الرأي

كفى استهتارا!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1003
  • 4
الشروق أونلاين

لا زالت فئة كبيرة من الجزائريين يتعاملون باستهتار مع التّهديد الذي تمثّله جائحة فيروس كورونا، وعلى الرّغم من الأرقام المتزايدة للإصابة بهذا الفيروس، والتي لا يمكن لعاقل التسليم بأنها تعبر عن حقيقة انتشار الفيروس في الجزائر، بسبب محدودية عمليات الكشف التي تقوم بها فروع معهد باستور، وعلى الرّغم كذلك ممّا يحدث في بلدان لا يفصلنا عنها إلا البحر، حيث يبيد الوباء ما يقارب 1000 شخص يوميا في البلد الواحد، فإنّ الكثير لا زال يستهزئ بالتهديد وربما يشكك في الوباء نفسه!

وحتى المناطق التي طبق فيها الحظر الصّحي الكلّي أو الجزئي، لم تلتزم به، كالبليدة والعاصمة، ولا زالت مظاهر الحياة العامة في المناطق الداخلية وفي القرى والمداشر وحتى في المدن، تسير بشكل عادي، وكأننا لا نواجه قاتلا خطيرا عجزت أرقى المنظومات الصّحية في العالم عن مواجهته.

وهنا لا يمكن التّسليم بتلك الصّور التي تنتشر على مواقع التّواصل الاجتماعي لساحات كبيرة وسط مدينة البليدة وهي فارغة كليا، وأحيانا يدخل الترويج لهذه الصّور في خانة “البروباغندا” الفارغة، طالما أنّ النّاس لم يلزموا بيوتهم في الشّوارع الفرعية والأزقّة الضّيقة والقرى والمداشر.

وفي الواقع؛ فإنّ ظاهرة التّمرد على إجراءات الحجر الصّحي موجودة في العالم كله، وليس في الجزائر فقط، وقد تابعنا ذلك في أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا، أين وجدت الأجهزة الأمنية صعوبات في تطبيق إجراءات الحجر الصحي، بل إنّ بعض البلدان خاصة في العالم الثالث انفلتت فيها الأوضاع إلى استخدام العنف المفرط ضد مخترقي حظر التّجول، أمّا فرنسا فقد تمكّنت من تحصيل مبالغ طائلة جرّاء الغرامات القاسية على المخترقين لحظر التّجول تصل إلى 400 أورو، أي ما يعادل سبعة ملايين سنتيم للمخالفة الواحدة.

لذلك فإنّ الصّرامة في تطبيق الحظر الصّحي مطلوبة، ولو ألحقت ضررا ماديا بالمخترقين، لأنّ الرّهان هو الحفاظ على الصّحة العامّة، والتّصدّي للمستهترين والمتلاعبين بسلامتهم وسلامة عائلاتهم واجب على الدّولة عبر أجهزتها الأمنية، فالأمر جدّ ولا مجال للاكتفاء بعمليات التّحسيس والتّوعية، وإنّما هو الوقت لإجبار النّاس على عدم الخروج من البيت دون سبب وجيه.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى النّقص الفادح في عمليات التّموين وهو ما خلق فوضى على مستوى نقاط بيع المواد الأساسية مثل “السميد” و”الحليب”، وما تقوم به أجهزة الرقابة والأجهزة الأمنية من مطاردات للمحتكرين والمضاربين ضروري للقضاء على ظاهرة النّدرة وارتفاع الأسعار.

أما الرسالة التي ينبغي أن توجه لعموم التّجار في المواد الغذائية بكل أنواعها، فهي أنّ الظّرف الذي تمرّ به البلاد يجعل من فكرة التّربّح وجمع الأموال سلوك خاطئ، لأنه استثمار في الأزمة، وكما نطالب الأطباء والممرضين وكلّ العاملين في القطاع الصحي بالتضحية والتّطوع، نطالب كذلك التّجار بالتّضحية والتّطوع بالتّخلي عن جزء من الفائدة حتى يعمّ الرخاء ونتمكّن جميعا من اجتياز هذه المرحلة الخطيرة.

مقالات ذات صلة