-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كذبة الحرِّية الغربية وعدم حاجة أمريكا للطاقة الروسية

كذبة الحرِّية الغربية وعدم حاجة أمريكا للطاقة الروسية

كشفت العقوبات الغربية جرّاء الحرب الجارية اليوم في أوكرانيا أن حرية التعبير وحرية التنقل والامتلاك وحرية التجارة العالمية وحتى الحريات الفردية لا وجود لها في المطلق.

تتفق اليوم معظم البلدان الغربية على التضييق على حرية الإعلام وتدفُّق المعلومات ما دامت لا تصبُّ في مصلحتها ولا تدافع عن وجهة نظرها. لم نجد قط في أيٍّ من القنوات التلفزيونية الغربية، ولا في وسائل التواصل الاجتماعي أيَّ أثرٍ للرأي الآخر المؤيِّد لروسيا مثلا، ولاحظنا كيف تم إسكات بعض الأصوات عنوة بمجرد أنها حاولت تقديم وجهة نظر مخالفة للطرح الغربي السائد اليوم بل وتم طردها على المباشر من حصص النقاش مثلما حدث مع الشاب الأسترالي الذي دافع عن الرئيس بوتين في برنامج QandA المخصَّص لمناقشة القضايا العامة.

أما الإبقاء على بث القنوات الروسية  فذلك من المحرمات، لقد تم توقيفها جميعا في أوروبا والولايات المتحدة، وتم السماح لمواقع التواصل الاجتماعي بالتعامل مع جميع عبارات العنف والكذب والتشويه إذا ما كان الأمر يتعلق بروسيا. بل أنه تم اتخاذ قرار رسمي بالسماح بعبارات الحقد في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ضد الجيش الروسي والرئيس بوتين بعد أسبوع فقط من بداية الحرب.

وهكذا بات واضحا أن ما يعتبره “فيسبوك ـ ميتا” قواعدَ للنشر السليم يقف عليها أكثر من 40 ألف موظف ليست سوى مجرد أداة للقيام بمراقبةٍ مُوجَّهةٍ ضمن أهداف محددة لا تؤمن بالأساس بمحاربة العنف أو الرذيلة أو تشويه صورة الآخر إذا تعلق الأمر بِمَن تصنِّفهم الولايات المتحدة وحلفاؤها ضمن الأعداء.

والأمرُ ذاته يتعلق بحرية التنقل والامتلاك والإقامة.. كانت الأبواب مفتوحة بالنسبة لأصحاب الملايير الروس، وكان من حقهم امتلاك العقارات واليُخوت وحتى الأندية الرياضية (رومان أبروموفيتش مع فريق تشيلسي) باسم الحرية، فإذا الأمر ينقلب على هؤلاء بين عشية وضحاها ويُصبِحوا مُدانين، وممتلكاتهم محجوزة وحساباتهم المالية مُجَمَّدة. وقد ذكرت مجلة فوربس الأمريكية المتخصصة في ترتيب أصحاب الثروات العالمية أن الأثرياء الروس في الغرب فقدوا 126 مليار دولار بعد 14 يوما من الحرب فقط. ولم يتردد الرئيس الأمريكي في الحديث عن حجز يخوت لما سمّاهم أوليغارش روس كان يحتضنهم قبل أيام ويفتح لهم أبواب بلاده للبقاء فيها باسم حرية الامتلاك وحرية تنقل الأشخاص والطابع الليبرالي لأمريكا.

وما ينطبق على أصحاب الملايير الروس ينطبق على أموال الدولة الروسية ذاتها (البنك المركزي الروسي). كانت تلك الأموال وسبائك الذهب مرحبا بها في البنوك الغربية وكانت تُعدُّ آمنة لأنها في بلاد ديمقراطية، وفي لحظة معينة تمت مصادرتُها تحت عنوان التجميد. وبلغت قيمة الأموال المجمدة إلى حد الآن 300 مليار دولار.

وتبدو السياسة الغربية في أبرز أشكال النفاق عندما تستثني الغاز الروسي من الحظر، مادامت تحتاجه، وكذلك الفحم. كما يتأكد التلاعب الأمريكي بقضية العقوبات عندما يتم التركيز على أن الرئيس بايدن وقَّع تشريعا بمنع استيراد النفط الروسي الذي تتراوح كميته بين 3 بالمائة و8 بالمائة فقط من واردات النفط الأمريكية، في حين لا تتم الإشارة إطلاقا لإبقاء الولايات المتحدة الأمريكية على استيراد اليورانيوم الروسي باعتبار أن قطاع الكهرباء الأمريكي تابع بنسبة 50 بالمائة لليورانيوم الروسي وحلفائه كازاخستان وأوزباكستان، وحظر استيراده معناه أن أكبر دولة في العالم ستغرق في الظلام.

كل هذا يُبيِّن حدود شعار الحرية في الغرب وحدود الثقة التي ينبغي وضعُها في ديمقراطياته سواء في مجال الاستثمار أو إيداع الأموال والأصول، وحدود الأمل في جدوى التعامل معه ضمن علاقات متوسِّطة  وبعيدة المدى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!