-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نجم الدراما السورية بسام كوسا لمجلة الشروق العربي

كيف يكون عالمنا مليئا بالمشكلات وأعود إلى الماضي.. كفانا فخرا بماضينا

طارق معوش
  • 1346
  • 0
كيف يكون عالمنا مليئا بالمشكلات وأعود إلى الماضي.. كفانا فخرا بماضينا
تصوير: سامر داوود

هواجس إبداعية عديدة عاشها الفنان السوري، بسام كوسا، قبل أن يحسم أمره، ويختار فن التمثيل مهنة له. فبين بوح التشكيل الذي درس فنونه والقصة القصيرة التي كان يجترح فيها مواجعه الإنسانية، ومن ثم الرغبة في تحقيق منجز إخراجي مسرحي وآخر سينمائي، طاف بين العديد من منابر الإبداع؛ نحاتا فممثلا فقاصا فمخرجا، ثم هاويا..

لا يختلف اثنان في كونه قامة فنية سامقة، شكّل وجودها حضورا هاما في حركة الفن السوري. قدّم أعمالا في المسرح والسينما والتلفزيون، وأسهم في إنجاح الكثير من الإنتاجات المحلية والعربية. إنه الفنان متعدّد المواهب، بسام كوسا، الذي التقت به “الشروق العربي”، فكان هذا الحوار عن بعض تفاصيل حياته الفنية.

الشروق: بعد كل هذا العطاء والنجاح الكبير، إلا انك دائما تصرح بأنك هاوٍ.. ما السبب؟

– ولا أزال في فن التمثيل هاويا. فروح الهواية يجب أن تبقى موجودة عند كل مبدع، لأنها تقدّم حالة الشغف، والاستكانة لفكرة الاحتراف تعطي نوعا من الاسترخاء. أما الهاوي، فهو شغوف دائما، أنا محترف هاو في فن التمثيل.

الشروق: ما الشخصية التي تعتز بأدائها؟

– لا أعتز بأداء شخصية محددة، إنما كل الأدوار التي قمت بها، سواء في الدراما أم السينما، وفي المسرح أيضاً. فأنا على المستوى الشخصي نتاج لهذه الأدوار كلها. ولذلك، أنا مدين لها، ولكل صنّاعها، لأنها قدمت لي خدمات جليلة على المستوى الإنساني. فهي التي جعلت الناس تحبني وتحترمني، وتقدرني وتقابلني بالأحضان في أي مكان أذهب إليه.

الشروق: قلت لي، قبل أن نبدأ الحوار، إنك لا تحب الأعمال التاريخية. ما السبب؟

– لأنني لا أحب التغني بالماضي وأمجاده، وتضييع العمر في الأوهام، وأفضّل إعطاء الأولوية لحاضري ومستقبلي، فكفانا فخرا بماضينا وبتاريخنا، لأننا ضعنا.. فكيف يكون عالمي العربي مليئا بالمشكلات وأعود إلى الماضي؟ أليس هذا هروباً من الواقع ومن حكامنا؟

الشروق: ما تقييمك للدراما العربية؟

– الدراما العربية تدور، للأسف الشديد، في دائرة محدودة ولا تخرج منها، وتستخدم أدوات التعبير وآلية التفكير القديمة، ما يؤكد أننا في حاجة إلى اختراقات في آلية وطريقة العمل، سواء في النص أم الإخراج، أم في الأداء التمثيلي، حتى نخرج من السبات الفني.

أرفض لقب نجم، ومهنتنا أساسا فيها غبار ودخان يخفيان الحقائق

الشروق: ولكن التغيرات التي تحدث في العالم العربي قد يكون لها انعكاس على الفن؟

– ما من شك في ذلك، لكن لا يمكن استقراء الواقع والمتغير بشكل علمي صحيح، فنحن لم نرَ حتى الآن أغنية من الأغاني التي خرجت بعد أي ثورة تعبّر بشكل حقيقي عن الثوار، الذين لا مثيل لهم في تاريخ العالم، رغم أن ثورات العالم العربي، أيام زمان، عبّرت عنها الأغاني والأفلام بشكل فني هائل، كوردة الجزائرية مثلا، التي أبدعت في أغاني الثورة، وأم كلثوم وغيرهما، ومازلنا حتى اللحظة نردد الأغاني ونستمتع بمشاهدة الأفلام.

الشروق: على ذكر وردة الجزائرية.. منذ سنوات، رفضت دور الموسيقار بليغ، ما السبب؟

– لم أقرأ النص، ولكنني شاهدت عدت أعمال تروي قصص حياة فنانين. ودائما، الكاتب يصور الشخصية على أنها ملاك، تحس وأنت تشاهدها بأنه سوف يشع منها نور بعد قليل.. ملخص القول، لا أجد تشابها بيني وبين بليغ حمدي بالشكل، ولا قدرة لدي على مسك العود، وأعتقد أن هناك من هو أفضل مني لتجسيد شخصية الموسيقار.

الشروق: ربما الكاتب أو شركة الإنتاج اقترحت عليك الدور للنجومية الكبيرة التي تتمتع بها في العالم العربي؟

– أولا، أرفض كلمة النجومية. أضف إلى هذا، فكرة النجم يساء فهمها في حياتنا، أدعي أنني متصالح مع نفسي وعندي من الاستقرار ما يجعلني أقول إنني، من وقت مبكر جدا، عزمت على ألا أكون نجما، بل أسعى لأن أكون ضروريا. وهناك فرق هائل بينهما.. أن تكون ضروريا، فهذا يعني أن عليك أن تطوّر من أدواتك، وبالتالي، تصبح ضروريا.

الشروق: في رأيك، ماذا يعني نجم؟

– النجم مفهوم فيه استكانة وتخدير ووهم، ومهنتنا أساسا فيها غبار ودخان يخفيان الحقائق. لذلك، هي مهنة إشكالية.

مهنتنا مهنة تجريب ومعظم الفنانين ماتوا وهم مازالوا في حالة التجريب

الشروق: أفهم من كلامك أن بسام كوسا مازال في مرحلة التجريب؟

-طبعاً، فمهنتنا مهنة تجريب، ومعظم الفنانين في العالم ماتوا وهم مازالوا في حالة التجريب.. وسأبقى إلى أن أموت في مرحلة التجريب. ولو قام الممثلون العباقرة عبر التاريخ، بإلغاء قضية التجريب من أذهانهم، لكان التمثيل انتهى عندهم بالتأكيد!

الشروق: في رأيك، هل تمكنت التجارب الشبابية من تقديم شيء مختلف وخاص، أم إن الفرادة أصبحت عملة نادرة في هذا العصر، في ظل ابتلاع التسويق وشروط الإنتاج لكل المواهب، كما يقول النقاد؟

– أنا مؤمن بمن هم قادمون.. فالجيل الشاب هو الهدف، وهو الذي يقول ما لم يستطع غيره أن يقول. ولكن، عندما نجد التجارب الشبابية فقط للدعاية والإعلان، يفترض أن نشير إلى هذا الأمر، كي نحافظ على الدقة المطلوبة في التوصيف!..

الشروق: مرت فترة، اعتدنا فيها أن نراك كثيراً في أعمال الشر، ومنها مسلسلات بيئة شامية أو اجتماعية.. ألم تخشَ النمطية وتأثيراتها على تجربتك الفنية بشكل عام؟

– الأدوار لم تكن متشابهة، إنما الذي يجمعها نقطة واحدة هي الشر. وبالتالي، لم تكن نمطية.. الشر قيمة إنسانية يجب التعامل معها، وهي قيمة موازية للخير ومحرك حيوي للحياة.. ما يأخذ تفكيري دائماً، ألا أكرر طريقة العمل في أي دور يمكن أن أؤديه!

الشروق: بسام كوسا، الفنان التشكيلي، ما الأثر الذي تتركه ريشته على خط سير بسام كوسا الممثل؟

– درست الفن التشكيلي، ولم أدرس التمثيل والفن التشكيلي. فأنا بكالوريوس فنون جميلة، وتخصصت في النحت، وقدمت لي هذه الدراسة خدمات جليلة في بناء الشخصية، على المستوى الخارجي والشكلي، والفن الدرامي فيه عدد كبير من الفنون، فيه النحت والموسيقى وكذلك الفن التشكيلي.

الحضارات والشعوب، لن تبنى إلا بمبدإ التسامح والغفران.. يجب أن نعلم أنفسنا التسامح

الشروق: وهل تصريحاتك الجريئة لديها علاقة بعالم الريشة والألوان؟

– الحرية هي موقف من الدنيا، هي تربية ولا تأتي بقرار، والحرية لها شروط يجب ألا تكون مفتوحة على احتمالات غير منطقية، تضعنا أمام مسؤوليات. هي ليست كلمة مجردة، هي مسؤولية.

الشروق: ضمن معادلة هجرة نجوم الدراما السوريين إلى أعمال لا تشبه الواقع السوري، وفي ظل تراجع حضور الأعمال السورية على الفضائيات العربية، وفي ظل الهجمات التي تنال من الأعمال الجيدة… في ظل كل هذا، أين يجد بسام كوسا نفسه؟ وماذا يمكن أن يفعل إزاء كل ذلك؟

– كل من عمل في أعمال درامية خارج سورية، هذا حقه الإنساني والمهني والشخصي. ومن المعيب سؤاله عن ذلك، فلا يستطيع أحد أن يفصّل الناس على مقاسه، وكل ما نفعله اليوم وفي جميع القطاعات، هو الدفاع عن الحياة..

الشروق: لماذا لم يغادر بسام كوسا سوريا؟

– المسألة ليس فيها استعراض واستشراف.. أنا لا أريد الخروج، فهذا بلدي، ومن يرد أن يغادرها فليغادر.. فيوماً بعد يوم، تكشف للعديد أن المسألة أكبر وأخطر من تصوراتهم، فما شن على سورية من مخططات أدت إلى دمار كبير، لم يكن هدفه سوى تمزيق هذا البلد، وضرب بنيته كاملة.. لذلك، أدعو الجميع (بتواضع كبير) إلى أن يعيدوا حساباتهم وطريقة تفكيرهم.. على العموم، فإن الحضارات والشعوب لن تبنى إلا بمبدإ التسامح والغفران.. يجب أن نعلم أنفسنا التسامح والغفران، رغم كل ما مرّ بنا.

بطاقة فنية:

– بسام كوسا من مواليد 07 نوفمبر 1954

– تخرج من كلية الفنون الجميلة، في قسم النحت، بالإضافة إلى كونه ممثلا ومخرجا مسرحيا. عمل في بدايته في المسرح الجامعي ثم في المسرح القومي، وشارك في العديد من لجان التحكيم في المهرجانات السينمائية، وحاز العديد من الجوائز، منها جائزة أدونيا لعام 2005، عن مسيرته الفنية الطويلة، وعن مجمل أعماله السابقة.

ويعتبر من الفنانين السوريين المخضرمين، منذ بداية مسيرته الفنية، ولعب دوراً مهما في مسلسل باب الحارة، وكان دوره مميزاً فيه.

– أدواره

اشتهر بأدواره الشريرة؛ ففي مسلسل باب الحارة 1 لعب شخصية “الإدعشري”. وفي مسلسل ليالي الصالحية شخصية “المخرز”، وفي مسلسل بيت جدي شخصية “صبري أفندي”، وفي الحوت شخصية “أسعد”، وفي مسلسل طاحون الشر شخصية “عاصم بيك”، وغيرها من الأدوار الشريرة التي تميز فيها. لكن هذا لم يمنعه من أن يحترف كل من الشخصيات الطيبة والاجتماعية، يقدر أن يتمتع بشخصية الإنسان ذي الخلق الحسن والمنطق الرائع، فهو بطبيعته كذلك، فأحبته الناس في مسلسل الخوالي بدور “نصار بن عريبي” وفي شخصياته الكوميدية الكثيرة، أهمها أدواره في الفصول الأربعة وحارة ع الهوا وضبو الشناتي

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!