جواهر

كوني خيارهم الأول..

جواهر الشروق
  • 2922
  • 1

أمهات كثيرات في الوقت الحاضر أصبحن ينشغلن عن أبنائهن بالجلوس أمام الفيسبوك لساعات طويلة، أو بالدردشة مع الجارات في مواضيع مختلفة، أو بالأسواق بحثا عن جديد ماركات الموضة والماكياج وغيرها من الأمور.

وتتناسى الواحدة منهن أنها مسؤولة عن تربية أبنائها، فلا تهتم بشؤونهم ولا تحاول التقرب منهم، بل ولا تعرف أحوالهم، ولامستجداتهم، ولا تلاحظ تغيرات مزاجهم، خاصة بعد بلوغهم سن المراهقة، ذاك السن الحرج الذي يحتاج إلى رعاية خاصة..  

غفلة الأهل عن أبنائهم تجعلهم فريسة سهلة في أحضان الصحبة السيئة، التي تأخذهم إلى الضياع، فكم من شاب ضيعه أصحابه في مستنقع المخدرات والجرائم لأنه لم يجد من يسمعه في بيته، وكم من شابة ضيعت شرفها لأنها وثقت في فتيات ظنت أنهن صديقاتها ولا يردن لها إلا الخير، ولمّا ائتمنتهن على أسرارها أسقطنها في الهاوية!!!

لم أيتها الأم لا تكونين أنت الصديقة لأبنائك؟.. لم لا تشجعين هواياتهم وتشاركينهم أسرارهم وأحلامهم؟.. لم لا تبقين باب الحوار دائما مفتوحا لهم، وتكونين لهم المرجع في كل شيء؟.. لم لا تكلمينهم كصديقة متفهمة ناصحة تريد الوصول معهم إلى حل للمشكل؟.. لم لا توسعين من طبيعة المواضيع التي يمكن أن تطرح للنقاش، بدلا من أن تكوني متعصبة لرأيك؟..

إن المشاجرة عن كل صغيرة وكبيرة، والإكثار من الممنوعات، وتضييق مساحة الحوار  يدفع بالأبناء إلى البحث عن أشخاص آخرين يسمعونهم بدل أوليائهم، وهنا قد تكون الكارثة وتصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، إما في السجون أو في أوكار الرذيلة والمخدرات، أو حتى الموت انتحارا كما تبين الأحصائيات الأخيرة!!

رسالتي التي أود إيصالها إلى كل أم، أن تحاول إزالة ذاك الجدار العازل الذي بنته بينها وبين أبنائها، وأن تستعيد ثقتهم، وتحتويهم، وتردهم إلى سرب العائلة قبل فوات الأوان،  وقت لا ينفع الندم وتقول يا ليتني فعلت كذا وكذا.. رسالتي أن تحاول الابتعاد عن الطريقة التقليدية في التربية فلكل جيل طريقة خاصة  به، ومن الخطأ تربية النشء كما تربى السلف..

يقول البشير الإبراهيمي: “للجيل الآتي علينا حقوق أولية مؤكدة، لا تبرأ ذمتنا منها عند الله إلا إذا أديناها كاملة غير مبخوسة، وملاك هذه الحقوق أن نعدّهم للحياة على غير الطريقة التي أعدّنا بها آباؤنا للحياة” فحاولي شد العصا من الوسط فلا تشددي ولا ترخي، وتذكري أن أبنائك أمانة في عنقك ستحاسبين عليهم..

في النهاية نحن لا نوجه أصابع الاتهام للأم وحدها عن ضياع الأبناء ولا نحملها المسؤولية، ولكن نتحدث من باب أن علاقة الأبناء بالأم عامة أقوى من علاقتهم بالأب وهذا له علاقة كبيرة بالتركيب الجسمي للإنسان، فما يمكن أن يحكية الأبناء للأم لا يمكن إطلاع الأب به،  فكوني أما مثالية لأبنائك ومكمن أسرارهم وحافظي عليهم وهم صغار ليحفظوك عند الكبر.

مقالات ذات صلة