الرأي

قهاويكم خالصين !

جمال لعلامي
  • 4171
  • 6

لم يبق من عُمر الحملة الانتخابية إلاّ القليل، وقد سادتها في المرحلة الأخيرة تجاوزات تعدّت تمزيق اللوحات الإشهارية، ووصلت حدّ الاعتداء الجسدي على المترشحين، بعدما تعرّضت قيادات حزبية إلى مطاردة هوليودية من طرف غاضبين يئسوا من “هدرة” وثرثرة سياسيين يقولون ما لا يفعلون ويعدون ولا يوفون!

أن يُقحم بعض المنافسين الأسلحة البيضاء في عزّ الحملة، فهذا يعني في ما يعنيه، انقراض لغة الحوار والنقاش السلمي والسليم بين السياسيين والمترشحين، وبين مختلف الأحزاب، وبين هذه الأخيرة والحكومة، وبين الوزراء أنفسهم داخل الجهاز التنفيذي!

عندما يلجأ بعض المترشحين والأحزاب إلى توزيع الحلويات والسميد والبطانيات وبطاقات تشفير القنوات الفضائية وإلى تنظيم مسابقات “حكّ تربح”، ويستخدم آخرون شعار: “قهاويكم خالصين”، من أجل شراء أصوات انتخابية، فهذا دليل على إفلاس الخطاب الانتخابي ومؤشر مثير وخطير، على تحوّل هؤلاء إلى “بابا نوال” الذي يوزع الهدايا ليلية رأس السنة!، هل يُمكن لمن يتذكّر فجأة الربوات المنسية في عز الحملة، أن يتذكرها وهو نائب في البرلمان أو وزير في الحكومة أو مير في البلدية؟.. الجواب تقرؤه التجارب السابقة لنواب وأميار ووزراء اعتكفوا في مكاتبهم وقاطعوا مداشرهم ومساقط رؤوسهم والدوائر التي أوفدتهم إلى المجالس المنتخبة لتمثيلها والدفاع عنها في السرّاء والضراء!

لا يُمكن ضمان صوت مواطن قبل “رشوة” انتخابية، فهناك من اليائسين من يقبض الهدية، لكن عندما تصل الانتخابات “يدير رايو”، فلا تصدّقوا أيها المترشحون أن أصوات الزوالية تباع وتشترى في سوق الانتخابات، ولا تنتظروا جزاءا ولا شكورا!

من يوزع البطانيات والبطاطا والدقيق والألبسة خلال أيام الحملة، قد يكون فاعل خير، لو يلتزم بهذا الفعل الإنساني طوال العهدة البرلمانية، ولا يختزلها حصريا وفقط في حملة لن تدوم سوى 21 يوما!. إن مثل هذه التصرفات والتلاعبات لا يُمكنها سوى أن تقتل الثقة وتضاعف بذور اليأس والإحباط في نفوس الجزائريين، طالما أن “فاعلي الخير”، يربطون هذا الخير بمقابل انتخابي يُوصلهم إلى برّلمان بحثا عن خير لن يأكل منه الغلابى لا قليل ولا كثير!

مثلما مطاردة رئيس حزب بالبيض والحجارة هو تجاوز غير قانوني، والاعتداء على مترشح هو أيضا تجاوز يُعاقب عليه القانون، فإن محاولة شراء أصوات الناخبين بالبطانيات وأكياس الفرينة و”المقارون”، هو تجاوز تذمّه الأخلاق ويكفر به التنافس الانتخابي الذي لا يُمكن الفصل فيه سوى عن طريق الصندوق وبالإرادة الشعبية!

صبيحة العاشر ماي، لا يُمكن لمن وزّع الخبز والحليب والكلام المعسول على المواطنين، أن يُرافقهم إلى “المخافر العازلة”، فيُراقبهم أو يُجبرهم على خيارات واختيارات لا يؤمن بها، ولذلك، فإن التجاوزات والخروقات التي حبست أنفاس الحملة الانتخابية ليست إلاّ ظواهر مرضية، من الضروري معالجتها خلال المواعيد المقبلة، حتى لا تنتشر العدوى ويتكاثر المرضى!

مقالات ذات صلة