-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“كنّا”..خير أمّة أُخرجت للناس !

“كنّا”..خير أمّة أُخرجت للناس !

قادة بن عمار

مع كل مناسبة سعيدة كأيام العيد التي نعيشها هذه الفترة تستيقظ أوجاع الأمة ويومياتها الحزينة على امتداد ثالوث الموت المفتوح من بغداد إلى غزة مرورا ببيروت، حتى يتخيل البعض أن كل العواصم العربية والإسلامية أصبحت حزينة ومصدرة للموت كما لا تملك في رصيدها غير قصص الاستبداد وحكايات الطغيان لتقدمه كهدايا لشعوبها المستضعفة في أيام العيد، وفي غيرها.ولكن هذه النظرة التشاؤمية التي تحاول بعض التيارات جعلها بمثابة المشهد الوحيد للعالم العربي تصطدم بحرية وصمود المقاومة من أجل البقاء، ولعل الشواهد على ذلك كثيرة، كما أن بذور الخير التي عرفتها الأمة وكانت عاملا أساسيا ودافعا قويا لاستمرارها منذ عقود تعتبر الضامن الوحيد للديمومة والرد المناسب لدعاة زوال الأمة.
أيام العيد تعتبر أيضا فرصة شرعية لمراجعة الذات الخاطئة والغارقة في الخطأ (من ساسها إلى راسها) كما يقولون، فرصة لإعادة التفكير مرة أخرى في المختلف بيننا والتوافقي، وأن ما يجمعنا من قواسم أكبر مما يفرّقنا، كما العيد الذي انقسمت الأمة هذه السنة أيضا في تحديد يوم واحد للاحتفال به يعد بمثابة الشاهد الأخير، والشاهد الذي (شاف كل حاجة) من انكسارات الأمة وضعفها المهين، ومن تصادم الفقيه فيها مع عالم الفلك، والحقيقة أن هذه الخلافات كلها حروب وهمية تقام برماح سياسية مزيفة، وأساس التفرقة فيها تتحمله الأنظمة في المقام الأول، لكن المريح في المسألة ككلّ، هو صحة اعتقادنا أن الأنظمة زائلة والعيد باق.
في أيام العيد، ينبغي أن يدرك الجميع أن لكل دولة عربية وإسلامية “بغدادها” الغارقة في الدماء، و”غزّتها” التي تفضح الانقسام باسم المصالح الدنيوية الضيقة، وأن لكل دولة عربية أيضا “بيروتها” التي تتجاذبها العواصم الغربية ويُستأصل القرار الوطني فيها من جذوره…هكذا هي الدول العربية والإسلامية في العيد، لا تتوحد في رؤية الهلال، ولكن تتوحد حتى الموت في تقاسم المحنة وأخذ حصتها من الموت المجاني دون أن توّحد الجهود لتقليص مساحة الحزن وإيجاد الحلول.
ولعل الشرذمة غير الوطنية التي ترهن القرار الوطني سياسيا واقتصاديا وحضاريا لصالح الآخر الباحث عن استئساده في فرقتنا، هي من تتحمل مسؤولية إفراغ العيد من محتواه، وخلطه بالسياسة الدنيئة رغم أنها فشلت في تعكير نقائه لدى فئات واسعة من الأمة التي تحاول مقاومة التفكير القائل أننا (كنّا خير أمة أخرجت للناس)، و”كان” فعل ماضي ناقص،.. لكن الناقص الحقيقي في اعتقادنا هي تلك الشرذمة الذاهبة نحو الانتحار أما الباقي والمستمر فهي الأمة سواء بأحزانها أو بأعيادها !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!