الرأي

كفّوا عن التمييز بين الجزائريين

رشيد ولد بوسيافة
  • 1214
  • 7

يطالب المحتجُّون بورقلة بتحرُّك وزير العدل وإيفاد لجنة تحقيق إلى الولاية للوقوف على التجاوزات المسجلة في عمليات التوظيف، وكذا وضع حد لتصرفات المسؤولين بعدم الكشف عن عروض العمل على مستوى الوكالة المحلية للتشغيل، وهي مطالب منطقية على السلطات العليا المسارعة إلى الاستجابة لها بهدف التدقيق في عمليات التوظيف بالولاية خلال السنوات الأخيرة، وفضح المتلاعبين بمناصب العمل الذين يمارسون التمييز بين الجزائريين.

المحتجُّون يتكلّمون عن شروط تعجيزية وانعدام للشفافية وتمييز بين طالبي العمل وتجاوزات على مستوى بعض الوكالات المحلية تتعلق باختيار المترشحين بطرق ملتوية تفتقر إلى النزاهة، وهي اتهاماتٌ كبيرة للقائمين على ملف التشغيل في ولاية إستراتيجية مثل ورقلة تتواجد بها أكبرُ الشركات والقواعد البترولية.

وليس صعبا التحقّق من هذا الاتّهامات، وما على المحقّقين سوى إجراء دراسة مسحية للولايات الأصلية للموظَّفين في هذه الشركات لاستجلاء الحقيقة بشأن عمليات التوظيف، هل كانت على أساس المؤهِّلات العلمية والمهنية؟ أم كانت على أساس الجهوية و”المعارف” والمجاملات بين المسؤولين؟ وهي سلوكياتٌ لا أحد يستطيع نفيها أو الادِّعاء أنها تحدث على كل المستويات.

إن الخطاب الرسمي يركز على ضرورة تكافؤ الفرص في التوظيف، وهو أمرٌ يقره الدستور وكل قوانين الجمهورية، والمتورطون في تمكين معارفهم وأقاربهم وأبناء “دشرتهم” من مناصب التوظيف الهامة في الشركات البترولية يعملون ضد مبادئ الجمهورية، لذلك وجب فضحُهم ومعاقبتهم حتى يشعر الجزائريون جميعا بأنهم ينتمون إلى هذا البلد.

أما ما يتعلق بأسطوانة “المؤهِّلات العلمية” التي غالبا ما يردّدها المسؤولون عن ملف التوظيف، فإنّ هذا المشكل لم يعُد مطروحا على الإطلاق، لأن خريجي الجامعات منتشرون في الجزائر العميقة ويتواجدون في كل الولايات، ولم يكن هذا المشكل مطروحا من قِبل الشركات البترولية عندما كانت تستقدم عمالة عادية من مناطق بعيدة كالعمال المهنيين والمكلفين بالحراسة والاستقبال، فيما يُحرم شبابُ المنطقة من هذه الفرص.

إنّ الاستماع إلى مطالب شباب ورقلة وفتح حوار حقيقي معهم والنّظر بجدية في مطالبهم، هي الخطوة الأولى لمعالجة ملف التوظيف الشائك، لأنّ سياسة التّوظيف خلال العقود الماضية ظلمت الكثير من أبناء هذا الشعب، وعمَّقت الفجوة بينهم وبين المؤسسات الرسمية وأعطت الانطباع بأن المناصب والمكاسب هي لفئةٍ واحدة من الجزائريين.

وتغيير هذه الصورة يتطلّب صرامة مُطلقة، ونزاهة تامة في تسيير ملف التشغيل، ومعاقبة كل من يثبت تورُّطُه في التّلاعب بمناصب الشغل، من خلال التدخُّل في الآليات القانونية المحدِّدة لتسييرها واستحداث ثغرات تمكّن من التّصرف فيها ومنحها للمقربين أو أصحاب “الأكتاف” العريضة!

مقالات ذات صلة