الرأي

كورونا.. وأرقام الحكومة!

قادة بن عمار
  • 4239
  • 9
ح.م

الكلام الذي قاله الوزير الأول عبد العزيز جراد أمس عن الوضع الاقتصادي الصعب وغير المسبوق الذي تعيشه البلاد حاليا، كلامٌ صحيح، والإجراءات المستعجلة التي اتخذتها الحكومة لمساعدة أو لنجدة العمال والشركات العمومية والخاصة، إجراءاتٌ مهمة، لكن السؤال: هل تُعدّ هذه الإجراءات كافية أم لا، خصوصا مع استمرار أزمة كورونا؟ وماذا عن المتابعة المستمرّة في الميدان: كيف ستكون، ومن طرف من؟

الجزائريون لا يريدون تكرار تجربة “حاميها حراميها”، فالكثير من القرارات الجيدة سابقا، طالها تشويهٌ كبير على المستوى القاعدي، بسبب الممارسات البيروقراطية، وسوء التسيير، أو نتيجة تفشي المحسوبية وغياب تصوّر متفق عليه للعمل التضامني المحلي.

جميلٌ أن تصرف الحكومة 24 مليار دينار على منحة المستضعَفين والمحتاجين، وجميل أيضا تخصيص 3 ملايير دينار لحلّ أزمة العالقين في الخارج، لكن هل أنقذنا جميع المحتاجين؟ وهل أعدنا كلَّ العالقين؟!

جميلٌ أيضا التفكير في قرار كتخصيص منحة بطالةٍ استثنائية، لكن ماذا عن بعض الفئات العمالية المهمّشة، من أصحاب المنح الضعيفة والأجور المتدنِّية أصلا قبل كورونا، ونخشى، بعدها، على غرار أصحاب العقود المؤقتة والأساتذة المستخلفين في التعليم، وعمال الشبكة الاجتماعية والبلديات وغيرهم، هؤلاء وإن فضَّلوا الصمت حاليا مراعاة للظروف القائمة، فهم بحاجة، أكثر من أيّ وقت سابق، إلى قرارات واضحة لصالحهم أو بارقة أمل تجعلهم في مأمن من المستقبل المجهول.

وزير المالية، ومن جهته، وخلال استعراضه لقرارات الحكومة أمام “الثلاثية”، أراد القول إن الملايير التي ضاعت على الاقتصاد الوطني نتيجة كورونا قد تجعله رهينة سنواتٍ طويلة، لا بل إن الوزير بن عبد الرحمان كان متفائلا جدا حين اعتبر السياحة “القطاع المنكوب الوحيد”، ونحن نرى بأن النكبة قد طالت كل القطاعات وإن كانت بنسب متفاوتة ومستويات مختلفة.

صحيحٌ أننا لسنا وحدنا من يعاني من ويلات كورونا اقتصاديا واجتماعيا، لكن وفي ظلِّ ارتباطنا الأزلي ببرميل نفط، يصعد تارة ويهوي تارة أخرى، سيصبح من المستحيل التفكير في حلول بعيدة المدى أو في النهوض بالاقتصاد الوطني نهضة سليمة وصحيحة ومستمرَّة.

يبقى أنّ الأرقام التي قدَّمتها الحكومة لا تضاهي، بطبيعة الحال، الخسائر البشرية المتواصلة بسبب جائحة كورونا، لكن هل تعرفون ما هو الأصعب؟ أننا، ومع صرف تلك الملايير وتكبُّد كل هذه الخسائر، مازلنا نحصد المزيد من الضحايا نتيجة قلة الوعي هنا، أو التفاوت في مدى الاستجابة لإجراءات الحجر الصحي هناك.. فما نفع الملايير حين تسقط الأرواح؟ وما فائدة بناء الجدران مع فقدِ الإنسان وخراب الأوطان؟!

مقالات ذات صلة