الرأي

كرة القدم.. والجبهة النفسية..

محمد سليم قلالة
  • 2236
  • 6

الفرحة ثم الشك في الانتصار ثم الفرحة التي عمت قلوب الجزائريين أول أمس نتيجة الفوز العريض على المنتخب الكوري بالأداء والنتيجة تعكس إلى حد ما نفسية الشعب الجزائري المتأرجحة بين اليأس والرجاء والخوف من المجهول والأمل في المستقبل. وتُبيّن إلى أي مدى هي متأصلة أم لا الثقة في النفس وفي القدرات والإمكانيات.

كان الفريق الوطني فائزا بثلاثية نظيفة في الشوط الأول وبمجرد تسجيل الكوريين لهدفهم دب اليأس في النفوس وشك الكثير حتى في إمكانية النصر، بل واعتقد البعض أن الهزيمة قادمة، لولا الهدف الجزائري الرابع الذي أعاد الطمأنينة والهدوء… ومع ذلك بقي الخوف يسكن الغالبية منا بأن أمرا ما قد يحدث وتنقلب الموازين. إلى أن حانت لحظة النهاية وتأكد للجزائريين أنهم بالفعل قد انتصروا، وانتصروا انتصارا عريضا ومستحقا.

هذه الثنائية بين اليأس والرجاء، الخوف والأمل، بالرغم من أنها سنة من سنن الله تعالى التي فطر عليها الإنسان، إلا أنها عندما تتحول إلى استعداد مستمر للتحول السريع نحو اليأس بدل الأمل تصبح حالة ينبغي التوقف عندها. عندما تصبح طريق الشك معبدة نحو النفوس والعقول ينبغي أن ندق ناقوس الخطر.

إن الطبيعي لدى الإنسان السوي أن يكون الرجاء والأمل عنده أكبر من اليأس، وأن تكون الثقة في الله وفي القدرات والإمكانيات لديه أكبر من الشك فيها واعتبارها مجرد أوهام.

أما عندما يُصبح الميل لديه نحو اليأس أقرب، والاستعداد للشك في القدرات والإمكانيات أوضح، جراء تراكم مواقف وأحداث وسلوكات على مستوى العقل أو الحالة النفسية العامة ينبغي أن نراجع أنفسنا وحساباتنا.

تصوروا لو أن الأمر لا يتعلق بمقابلة في كرة القدم إنما بمعركة سياسية مصيرية أو بحرب مع عدو خارجي أو بحصار اقتصادي أو هجوم إرهابي لا قدر الله. تصوروا لو أن كوريا تعلنها عقوبات اقتصادية ضدنا من خلال سامسونغ وأخواتها وهي ليست ببعيد، بأية صلابة نفسية وتماسك اجتماعي سنواجه الأمر؟ هل تنفع هشاشة الوضع النفسي التي نحن عليها بتحقيق القدرة على الانتصار في الأداء والنتيجة كما في كرة القدم؟

يبدو أننا اليوم في حاجة إلى تعزيز الجبهة النفسية بانتصارات أكبر ليس فقط من خلال مقابلات كرة القدم، باعتبارها أبسط الوسائل، بل من خلال الانتصار في جبهات الحرب الأخرى الاقتصادية والسياسة والثقافية والأمنية… وذلك هو الأمل الذي ينبغي أن نعيش عليه سواء كان الدور الثاني أو لم يكن… فذلك حدث عابر، ونحن نبحث عن العبرة من الحدث… 

مقالات ذات صلة