جواهر

قطعت علاقتي بحبيبي.. كيف أثبت بعد رمضان؟

تسنيم الريدي
  • 5557
  • 34
ح.م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في السابعة والعشرين من عمري، أعمل كمهندسة ديكور، من بداية شهر شعبان كانت لدي همة عالية للعبادة والطاعة، وأخذت عهداً مع الله بحياة إيمانية جديدة، ومن ضمن ما عاهدت عليه نفسي أن قطعت التواصل مع زميلي بالعمل إلى حين أن يتم الاتفاق الشرعي على الزواج مع أهلي، لكنني أشعر الآن بفتور الهمة، وكأن شيء ينقصني أو إحساس بالملل، أو إحساس بأن ما أفعله لن يفيد، وأحياناً أقول يجب أن تكوني صادقة مع نفسك هو إحساس بإفتقاد الحرام، رغم أن علاقتي بزميلي  كانت في حدود وأدب لكنني أحبه بدون علم أهلي وأفتقده في حياتي.

منذ بداية رمضان وأنا أحافظ على صلاتى بأوقاتها وأصلي النوافل، وأواظب على أذكار الصباح والمساء والنوم، لكن نادراً جداً ما أقوم الليل، وهذا يعود إلى إحساسي بالتعب بعد يوم عمل شاق .

أنا أدعو الله دائماً أن يذيقني حلاوة الإيمان، ويثبت قلبي على حبه، ولكني أفقد الروح الإيمانية، أصبحت أصلي وكأني لم أصل، مجرد جسد يتحرك فقط، والقلب والعقل يجاهد ولكن بضعف شديد.

أنا خائفة جداً على نفسي بعد رمضان أن أعود لما كنت عليه بعد التوبة، لقد تعبت، أريد إيماني، أخاف أن أموت وانا على هذا الشكل من الفتور الإيماني والتعلق للعودة للمعصية، أعتذر لطول ما كتبت ولكني بحاجة إلى من يساعدني، ويأخذ بيدي.

حواء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

أهلا وسهلاً بك يا حواء على صفحات جواهر الشروق، والله أسأل أن ييسر لك أمرك كله، وأن يعينك على الطاعة وأن يثبتك عليها، وأن يتقبل منك عملك خالصاً لوجهه الكريم.

هوني على نفسك يا زهراء، فالتوبة والإقلاع عن المعصية تأخذ وقتها حتى تنتزع من القلب، ويثبت عليها بحلاوة الإيمان، ويحتاج ذلك إلى صبر خاصة العبادات، فقد قال تعالى: ” أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى”.

وبإذن الله لم يضيع الله جهدك، واقتدي بالسلف الصالح اللذين كانوا يفرغون من صيام رمضان ويمكثون ستة أشهر يسألون الله أن يتقبل منهم رمضان، فإذا بقيت لشهر الصيام ستة أشهر أخذوا يسألون الله أن يبلغهم رمضان، وكانوا يدركون فضل وأثر الصيام فكانوا يكثرون من التطوع بالصيام، وكان الإمام النووي وطائفة من الكرام يسردون الصيام، وكان قائلهم يقول: ” بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان”. لقد كانوا ربانيين لا رمضانيين، فإن الله تبارك وتعالى ينبغي أن يطاع في رمضان وفي شعبان وفي سائر الأشهر والأيام، وقد قال تبارك وتعالى في كتابه: ” وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ”. لذلك استمر على العبادة والطاعات، وكلما فترت منك عبادة، ابدئي في غيرها، فإذا تثاقلت عن قيام الليل، أكثري من التفكر والذكر، وإذا تثاقلت عن الصيام، أكثري من الصدقة، بحيث لا تفتر همتك كلياً، وإذا صمت لله فصومي صيام مودع، يظن أنه لا يعود للصيام أبداً، واعلمي أن المؤمن يموت بين حسنتين، بين حسنة قدمها يجد برها وأجرها، وبين حسنة أخرها سوف يندم عليها.

والأصل يا حواء أن الإنسان كلما تقدم به العمر أن يكثر من الطاعة، وأن يتقدم في العبادة، وأن يزداد إيماناً وحباً لله، ولكن هذا الأمر ليس على إطلاقه لأن النفس البشرية كثيراً ما يعتريها نوع من الكسل والفتور والميل للمعصية، رغم حرص أصحابها أن يظلوا دائماً في قمة الطاعة والعبادة، وهذا ليس بالأمر الجديد، وإنما تعرض له حتى الصحابة أنفسهم رضي الله عنهم وكثير من علماء الإسلام ومشايخه، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم : “لكل شيء شرة ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته لسنتي فقد هدي” والشرة هي الشدة والقوة، فالإنسان يبدأ الالتزام بقوة وصلابة وعزم أكيد، ومع مواصلة للطاعة والعبادة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد يعتريه الفتور، وهذا أمر طبيعي جدّاً، والذي يجب علينا أن نخاف منه هو أن يؤدي الفتور إلى ترك الحق والتمادي في الباطل أو الانحراف بعد الهداية، والعياذ بالله تعالى .

أما إذا كان الفتور لا يعدو أن يكون كما ذكرت عبارة عن عدم الإحساس بحلاوة الطاعة، أو التكاسل وثقل الصلاة مع المحافظة عليها، فهذا أمر متوقع حدوثه، المهم ألا يؤدي بنا الفتور إلى ترك السنن، أو تضيع الفرائض، أو الوقوع في الحرام، والعياذ بالله.

وأخيراً أنا سعيدة جداً بقرارك بقطع التواصل مع هذا الشاب، ولا تدعي الشيطان يسيطر على أفكارك بأنك تفتقدينه وهذا سبب فتورك عن الطاعات، بالعكس هذا صدق مع الله، والله لن يخيب ظنك، فإن كان هذا الشاب خيراً لك، سوف يسوقه الله إليك في الحلال، وإن كان شراً فسوف يرزقك الله ويعوضك بخير منه، المهم أن يكون إيمانك وثقتك بالله كبيرة، ولا تستسلمي أبداً.

تمنياتي لك بالسعادة والتوفيق

للتواصل معنا:

fadhfadhajawahir@gmail.com

مقالات ذات صلة