-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كورونا تعصف بما تبقى من صلة الرحم بحجة انتقال العدوى 

نسيبة علال
  • 670
  • 0
كورونا تعصف بما تبقى من صلة الرحم بحجة انتقال العدوى 
بريشة: فاتح بارة

عادت الحياة الاجتماعية إلى مجراها الطبيعي، رغم استمرار وجود فيروس كورونا. فقد دبت الحركة والازدحام في المحال التجارية والأسواق من جديد. واكتظت وسائل النقل العمومية وأماكن الراحة والترفيه. وامتلأت المقاهي والمطاعم عن آخرها. ومع هذا، لا يزال الجزائريون يتحججون بكورونا لقطع صلة الرحم، خاصة في المناسبات.

أصحاء يدعون المرض هروبا من الواجب الاجتماعي

منح انتشار فيروس كورونا، كذبة جديدة للمعتادين على تبرير غيابهم لدى العائلة والأصدقاء، وفي المناسبات البارزة، كالأعياد والأعراس والجنائز.. فقد راح العديد من الجزائريين يدعون إصابتهم بالكوفيد، لدرء الحرج من عدم أدائهم الواجب الاجتماعي. تقول السيدة صفية: “أقمت حفلة صغيرة لإعلان زواج ابني البكر، ودعوت بعض الجارات عند قدوم العروس. واحدة منهن اعتذرت، متحججة بإصابتها بكورونا، فيما أكدت جارة أخرى أنها التقت بها تتسوق في اليوم الموالي، وأنها بصحة جيدة..”. من جانب آخر، وبعيدا عن تجمعات الأفراح، وعدم الالتزام بتأدية التهنئة وتقديم الهدايا، يتلبس البعض المرض للهروب من جو الجنائز، والتملص من واجب المواساة. تقول فتيحة: “عندما توفي زوجي، لم يتجاوز عدد المعزين في الجنازة أصابع اليد، حتى إنني لم أتلق اتصالات كثيرة، رغم عدم تقصيري مع أحد، لكنني كلما التقيت فردا صدفة أو اتصلت به، تحجج بالمرض وتظاهر بخوفه من نقل العدوى، مع أنني متأكدة تماما من كون الأمر ليس سوى كذبة”.

تأجيل الزيارات إلى ما بعد كورونا يقطع العلاقات ويثير الحساسيات

تتداول العائلات الجزائرية، في هذه الفترة، مبدأ “زرته ولم يرد الزيارة.. هنأته ولم يقم بالواجب.. “، في مرحلة عودة الأعراس والحفلات واللقاءات، وغياب بعض المدعوين عنها، تقول السيدة نبيلة: “قررت مراجعة علاقاتي، بعد نجاح أبنائي في الباكالوريا وشهادة التعليم الأساسي هذه السنة، صدمني البعض بتجاهلهم التام لفرحتي، ولم يتقدموا لتهنئتي، رغم توجيهي دعوات إليهم. ما حز في نفسي أكثر، أنني ألتقي بهن في الأعراس، والجنائز، وعند التسوق، وفي الحمام.. ليستفززنني بالقول: “نزورك بعد ذهاب كورونا”. أما كوثر، فقد اختارت مقاطعة بيوت

أخواتها، وهي أصغرهن: “أصيب زوجي بالكوفيد، السنة الماضية، وتم شفاؤه سريعا، والحمد لله. مع ذلك، لم يزرني أحد منذ عام. في السابق، كانوا يتحججون ببعد المسافة، بحكم إقامتي في ولاية أخرى، لكنهم باتوا يؤجلون زيارتي إلى غاية اختفاء كورونا. لذا، قررت لزوم بيتي، وعدم زيارتهم أيضا، حتى في الأعياد والأفراح”.

خبراء في الشأن الاجتماعي: “العلاقات بعد كورونا مختلفة ومتأزمة”

خلق التباعد الاجتماعي الذي فرضته خطورة فيروس كورونا توترا ملحوظا في عديد العلاقات على اختلافها، إذ ورغم ما أصاب صلة الرحم في السنوات القليلة الماضية، من تدهور بسب هيمنة التكنولوجيا وانشغال الأفراد أكثر، أصبح الأمر أسوأ بقدوم كوفيد 19. فالملاحظ، من قبل الخبراء والمختصين، أن الناس أصبحوا يقاطعون صلة الرحم، وهم مرتاحون، لا يؤنبهم ضمير فردي ولا جمعي، ماداموا يملكون التبرير. يقول الأستاذ لزهر زين الدين، خبير اجتماعي: “نحن على مشارف كارثة اجتماعية حقيقية، فقد تباعد الأقارب والجيران والأصدقاء، وتكسرت الكثير من روابطهم، بشكل يصعب استصلاحه من جديد، خاصة في ظل الظروف الراهنة، حتى إن الأخ بات يتحاشى أخاه، كي لا يستضيفه في فراشه أو على مائدته.. وما كورونا بعد قرابة عامين من انتشاره سوى حجة على ذلك..”. فالمواطن البسيط المنهك جريا خلف لقمة العيش، والأشخاص الراغبون أصلا في قطع أي صلة مع الغير ما وجدوا في زمن الكورونا سوى فرصة لذلك. ويضيف الأستاذ: “قد نكون مجبرين، بعد سنوات من الآن، على خلق بعض المبادرات الاجتماعية، الساعية لإعادة إحياء صلة الرحم وإنعاش العلاقات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!