الرأي

“كوفيد 19”.. هل هو مؤامرة ضد الدّين؟

محمد سليم قلالة
  • 2893
  • 9
رويترز
صورة من صندوق الاستثمار المباشر الروسي لعينة من لقاح كوفيد-19 يوم 6 أوت 2020

هناك فرضية تقول إن وباء “كوفيد 19” هو بالدرجة الأولى مؤامرة ضد الدين بشكل عام والإسلام بشكل خاص. لم تتوقف شعيرة الحج منذ بزوغ فجر الإسلام إلا بسببها، ولم يتم تشتيت الصفوف المتراصة للمسلمين أثناء الصلاة إلا بسببها، ولم يتم تعليق صلاة التراويح إلا بسببها… إلخ، أي أنه تم تجميد ولأول مرة عبر التاريخ كل شكل من أشكال التدين التي تقوم على مبدأ الجماعة، عند المسلمين أو عند غيرهم. إلا أن المسلمين كانوا الأكثر تضررا؟ هل هي فرضية صحيحة؟ لنختبر ذلك:

كان عدد المسلمين في سنة 1800 (90 مليونا) حسب التقديرات الغربية (PewResearch Center، globalstats.net،The Future of World Religions… الخ)، مقابل 205 مليون للمسيحية و108 مليون للهندوس و9 ملايين لليهود… أي أن الديانة الإسلامية كانت تحتل المرتبة الثالثة عالميا، والرابعة إذا ما حسبنا أتباع ما يُعرَف بالطقوس الشعبية الذين كانوا في تلك الفترة يحتلون المرتبة الأولى بـ320 مليون… وجاءت التوقعات المستقبلية في السنوات الأخيرة تقول انطلاقا من عدد من المؤشرات فإن الإسلام سيُصبح الديانة الأولى في العالم بعد 50 سنة من الآن، أي في حدود سنة 2070 متفوقا على المسيحية لأول مرة في التاريخ،  بل وعلى جميع أشكال التدين الأخرى … في هذه السنة سيُصبح عدد المسلمين 3.42 مليار نسمة ويستمر في التصاعد بعد ذلك، أما عدد المسيحيين فسيستقر في حدود 3.4 مليارولن يزيد إلا ببطء، أما عدد اليهود فسيتناقص في هذه السنة ليصل إلى 8.17 مليونا فقط بعد أن يكون قد خسر أتباع الديانة اليهودية 310 ألف في حدود سنة 2050، (وهو رقم كبير مقارنة بالعدد الإجمالي لأتباع هذه الديانة نحو13.86 مليون  في 2010)…

وإذا ما اختبرنا مدى صدقية المؤشرات التي تم بناء التوقعات على أساسها فإننا سنميل إلى تأكيد هذه التوقعات:

ـ مؤشر انعدام تحول المسلمين نحو ديانات مقارنة بالديانات الأخرى (خسارة المسيحية لـ106 مليون في حدود سنة 2050 حسب PewResearch Center  وخسارة اليهودية كما سبق ذكره… توقع أن يفقد المسيحيون في فرنسا مثلا الأغلبية لأول مرة في تاريخ هذا البلد سنة 2050، حيث سيشكلون 43 بالمائة فقط من إجمالي عدد السكان مقارنة مع غير المتدينين 44 بالمائة والمسلمين 11 بالمائة).

ـ مؤشر ارتقاع نسبة الخصوبة عند المسلمين (3.1)لكل امرأة، وانخفاضها عند اليهود (2.3)، و(2.7 )بالمائة عند المسيحيين، كما أنها الأضعف عند غير المتديِّنين.

ـ مؤشر الجغرافية الاقتصادية المرتفع بالنسبة للمسلمين، حيث إن الطلب على اليد العاملة المسلمة يزداد في كافة القارات (الكفاءات، اليد العاملة الرخيصة، الهجرة غير الشرعية، المرافقة الاقتصادية “الحلال” كما يحدث في البرازيل مثلا…الخ، بما يعني انتشارا أوسع مقارنة مع اللائكية التي لن تبقى سائدة سوى في أوروبا (انظر دراسة europeanvaluesstudy.eu).

ـ مؤشر شباب المجتمعات المسلمة نحو 70 بالمائة.

ـ مؤشر بداية تحسن الأوضاع الاجتماعية والصحية في العالم الإسلامي مقارنة مع الحقب السابقة.

هذه المؤشرات وغيرها مما لا يسمح المجال هنا لتفصيله، تؤكد أن الديانة الإسلامية، ستخسر على الأقل أكثر من غيرها نتيجة الاحترازات الصحية المرافقة لـ “كوفيد 19″، سواء أكان ذلك مؤامرة أو نازلة من النوازل، وأنه على المسلمين التفكير بجد في أساليب مُبتكَرة للتكيف معها أو مع غيرها من الأوبئة القادمة، بما لا يضر دينهم ودنياهم، وقبل ذلك علينا جميعا التفكير بجد في كيفية تحويل التفوق الكمي المرتقب إلى تفوق نوعي مطلوب، لأنه وحده الذي سيمنَع وقوعنا في الغثائية ويُحبِط أي مؤامرة، إِنْ وُجِدت…

مقالات ذات صلة