-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الباحث في جامعة إشبيلية الاسبانية محمد بشير لحسن لـ"الشروق":

“قنصليات الرشاوى” في الصحراء الغربية ستغلقها أزمة المخزن

“قنصليات الرشاوى” في الصحراء الغربية ستغلقها أزمة المخزن
ح.م
الأكاديمي والباحث في جامعة إشبيلية الاسبانية محمد بشير لحسن

يشرح الأكاديمي والباحث في جامعة إشبيلية الاسبانية محمد بشير لحسن، الأسباب الكامنة وراء انتكاسة الدبلوماسية المغربية، ويؤكد في هذا الحوار مع “الشروق”، أنها تعتمد بشكل كبير وأساسي على الرشاوى والابتزاز، جازما أن أكبر خطأ وقعت فيه الدبلوماسية المغربية هو التطبيع مع الكيان الصهيوني، وبالمقابل سجل لحسن أن النجاحات التي تحققها الدبلوماسية الجزائرية تزعج وتؤلم المملكة الغربية.

الحديث يدور بقوة عن رشاوى يقدمها المخزن لاستمالة شخصيات وهيئات ودول، هل هذا مرتبط بشكل أساسي بخيبات السياسة الخارجية المغربية؟
عندما تعجز عن إقناع الدول بمواقفك، وتتبنى أطروحاتك، فإن الخيار الآخر هو اللجوء إلى دفع رشاوى.
والتسريبات الأخيرة، التي لا يسعنا هنا أن نسردها جميعها تتحدث وتؤكد بالدليل عن هذا الموضوع، وتكشف عن شراء نظام المخزن لذمم وزير خارجية السنغال السابق وموظفين بالأمم المتحدة، ومسؤولين في مجلس حقوق الإنسان وفي هيئات الاتحاد الإفريقي.
المخزن عندما لا يمكنه إقناع أي شخص أو دولة بتبني موقفه، يلجأ إلى دفع رشاوى والابتزاز، وهذه الممارسات ليست ذات جدوى، لأنه عندما تقطع التمويل على الشخص أو الهيئة، فإن الموقف سيتغير لا محالة.
وهنا أتوقع أنه مع الصعوبات المالية التي تواجه المخزن، خلال السنتين أو الثلاث المقبلة، ستغلق معظم البلدان قنصلياتها في الصحراء الغربية المحتلة، لأن تلك القنصليات الوهمية تمت بناء على رشاوى، والرشاوى لا يمكن الاستمرار في دفعها، وستعود هذه البلدان إلى مواقفها السابقة.

مع مؤشرات الترهّل المغربي دبلوماسيا واجتماعيا واقتصاديا، كيف تقرأ نتائجه مقارنة باستعادة الجزائر لريادتها؟
أعتقد أن عودة الجزائر إلى منطقة نفوذها القاري والدولي تزعج بشكل كبير الكيان الصهيوني، وكذلك نظام المخزن وكل الأنظمة المتحالفة مع الرباط.
الجزائر لها علاقات متوازنة مع الجميع، واستطاعت المحافظة على علاقاتها المتوازنة مع أطراف متصارعة، ليس من الآن، بل منذ عقود حافظت على علاقات صداقة مع روسيا وفي ذات الوقت المحافظة على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
الجزائر ليس لديها أعداء أو صراعات، والآن عادت للقارة الإفريقية وعمقها الإفريقي في الجانب الاقتصادي تحديدا، وعادت إلى عمقها العربي عبر تنظيم ناجح للقمة العربية، إضافة إلى انخراطها في الوساطة بملف سد النهضة، وأيضا مع الفرقاء الليبيين وفي تونس، هذه العودة تسبب إزعاجا للمخزن.
العودة القوية للجزائر على الساحة الدولية ستتوجها بالانضمام لاحقا إلى مجموعة “بريكس”، حيث عبرت الصين وروسيا وهما أكبر عضوين في المجموعة عن ترحيبهما بانضمام الجزائر، والجزائر لديها كل الأوراق الرابحة لدخول هذه المجموعة، والأمر سيحدث خلال القمة القادمة التي تعقد في جنوب إفريقيا وهي حليف تقليدي للجزائر، وهذه الخطوة إن تحققت ستزعج المخزن والأنظمة المتحالفة معه.

هل الهرولة الكبيرة للمغرب نحو الكيان الصهيوني، تمثل طوق نجاة له، حسب ما تم الترويج له؟
هرولة المخزن للكيان الصهيوني خطأ وقعت فيه كل الدول العربية التي طبعت سابقا، كل الأنظمة العربية المطبعة ذهبت ضحية وعود زائفة لم يتحقق منها أي شيء.
وأضرب بعض الأمثلة، لما طبّع السادات سنة 1979، تم الترويج أنه سيتم تحقيق نقلة صناعية لمصر، لأن الكيان الصهيوني متطور علميا وتكنولوجيا، وتعهد الكيان الصهيوني بتقديم معارفه خاصة في مجال الزراعة، وفي زراعات محددة كالقطن والتمور واستغلال المياه، إضافة إلى توافد السياح، وفي الواقع أثبت الزمن أنها وعود كاذبة، وأن الكيان الصهيوني كان المستفيد الوحيد.
الأردن لما طبع سنة 1994 كان ذلك تحت مخاوف الأزمة المائية وهو أحد أفقر الدول في العالم من حيث المياه، وتم الترويج أن حصته ستزيد من المياه عبر نهري اليرموك والأردن، لكن الذي حصل بعد التطبيع تناقصت حصة الأردن أكثر من النصف.
وهنا نتذكر ما حصل سنة 1998، حادث تسمم نهر الأردن الشهير، وإصابة سكان العاصمة عمان بالأمراض، وأجبرت حكومة عبد السلام المجالي على الاستقالة، تؤكد أن الكيان الصهيوني لا يوثق به وهو المستفيد من التطبيع.
موريتانيا كذلك طبعت في العقدين الماضيين، والشيء الذي حصل لها، الحديث عن دفن الكيان الصهيوني لمواد سامة في صحراء موريتانيا.
لا يمكن لأي دولة عربية أن تستفيد من الكيان الصهيوني، المخزن وقع في نفس الخطأ، سوّق أن التطبيع سيكون طوق النجاة، وسينقل له الصهاينة التكنولوجيات العسكرية، وهي شعارات سبقته إليها مصر والأردن وموريتانيا، وستمر الأيام ويتيقن أنه لن يحصل على شيء من التطبيع، ولكن فرط في القضية الفلسطينية وفي القاعدة الشعبية المؤيدة لفلسطين داخل المملكة، نجزم أن اكبر خطأ وقعت فيه الدبلوماسية المغربية الصبيانية هو التطبيع مع الصهاينة.

نكسات متتالية تصيب الدبلوماسية المغربية، في اعتقادك ما هي مسبباتها؟
عدة أسباب يمكن أن نعددها لانتكاسة الدبلوماسية المغربية، أولها صعوبة الدفاع عن الطرح الغربي لاحتلاله الصحراء الغربية، لأنه يتناقض مع القانون الدولي، بينما المغرب قوة احتلال في الصحراء الغربية، ومن الناحية القانونية والأخلاقية والسياسية يصعب الدفاع عن هذه الأطروحة، ويكون البديل حينها البحث عن الابتزاز وشراء المواقف.
وجرب المحتل الغربي مثل هذه الطرق ولم تأت بأية نتائج، وانتهج دبلوماسية فتح القنصليات في الأراضي المحتلة، واعتقد أن ذلك سيغير من الجوهر الأساسي للقضية الصحراوية، ولم يتغير شيء، لأن فتح تلك القنصليات الوهمية كانت بمقابل مالي كبير جدا، فهو يتولى بناء مقرات ويسدد بعض الديون ويمنحها أسمدة مجانا، وهذا ما شكل استنزافا كبيرا لميزانية المملكة، خاصة وأنه يواجه مصاعب كبيرة جدا.
هذه الأسباب مجتمعة ومنفردة تشكل نكسة كبيرة للدبلوماسية المغربية، علاوة على ذلك اعتاد أن تكون مواقف الدول معه بالمقابل وليس مبنية على مصالح متبادلة أو على اقتناع منها.
وهنالك عنصر بشري لفشل الدبلوماسية المغربية، واقصد هنا مراهقة وزير الخارجية ناصر بوريطة، وهذه النقطة تؤكدها مراكز بحثية مرموقة وآراء مراقبين، تشدد أنه مراهق ويتعامل مع الدبلوماسية بشكل مشخصن للغاية فهو يتحكم في كل قراراتها ما يجعلها تفتقر إلى نظرة الدبلوماسي المحنك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!