جواهر
وجهات نظر

قل لها شكرا!

سمية سعادة
  • 5480
  • 3
ح.م

من أطرف ما تداوله النشطاء على شبكة الانترنت حول المشقة التي تتكبدها المرأة في المطبخ لتحضير وجبة الإفطار دون أن تحظى بكلمة شكر، قول أحدهم، وجاء في شكل نصيحة وجّهها إلى جموع الصائمين، “إذا انتهيت من تناول وجبة إفطارك، لا تنس أن تُسدي عبارة شكر لأمك أو زوجتك أو أختك التي سهرت على تحضير تلك الأطباق، حتى لا تظنّ المسكينة أنّها قدمت الطعام لبغل..”.

وحتى وإن كانت هذه النصيحة مغلّفة ببعض السخرية اللاذعة، إلا أنّها تحمل الكثير من الحقيقة، فمن من أفراد الأسرة يتذكر دائما أن يشكر تلك الأيدي التي تعبت، والأجساد التي وقفت طوال النهار في المطبخ، وهي تُشرف على تحضير أنواع الأطعمة في هذا الشهر الكريم، متحمّلة ساعات الصيام، وربما ساعات العمل خارج البيت (بالنسبة لأولئك النساء العاملات)؟.

لا شك أنّ تلك المرأة التي تحظى بعبارات الشكر والثناء على المجهودات التي تقوم بها داخل المطبخ، هي من النساء المحظوظات، لأنّ الأغلبية ينسون أفضال ربات البيوت بمجرد الانتهاء من تناول الإفطار، مع أنّ شكر الناس من شكر الله؛ وشكر الزوجة أو الأخت أو الأم، أقلُّ ما يُمكن تقديمه مقابل تلك الخدمات الجليلة التي يقمن بها لتوفير أسباب الراحة والسعادة لأفراد العائلة في شهر رمضان، إنّهنّ كالشموع يحترقن ليُضئن “موائد الصائمين”.

ومن أطرف ما نقلته إحدى السيّدات على شبكات التواصل الاجتماعي، قولها إنّ زوجها يترك لها يوميا، بعد كلّ وجبة إفطار رمضاني، ورقة من فئة 500 دينار جزائري، على مائدة الإفطار كعربون شكر لها على ما قدّمته له من لذيذ الأكل وطيّب الطعام، لتهوي عليها التعليقات المنتقدة التي يقول بعضها إنها ليست خادمة لتقبل من زوجها مالا مقابل وقوفها في المطبخ، بينما انطلقت “صواريخ” الحسد من بعض السيدات اللواتي لا يتلقين ولو كلمة طيبة من أزواجهن بعد الإفطار.

ربما يرى البعض أنّ هذا التصرُّف (تقديم المال للزوجة مقابل أدائها واجباتها المنزلية)، سلوكٌ غير مبرّر من الزوج، بالنظر لأنّ هذه الزوجة لم تقم بعمل خارق تستحقُّ عليه مثل هذا النوع من “الرشوة”، إلا أنّ الواقع يؤكد عكس ذلك، فهذا الزوج المقدّر لقيمة ما تقوم به زوجته، فكّر كيف يُكافئها على ذلك، فلم يجد إلا أن يمنحها كلّ يوم مبلغا من المال كهدية مقابل مجهوداتها..

إنّها طريقة مختلفة للتعبير عن الامتنان والشكر والتقدير، وبالتأكيد، فإنّ لكلّ واحد منّا طريقته الخاصة في إسداء الشكر، وهذا أمر طبيعي، والغريب في هذا الموضوع أن يعجز الإنسان عن شكر من يحسن إليه، فيدخل تحت طائلة الجاحدين وناكري الجميل..

في شهر رمضان الكريم، تختلف مواقفنا وسلوكاتنا تجاه بعضنا البعض، والحمد لله، أن تلك المناوشات والمشاحنات التي كانت تحدث في أسواقنا وشوارعنا قد خفّت وطأتها خلال هذا الشهر الفضيل، حيث صار العقل سيّد الموقف، بالرغم من الظروف الاجتماعية الصعبة التي بدأت تظهر بشكل أو بآخر، وهذا ما يدعو إلى التفاؤل..، كما أنّ ظهور أشكال الشكر والعرفان لدى العائلة الجزائرية، يجب أن تُثمّن، لذلك لا تتردّد في توجيه التحية لتلك “الطباخة” التي تقوم بإسعادك كلّ يوم، لأنّ ما تقوم به يستحقُّ ذلك فعلا، فهي تبذل في سبيله الكثير من دمها وأعصابها وعرقها..

مقالات ذات صلة