الرأي

كرة القدم..رمضان ومخاوف فرنسية

محمد سليم قلالة
  • 2902
  • 5

الفرحة العارمة التي عمّت المدن الفرنسية، على غرار ما حدث في المدن الجزائرية، إثر انتزاع ورقة تأهل الفريق الوطني إلى الدور الثاني من كأس العالم، تُبين بما لا يدع مجالا للشك محدودية وعقم الإجراءات المتشددة التي حاولت الحكومة الفرنسية من خلالها قطع الصلة بين الجالية الجزائرية ووطنها الأم من خلال ما يعرف بسياسات الإدماج، وأكدت أن الإدماج الحقيقي لا يتم بإجراءات قسرية تمنع الخمار أو النقاب أو مظاهر التدين في رمضان، إنما باحترام أكثر لمشاعر الآخرين وبالاعتراف لهم بهويتهم الثقافية في مجتمع يفترض أنه ديمقراطيا ويقبل بالتعددية في جميع المستويات.

ابتهاج الجزائريين في فرنسا بالتحديد، وبتلك الكيفية البارزة للعيان، رغم ما فيه من تجاوزات على النظام العام من قبل قلة لا يمكن أن نعتبرها ممثلة للجالية الجزائرية، وعلينا أن نستنكر سلوكها، فيه دلالة عميقة على قوة ومتانة الروابط الشعورية بين المهاجرين ووطنهم الأم، وفيه إشارات أكيدة أن الذين يغادرون بلدهم لسبب أو لآخر إنما يغادرونها وفي قلبهم حسرة على هذه المغادرة القسرية في غالب الأحيان، وهم مستعدون لحمل الجزائر في قلوبهم إلى حين عودة ثانية إلى البلد الأم.

غير صحيح أنهم كفروا ببلدهم وشعبهم، أو أنهم بلا وطنية، وبلا أمل في العودة، أو أنهم لم يخلقوا إلا للتخريب والتحطيم، وليطمئن السيد François d’Orcival  الذي كتب مقالا يتخوف فيه من تزامن قدوم شهر رمضان الكريم مع انتصار الجزائريين في كرة القدم، في valeurs actuelles حيث تحدث عن تجاوزات في 10 مدن فرنسية بعد الهزيمة أمام بلجيكا، وفي 20 مدينة بعد الانتصار على كوريا، بما في ذلك استبدال العلم الفرنسي بالعلم الجزائري في بعض المباني… وليطمئن كل أولئك الذين يرفعون أيديهم اليوم، ابتهالا للألمان لإراحتهم من كابوس فرحة قادمة للجزائريين في الدور الثاني، وليلوم الفرنسيون سياساتهم تجاه الهجرة قبل أن يلوموا الجزائريين وغيرهم، ليلوموا تلك الإجراءات الاستفزازية والشكلية تجاه الجالية المسلمة بشكل عام والعربية بشكل خاص التي اعتقدوا خطأ أنها ستحقق الإدماج وتحافظ على لائكية الدولة… فإذا كان الجزائريون اليوم قد خرجوا ابتهاجا بانتصار فريقهم فذلك من حقهم، أما إذا قامت فئة قليلة منهم بأعمال تخريب أو إخلال بالنظام العام ، نكرر استنكارنا ورفضنا لها، فذاك ليس سوى نتيجة خطأ في فرضية تبني عليها الحكومة الفرنسية سياستها تجاه الهجرة: أنه يمكن أن يتحول الجزائريون إلى فرنسيين بفرنسا وهم الذين لم يتحولوا وهي بالجزائر لأكثر من 130 سنة…

مقالات ذات صلة