رياضة
الجزائريون تفهّموا تشجيع مصريين لمنتخب السينغال

قيمة التتويج في أنه تحقق في القاهرة بعد 10 سنوات من أحداث أم درمان

الشروق الرياضي
  • 5744
  • 7

مجرد تنقل أكثر من 20 ألف جزائري إلى قلب العاصمة المصرية ودخول ملعب القاهرة الدولي والعودة بكأس نظمتها مصر بهدف واحد، وهو التتويج بها، من دون أن تحدث مشاكل بين الجزائريين والمصريين هو انتصار للعلاقة بين البلدين، لأن مثل هذا الكلام أو الاعتقاد بحدوثه كان أقرب إلى المعجزة منذ قرابة عشر سنوات، سواء في مصر أو في الجزائر، لأنه من غير الممكن أيضا أن تنظم الجزائر بطولة كبرى في كرة القدم، ويعود المصريون بالتاج من ملعب 5 جويلية، ولا أحد من الجزائريين يلوم المصريين الذين ساندوا نيجيريا في لقاء النصف النهائي أو حتى السينغال في النهائي، لأن الأمر ربما كان سيحدث في حالة تنظيم الجزائر للبطولة.

ومثل هذه الأمور عادية في كرة القدم، فقد أكد لاعبون من شبيبة الساورة تشجيع مناصرين زملكوايين لشبيبة الساورة عندما لعبت الموسم الماضي في مصر أمام الأهلي المصري ضمن رابطة أبطال إفريقيا، كما أن النادي اللندني تشيلسي بأنصاره وإدارته هو من مهّد لفوز ليستر سيتي باللقب على حساب النادي اللندني توتنهام عندما فاز عليه في لندن وتوّج رفقاء رياض محرز.

والصراع الكروي بين الجزائر ومصر لا يضرّ بالجانب الحميمي الأخوي بين البلدين، وكونهما منتخبين كبيرين هو الذي يجعل الأمور تسير في هذا الاتجاه كما تسير الأخوة العدائية بين الأهلي والزمالك واتحاد العاصمة ومولودية الجزائر؟

ويعلم الأشقاء في مصر بأن جزائريين هللوا لفوزجنوب إفريقيا في الدور الثمن النهائي على حساب منتخب مصر، كما هللوا هم لهدف نيجيريا من ضربة جزاء في مرمى رايس مبولحي.

لكن على المصريين أن يتفهموا أيضا قيمة التتويج الذي عاد به أشبال بلماضي من قلب القاهرة ويحترموه، ففي ظرف وجيز رفع المصريون التحدّي وقرّروا إقامة البطولة الإفريقية على أرضهم من أجل أن يمنحوا القيادة لنجمهم العالمي محمد صلاح لرفع الكأس القارية، التي جانبت الفراعنة في الدورة السابقة، وسارت الأمور كما تمناها المصريون فقد كانت الملاعب جاهزة وجاء محمد صلاح من إنجلترا وهو ثاني لاعب عربي يتوج برابطة أبطال أوربا وثاني لاعب عربي يسجل في النهائي الأوروبي الكبير بعد الأسطورة الجزائرية رابح ماجر، كل الأمور كانت تسير في صالح الفراعنة، وحتى الإعلاميين المصريين عندما يتحدثون عن المنتخبات المرشحة يبدأون بمصر ثم يضيفون المغرب والسينغال وقد يذكرون كامرون وتونس، ولا أحد منهم ذكر إسم الجزائر التي يرونها منتخبا لن تزيد خطاه عن الدور الثمن النهائي أو الربع النهائي في أحسن الأحوال.

تأهل المنتخبان الجزائري والمصري سويا إلى الدور الثمن النهائي ومن دون أي خطأ بتسع نقاط، وصار حسابيا تلاقيهما في الدور النهائي مستبعدا، وبينما فاز الخضر بسهولة بثلاثية نظيفة أمام غينيا حدثت المفاجأة وخرجت مصر منطقيا من البطولة، ومع أن المصريين بسبب صدمتهم أغلقوا صفحة البطولة نهائيا، وطلّقوها بالثلاث، إلا أن ما قام به الخضر في مباراتي الدور الربع النهائي والنصف النهائي، جعل الكثير منهم يرفعون القبعة للمنتخب الجزائري، وهناك من تذكر منتخب مصر في سنة 2008 عندما سافر إلى غانا وعاد باللقب من أنياب كوت ديفوار والكامرون بنجومها الكبار مثل دروغبا وسامويل إيتو وبالأداء والنتجية وخاصة بالروح القتالية، وحان موعد النهائي فتذكر الجزائريون ما حدث في ملعب القاهرة منذ عشر سنوات عندما تم التضييق على الأنصار ولم تمنحهم السلطات المصرية سوى 2000 تذكرة، وما حدث للاعبي الخضر من اعتداء على الحافلة وما حدث بالخصوص من قصف من الإعلام المصري الذي لم يترك شتيمة إلا وقذف بها أشبال سعدان وكل الجزائريين بعد مباراة أم درمان الشهيرة، وتذكر المصريون أيضا بأن الجزائريين على بعد خطوة من حمل الكأس والعودة بها إلى الديار، فكان طبيعيا أن يصرّ الجزائريون على الفوز بالكأس في قلب مصر، وكان طبيعيا أن يتمنى مصريون أن تسافر الكأس إلى داكار بدلا عن الجزائر.

بعيدا عن الملحمة التي صنعها جمال بلماضي في المباريات السبع التي خاضها بين القاهرة والسويس، وبعيدا عن صور الدموع والسجود والدماء التي سالت، وبعيدا عن التنقل القياسي والتاريخي للأنصار إلى مصر من القارات الخمس، فإن ذوق طعم الكاس القادمة من القاهرة كان متميزا ولا يشبه أي ذوق، فعندما فاز الخضر في موقعة أم درمان كان إعلاميو دكاكين الفتنة يؤكدون بأن تواجد الجزائر لوحدها ممثلة للعرب، في مونديال 2010 هو حادثة صدفة لن تتكرر، ولكن المنتخب الجزائري وبمدرب آخر وبلاعبين آخرين تأهل ولوحده من العرب إلى كأس العالم الموالية في البرازيل، وأكثر من ذلك بلغ الثمن النهائي ضمن الـ 16 منتخبا عالميا الأحسن، والآن بعد عشر سنوات كاملة عاد المنتخب الوطني وبمدرب جزائري وإلى قلب القاهرة لينافس 24 منتخبا إفريقيا بقيادة مصر، ويفوز عليهم جميعا ويتوج باللقب، ليؤكد أشياء كثيرة على أن الجزائر بلد كرة القدم، وهي تبتعد بعض الوقت، وليس كل الوقت، لتعود بأكثر توهج.
ب.ع

مقالات ذات صلة