-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
النقد واللوم والتقريع..

كيف تصيب طفلك بلعنة المثالية والميول الانتحارية؟

ليلى حفيظ
  • 780
  • 0
كيف تصيب طفلك بلعنة المثالية والميول الانتحارية؟

نتوق جميعا إلى نجاح أولادنا وتفوقهم على جميع الأصعدة. لكن، تختلف طريقة كل منّا في كيفية دفع أبنائه نحو ذلك. فهناك من يعتمد أسلوب التشجيع والمساندة. في حين، هناك من يعمد إلى كثرة اللوم والنقد والتقريع. الأمر الذي ينتهي بالطفل إلى الإصابة بداء المثالية، الذي يُعد من الاضطرابات النفسية، التي تصيب المراهقين والشباب بالاكتئاب والقلق والميول الانتحارية.

الكل أو اللاشيء

المثالية perfectionism، هي هوس أو سمة شخصية تعني رغبة الشخص وسعيه الدائم نحو الكمال، والخلو من الأخطاء والعيوب، مع تقييم قاس للذات ونقد دائم لها، ما يجعل المثالي غير سعيد في حياته، لأنه يركض خلف الكمال الذي لن يصله أبدا. ولقد صنّف علماء النفس المثالية كأحد الأمراض النفسية، التي لا تقل خطورة عن الوسواس القهري، لأنها تسبب القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل والرغبة في إيذاء النفس والميول الانتحارية.

انتقادات الآباء سبب في انتشار هوس المثالية

كشف بحث لجامعتي بينغهامتون وستيت في نيويورك، أن الأطفال لآباء كثيري النقد أظهروا انتباها أقل لتعابير الوجه العاطفية. الأمر الذي يمكن أن يؤثر لاحقا على علاقتهم بالآخرين، ويعرضهم للاكتئاب والقلق. كما أكد علماء النفس أن أسلوب النقد واللوم والتقريع سوف لن يدفع الأبناء إلى تحمل المسؤولية والاستقلالية، بقدر ما سيعرضهم للضغوط العاطفية والمخاوف، ويدفعهم إلى السعي وراء المثالية والكمال لإرضاء آبائهم وتجنبا للنقد.

كما حللت دراسة أجريت عام 2022، بيانات أكثر من 20 ألف طالب من جنسيات أمريكية وبريطانية وكندية. فكشفت استفحال المثالية بشكل كبير بين المراهقين والشباب. وهذا، بسبب توقعات الآباء وانتقاداتهم لأطفالهم التي زادت بشكل كبير، على مدار 32 سنة الماضية، بمعدل 40 بالمئة، أدت إلى انتشار ثلاثة أنواع من اضطرابات الكمالية بين الطلاب: المتمحورة حول الذات، المتمحورة حول الغير، المثالية المفروضة اجتماعيا.

الكمالية تدفع الأطفال والشباب إلى الانتحار

وإن كان سعي هؤلاء الأطفال والشباب لاحقا للمثالية سينعكس بشكل إيجابي على حياتهم الدراسية والمهنية، إلا أنهم قد يدفعون ثمنه من صحتهم النفسية والعقلية. فيصابون بالقلق والاكتئاب والتفكير في الانتحار. إذ أظهرت دراسة حديثة أن نسبة كبيرة من المنتحرين من الأطفال والشباب كانوا ممن يسعون لتحقيق توقعات آبائهم وأمهاتهم. كما أن 70 بالمئة ممن انتحروا من الشباب كانوا يُثقلون كاهلهم بتوقعات عالية جدا حول أنفسهم.

نقد بنّاء لا هدّام

ولتجنيب أطفالنا كل ذلك، ينصح الخبراء الآباء بالابتعاد عن النقد الهدام، الذي يهدف إلى تصيُّد الأخطاء وإبراز العيوب. وإن كان ولابد من الانتقاد لتقويم سلوك الطفل، فليكن نقدا هادفا بناء، خاليا من الفظاظة واللوم والتقريع، مع التأكيد للطفل أننا نحبه حبا غير مشروط، والاهتمام بصحته العقلية والنفسية أكثر من الحرص على تفوقه الشامل على كل الأصعدة، مع الالتزام بالتوقعات المنطقية المعقولة وممكنة التحقيق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!