-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كرة الانتخابات في مرمى لعرابة

كرة الانتخابات في مرمى لعرابة
ح.م

تنتهي اليوم المهلة الرئاسية الممنوحة للأحزاب والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية، لإبداء آرائها ورفع مقترحاتها، بشأن مسودّة المشروع التمهيدي لقانون الانتخابات، لتعود الكرة بعدها إلى مرمى لجنة أحمد لعرابة، من أجل إعادة بلورة ورقتها وفق توجيهات الإرادة العليا المعبَّر عنها من قبل رئيس الجمهورية في تنظيم استحقاقات انتخابية شفافة تخلّص الجزائر من آفة التزوير، وضمن التوجُّه العامّ لأفكار الطبقة السياسيّة المنبثقة عن النقاش العام.

لاشكّ أن الأرضية الأولية للجنة قد جاءت بمقترحات إيجابية في اتجاه تطهير العملية الانتخابية من الفساد، وعلى رأسها عزل المال السياسي عن التأثير في مجرياتها، وهو ما تجسد تحديدا في اعتماد النمط الانتخابي للقائمة المفتوحة، وتشديد الرقابة على التمويل، ما من شأنه إنهاء التطاحن على رؤوس القوائم ولو بدفع الملايير.

 زيادة على ذلك، فإنّ التخلّي عن نظام القائمة المغلقة سيضع المواطن أمام انتخاب اختياري وفق سمعة المرشَّحين، بعيدا عن هيمنة رجالات التنظيمات الحزبيّة.

كما أنّ تجاوز المُحاصصة النسوية في النظام الانتخابي لصالح المناصفة التنافسيّة يمثل مكسبا رئيسًا لتجسيد مبدأ المساواة بشكل سليم وفق النضج التدرّجي في ثقافة المجتمع، وتخليص المجالس المنتخَبة من العضويّة الإجباريّة التي أفرزت تمثيلا هزيلاً على كافة المستويات.

بالمقابل، فإنّ الكثير من الملاحظات قد وردت حول النسبة المئوية المشروطة لدخول الانتخابات، وفق نتائج آخر استحقاق، أو بناء على عدد التوقيعات، وهو ما تعتبره عديد الأحزاب قيدا إقصائيّا في حقها، خاصّة مع طعنها في المواعيد السابقة.

ولعلّ أهم تحفظ سجَّلته الطبقة السياسية هو ذلك المتعلق بالسلطة المستقلة للانتخابات، خاصّة فيما يتصل بطريقة تشكيلها، إذ أعربت الأغلبية عن دعمها لانتخاب أعضائها عوض التعيين، أو على الأقل المزج بين الآليتين مع منح الأسبقيّة للانتخاب، حرصًا على تجسيد مبدأ الحياد والنزاهة.

من العسير استحضار كل محاسن مشروع لعرابة في هذه المساحة، ولا جرد كافة مساوئها من منظور الطبقة الحزبيّة، وليس ذلك ما نتوخاه أصلاً، وما أوردناه أعلاه كان فقط من باب المثال لا الحصر، للتدليل على أنّ الورقة تمثل جهدا فكريّا وقانونيّا معتبرًا، لكنها تبقى بحاجة إلى الإثراء والغربلة.

وإذا كانت مقترحات المسودّة تحمل وجهة نظر تقديرية، ومثلها تصورات الأحزاب والجمعيات، فإنّ المرجع للاحتكام هو البرنامج الإصلاحي للرئيس عبد المجيد تبون، وقد شدد الأخير خلال لقاءاته بلجنة لعرابة على ضرورة صياغة قانون يضمن “نزاهة الانتخابات بما يعبّر فعليّا عن الإرادة الشعبية”، لإدراكه العميق أن تعثر المسار الانتقالي الديمقراطي، وعقدة العملية السياسية في بلادنا، تكمن في تغييب صوت الشعب الجزائري كمصدر للسلطة، وتحويل مسألة الحكم إلى قضية صراع بين مراكز القرار والنفوذ بأدواتٍ غير دستوريّة.

لذلك، فإنّ كل فكرة تقترب عمليّا من تحقيق رغبة رئيس الجمهورية في تكريس التداول الشفاف على المسؤولية تعدّ إضافة معتبرة إلى المشروع المطروح، وكلّ تصوّر يُناقض إجرائيّا الإرادة السياسية العليا سيكون مردودا على أصحابه، لأنّ المنتفعين من التزوير وتدخُّل الإدارة والمال الفاسد سيبذلون قصارى جهدهم لتعطيل إصلاح النظام الانتخابي إذا نسف مصالحهم الضيقة.

لا نعتقد أنّ الجزائر مطالَبة باكتشاف قانون مثاليّ للانتخابات، بل يكفيها توفُّر الإرادة الصادقة في الاحتكام إلى قرار الشعب في اختيار ممثليه، ثمّ بناء التوافق قدر المستطاع على ترجمة ذلك، من خلال بنود القانون المنشود، بينما تبقى الممارسة الميدانية وعامل الزمن كفيليْن بإظهار أيّ قصور فنّي بسيط قابل للاستدراك مستقبلاً.

وعليه، فقد تدحرجت الكرة مجددا إلى مرمى لجنة لعرابة، لصياغة قانون يعكس الإرادة الرئاسية في الإصلاح ويحقق تطلعات الجزائريين في إنهاء عهد الوصاية الأبويّة التي تدثرت طيلة نصف قرن بالشرعيّة التاريخية الثوريّة، حتى انتهى بها مطاف التزوير في حجر بارونات الفساد، ما جعلها خطرا على بِنية الدولة الوطنيّة في زمن تنامي الأشواق الشعبيّة، على نطاق عالمي، نحو الرّفاهية والحريّة.

إنّ المطلوب الآن من لجنة إعداد المشروع هو العمل الحثيث الصادق لنسج قانون جديد يشكّل القطيعة النهائية مع الممارسات البالية، ولن يتحقق الأمر إلا من خلال نجاحها في تلقيح الرؤى النظرية لأعضائها بملاحظات ذوي الرصيد الميداني والخبرة الطويلة في مدافعة التزوير، أمّا إذا انفردت بتقرير مصير القانون فستضيع فرصة أخرى على جهود الإصلاح.عبد الحميد عثماني

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • محمد

    دساتير العصابه سنها لعرابه فكيف يسند له كتابه الدستور الجديد؟ هل اصلح لعرابه عراب الدساتير الجزائريه ؟ فكل نظام بفصل له دستور على مقاسه و متطلباته

  • نمام

    يبقى كلاما وملصقات للدعاية لمنتوج الجزائر الجديدة نعلم بانهم يحاربون ما قام به الشباب لا الحراك لذا لايذكرون ثورة الشباب وانما الحراك لا يمكن لاي عاقل الا ان يكون مع الانتخابات ولكن لا بمواقف ارجاعانا لنقطة البداية هم من خاط هذا القانون و رماة للمجتمع ويدركون ما يغيرون ما جرى في الدستور و العرابة هو واضع الدساتير ختى مع الرئيس السابق وبهذا يريدون استعمال السياسة وادواتها مع ما يتفق مع رؤيتهم لان ثورة الشباب لن تكتمل وهذا قتل لها ويرون بان ثورته وجبة سريعة اعدت وطبخت بمعايير معيتة او قهوة مستوردةمن الخارج او ضربة معلم محكمة وسرعان ما يرمم النظام نفسه ويتناسون بانها ثورة كرامة وتغيير جذري لعهد

  • لزهر

    عند الأمتحان يكرم المرئ أو يهان
    هل يستطيع لعرابة فرض
    1 مسابقة وطنية للترشيحات
    2إستعمال رقم التعريف الوطني للتصويت
    عن طريق الانترنت و إستعمال بطاقة التعريف الوطنية لأنها تحتوي على شريحة

    و إلا لماذا صرفت أموال طائلة على تغيير البطاقة.
    3صنادق الأقتراع إلكترونية
    و التصويت بالهاتف عن بعد
    و كل هذا للترتيب و التنظيم و النتائج مظبوطة.