشة عصا سحرية لتحوله إلى قرد.

“طارت لذيك الجهة يا فهيم، قالت اسمع يا حكيم: هذا هو محبوب خاطري.. وانت عذبتيه… آ الظالم كي نعمل بيك؟… ها حكمتك حصلت في يديّا… دبا ولّي قرد زيد فرجنا بالتنقاز”.

ثم ضربت الطاسة السحرية بالعصا، فظهر عفريت أزرق، طلبت منه إعادة الحراز إلى الحجاز للتخلص منه نهائيا:

“ضربت الطاس بالقضيب… طلع عفريت ازرق… قال لها آذني لي يا الغزال… قالت هذا الحراز عذبه.. اديه للحجاز سيبه… شيله يا عفريت يمشي لباباه يعلمه التقراز… والحراز مشى للحجاز”.

وهكذا تنتقم عويشة من الحراز، الذي فرقها عن حبيبها مدة عشرين يوما كاملة.

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!