رياضة

كأس إفريقيا 2019.. نجاح ومحبة

ياسين معلومي
  • 1797
  • 8
ح.م

أيام قليلة، وتنتهي كأس إفريقيا في طبعتها الـ32، التي احتضنتها مصر بداية من 19 جوان المنصرم. الدورة عرفت إلى حد الآن تنظيما جيدا، وروحا تنافسية بين الـ 24 منتخبا، التي شاركت في هذه المنافسة القارية، فامتزجت فيها دموع الحزن من جهة، ودموع الفرحة من جهة أخرى، تأهلت منتخبات لأدوار متقدمة وأقصيت أخرى كانت مرشحة للفوز والتتويج. هذه هي حلاوة الكرة، فهذه الدورة مثل كل الطبعات السابقة لا تحتفظ إلا بالمنتخب المتوج بالكأس، والأخرى عليها العمل للظهور بوجه مشرف في الطبعة القادمة بعد سنتين، في ظروف أخرى تحددها “الكاف” التي عرفت مؤخرا هزات قد تعجل برحيل رئيسها الحالي أملا في قدوم من هم أحسن وأكفأ من هؤلاء، أو ربما أسوأ من المسؤولين السابقين.
الكل يشهد أن هذه الكأس الإفريقية التي تلعب في مصر عرفت إلى حد الآن نجاحا كبيرا، ولم تشهد أي انزلاق أو مشكل، فماعدا قلة الجماهير في المباريات (عدا لقاءات المنتخب المصري)، فإن مصر نجحت في تنظيم هذه المنافسة إلى أبعد الحدود، ووحدت بين الشعوب العربية، كيف لا وكل المناصرين العرب يساندون المنتخبات العربية، فإطلاق مبادرات لتشجيع العرب في هذه المنافسة لقي استحسانا وتجاوبا عند الجميع، وحققوا بذلك ما عجز عنه السياسيون لسنوات، لأن الرياضة عموما والكرة على وجه الخصوص أصبحت في وقتنا هذا طريقة للتآزر والتلاحم ونشر المحبة، فلا أحد كان يظن أن ما حدث بين الشعبين الجزائري والمصري بعد لقاء أم درمان يطوى ملفه، ويدفن مدى الحياة، ويصبح الجزائري يتجول في مصر وكأنه في بلده، والمصري كذلك أصبح يتغنى بالجزائري ويتمنى تتويج “الخضر” بالكأس في أرض الكنانة… حلم تحقق بفضل وعي الجماهير التي تتذكر دائما وحدة الشعبين، خاصة سنوات 67 و73… والتاريخ يشهد على ما أقول.
لا أريد أن أتحدث عن تألق المنتخبين الجزائري والتونسي وإقصاء منتخبات مصر والمغرب وموريتانيا، لأن كرة القدم مجرد لعبة، وربما الفائز فيها ليس بالضرورة هو الأقوى، بل أريد أن أؤكد أن كأس إفريقيا للأمم التي تلعب بمصر وحّدت الشعوب العربية، فلم تشهد أي تجاوز، وأصبحنا نتمتع كل يوم بفنيات إفريقية قادمة من أم الدنيا التي نجحت وبامتياز في احتضان هذه المنافسة القارية. ومهما يكن اسم المنتخب المتوج بهذه الكأس الإفريقية (الذي نتمنى أن يكون عربيا)، فأعتقد أن الانتقاد الذي قد أوجهه إلى هيئة أحمد أحمد هو إجراء هذه المنافسة في فصل الصيف، وهو الأمر الذي يعيق اللاعبين على الظهور بمستواهم المعهود، وخاصة الذين ينشطون في القارة الأوروبية، إضافة إلى إجراء هذه المنافسة بـ32 منتخبا، ما أدى إلى تراجع مستوى بعض اللقاءات… فالأجدر في اعتقادي أن تلعب هذه المنافسة بأحسن المنتخبات مثلما كانت عليه في السابق.
أتمنى أن يفكر الجميع في تطوير الكرة الإفريقية وليس تهديمها، فعندما لا تستطيع الجماهير متابعة لقاءات فرقهم إلا بالاشتراك في القنوات المالكة للحقوق، فعلينا أن ندق ناقوس الخطر اليوم قبل الغد، لأن الكرة كانت قديما للفقراء، لكنها اليوم أصبحت منبعا للثراء على حساب البسطاء.

مقالات ذات صلة